إنشغل الوسط السياسي والرسمي بلقاء غير معلن بين سفير خادم الحرمين الشريفين وليد البخاري وبين مستشار
الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي يوم الجمعة، لم تُعرف تفاصيله بسبب تكتّم الطرفين حوله. لكن مصادر
متابعة تؤكد أن عون أوفد جريصاتي من ضمن مسعاه لإحداث خرق في الجدار الحكومي ولاستيضاح حقيقة الموقف السعودي، وبالتالي يجب رصد حركة السفير السعودي خلال اليومين المقبلين، لتتضح وجهة التحرك وما إذا كان سيقوم بأي إتصالات بشأن الحكومة، ولتتضح صحة المعلومات المتناقضة عن الموقف السعودي من تشكيل الحكومة، والذي يتأرجح بين رفضها تغطية أي حكومة يشارك فيها حزب الله وبين أنها لا تتدخل في شأن تشكيل الحكومة وتترك الأمر للبنانيين، وحيث تنقل أوساط تواصلت مؤخرا مع السفارة السعودية خلاصة مفادها أن "المملكة غير معنية بالأسماء في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وما يهمها هو تشكيل حكومة لبنانية يمكن التعاطي معها، وأن المملكة على مسافة واحدة ومنفتحة على كل الأطراف". وهذا الكلام تؤكده جولات سفير المملكة المتواصلة واستقبالاته والأجواء التي يخرج بها من يلتقيه من المسؤولين، لناحية الجو الإيجابي وإبداء المرونة والتواصل مع كل الأراف وتثمين التوصل الى تشكيل حكومة بأسرع ما يكون.
أرادت بعبدا فتح صفحة جديدة مع المملكة، فصوبت الإختيار على جريصاتي المقرب من حزب الله، في رسالة الى
ّ الحزب بأن هذا الإنفتاح لن يكون على حساب التحالف معه. وفي هذا الإطار ، يقول مصدر سياسي مطل على ما يجري
بين الطرفين: هذه الزيارة الفجائية لم تكن سوى محاولة إلتفاف على الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي يمر بعلاقة
سياسية سيئة مع السعودية. ولا شك في أن هذا اللقاء ينطوي على رسائل إلى الحريري، الذي لم يلتق البخاري حتى
الآن...
لكن زيارة جريصاتي لم تصل الى مبتغاها السياسي، بل إقتصر دورها فقط على إذابة الجليد بين بعبدا والرياض، لأن
العلاقة بين الطرفين سبق أن حددها الملك سلمان، عندما اعتبر بأن حزب الله يهيمن على القرار اللبناني، مطالبا بمناقشة ما يقوم به الحزب في سوريا والعراق واليمن، إضافة الى ضرورة تطبيق لبنان سياسة النأي بالنفس، الى جانب ألا يكون منصة حكومية تنطلق منها سياسات عدائية ضد المجتمعين العربي والدولي، وغيرها من الشروط التي لا تزال تراوح مكانها في ما يخص تحالف عون مع حزب الله، والتشكيلة الحكومية وشروط المساعدات والى ما هنالك. ورأى المصدر أن بعبدا تشجعت على الإنفتاح نحو الرياض، بعد إتصالات قام بها البخاري مع جنبلاط وفرنجية، لذا أراد العهد والتيار الوطني الحر فتح صفحة جديدة معها، وحيث تشير معلومات الى أن أهم ما انتهت إليه زيارة الموفد الرئاسي، تعهّد عون والتيار الوطني الحر بوقف الحملات الإعالمية على السعودية والتضامن معها في الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها.
منذ عودة السفير البخاري، لوحظ أن هناك تغييرا في أدائه ونمط تعاطيه ودرجة إهتمامه، بحيث تم الإنتقال الى
سياسة الأبواب المفتوحة، وجرى تكثيف النشاط وحركة الإتصالات واللقاءات، ولكن السعودية، حسب مصادر مقربة من السفارة، ما زال لديها عتب كبير على الحلفاء قبل الخصوم. فالخصوم معروفة مواقفهم. أما الحلفاء الذين يتضاربون في ما بينهم ويتعارضون، فهم الذين يدفعون السياسة السعودية إلى الإنكفاء، خصوصا أن هناك من ي صرّ على التعاطي مع السعودية وفق سياسة "القطعة" أو المفرّق. وهذا منطق لا ينطبق على منطق الدولة. وعلى اللبنانيين أن يتأكدوا من أن السعودية أصبحت في مرحلة متطورة جدا ومتقدمة، ولم يعد يجدي التعاطي معها كما في السابق: ملفات متفرقة ومطالب مشتتة ومصلحة آنية فقط.
تنقل مصادر أن المعاون السياسي لألمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، وفي آخر مسعى للحزب على خط تحسين العلاقة بين الحريري وباسيل عرض اجتماعهما للتفاهم مجددا، فكان جواب الحريري النهائي: "لا أريد أن أسمع به أو مقابلته"، وقد فشلت بالفعل مساعي الكثيرين لترطيب العالقة بينهما ليفاجئ الحريري الجميع باشتراط نيل حكومته ثقة التكتل النيابي للتيار الوطني الحر في الحكومة.