قال الرئيس سعد الحريري في تعليق مقتضب على تصريحات الرئيس ميشال عون إن الرسالة وصلت، ويقصد بذلك دعوة عون له بالإنسحاب و"الإعتذار الشجاع"، وهي في الواقع الرسالة التي تلقفها الحريري جيدا، مؤكداً برده المقتضب أن لا داعي للرد، إنه لن يعدل عن موقفه، ولن يحرجه الكلام الرئاسي ليخرجه، وهو الذي أرسى قبل أيام، وفي ذروة التصعيد بين الرجلين، معادلة الخروج الثنائي وفق مقايضة لا حريري في السرايا مقابل لا عون في بعبدا.
الحريري في رده سأل الله الرأفة باللبنانيين، ما يؤشر الى قتامة المرحلة المقبلة وخطورتها، خصوصاً إذا ما عطفت عليها التحذيرات الشديدة الوطأة للرئيس نبيه بري خلال الجلسة العامة أمس والمحذرة من "تايتانيك" لبنانية تُغرق الجميع
من دون إستثناء. وهو موقف جاء غداة كلام رئيس الجمهورية، وكأن بري تلقف مبكراً الرسالة الرئاسية للحريري، ولما ترتبه في المرحلة المقبلة، على قاعدة أن الآتي أعظم والدعوة لله لأن يترأف باللبنانيين، نظراً الى خطورة وقساوة ما ينتظرهم.
أوساط قريبة من "بيت الوسط" قرأت في كلام رئيس الجمهورية إمعاناً على ذات المنحى الإستفزازي ومحاولة
متواصلة لإحراج الرئيس المكلف فإخراجه، وهذا ما لن يحصل على الإطلاق مهما بلغ حجم الإفتراء وتزوير الحقائق.
وبحسب هذه الأوساط، إنه خلافاً لما قيل عن إصرار الرئيس المكلف على تسمية الوزراء المسيحيين، فإن رئيس الجمهورية يعرف تماما أن هذا الأمر غير صحيح ، إضافة الى أن تأكيده على أنه لا يريد الثلث المعطل للحقيقة. ورئيس الجمهورية نفسه يؤكد على تمسكه بالثلث المعطل في ما نُقل عنه بالأمس حينما يقول إنه يريد تسمية
الوزراء المسيحيين، من غير الأرمن، مصنفاً حزب الطاشناق بأنه مستقل. ربما هو يتناسى أن حزب الطاشناق جزء من تكتله النيابي.
في المقابل، حاولت أوساط بعبدا "تلطيف" تصريحات الرئيس، وأشارت الى ان موقف الرئيس ليس تحدياً للرئيس المكلف وإنما تصويباً لعمله وتذكيره بضرورة الإلتزام بالصلاحيات الدستورية، من تقديم تشكيلة تراعي التوازن ووحدة المعايير ليناقشها بصيغتها كاملة مع رئيس الجمهورية. وشددت على أن أكثر المتضررين من عدم وجود حكومة هو رئيس الجمهورية الذي لا يرغب أبداً في إنهاء عهده بحكومة تصريف أعمال.