قائد الجيش والبلاغ "ما قبل الرقم واحد"
اليرزة، حيث مقر قيادة الجيش، كانت هي مركز الحدث أمس و"الكلام الكبير" الصادر عن قائد الجيش العماد
جوزف عون هو التطور أو المعطى الجديد الذي اقتحم المشهد و"المعادلة"، ولا بّد أن يؤخذ بعين الإعتبار عند أي بحث
في احتمالات وخيارات وسيناريوهات المرحلة المقبلة...
خرج قائد الجيش عن صمته، وهو من يوصف بـ"الصامت الأكبر". تخلّى عن إعتبارات وشكليات تحكم أداءه وتقيّد
سلوكه. توجه الى كبار الضباط في اجتماع إستثنائي ضم أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى واألفواد المستقلة، بكلام
إستثنائي، ومن خلالهم خاطب الشعب متماهيا مع همومه ومعاناته، وخاطب الطبقة السياسية الحاكمة محذرا ومنبّها
رافعا الصوت والنبرة... لا يوحي العماد جوزف عون في كالمه أنه في صدد خطوة "إنقلابية" لقلب الطاولة على الجميع
وأخذ زمام المبادرة وتول مهمة الإنقاذ إستجابة لضغوط ومناشدات الشعب والرأي العام، وفي مواجهة أزمة مصيرية
باتت تهدد الكيان ووصلت الى المؤسسة العسكرية... ما يوحيه هذا الكلام ويعنيه أن الجيش لا يوافق على مسار الأمور
ولا يجاري السلطة السياسية في ما تفعله وفي طريقتها لإدارة الأمور، وليس مستعدا لأن يكون في تصرفها وخدمتها
وجزءا من الصراعات والتجاذبات الدائرة بين أقطابها، ولا أن يكون في خدمة أي طرف من أطرافها.
يعرف العماد عون أن ما يجري ليس سوى معركة سياسية لا يريد أن يكون الجيش وقودا فيها، ولا يريد التدخل كي
لا يحترق... وبهذا المعنى، فإن بيان قائد الجيش ليس البلاغ رقم واحد، وإنما "ما قبل البلاغ رقم واحد"، ويمكن وصفه
بـ"الإنذار الأخير"، انطلاقا من واقع تعانيه المؤسسة العسكرية، ولا يمكن وضعه في إطار حسابات سياسية وسيناريوهات عسكرية على النحو الذي يذهب إليه البعض، أن في اعتبار أن جوزف عون يعمل وفق حسابات رئاسية أو في رد الإعتبار الى معادلة "الجيش هو الحل"، بدءا من تحويل المجلس العسكري الى حكومة إنتقالية.
ٍفي الذكرى السنوية الرابعة لتوليه قيادة الجيش ( ُعيّن في هذا المنصب في 8 آذار 2017 ،) وفي خطاب ثان عاليالنبرة بمضمون سياسي (الخطاب الأول كان في صيف 2019 خلال زيارته متحف الرئيس فؤاد شهاب) أقر العمادجوزف عون بأن المؤسسة العسكرية تواجه أزمة. وهذه الأزمة متأتية من سببين وعاملين أساسيين: الأول يرتبط بحالة البلبلة والتململ وانخفاض المعنويات نتيجة الأزمة الأقتصادية التي دمرت البلد وأفقدت المودعين أموالهم وأفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، والجيش هو جزء من هذا المجتمع، والعسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب... والسبب الثاني يتأتى من الطبقة أو السلطة السياسية التي يخضع الجيش لقرارها السياسي، والتي تسيء معاملته والتعاطي معه في عدة مجالات ذكرها العماد عون ومنها:
خفض متكرر لموازنة الجيش لها التي لم تعد متناسبة مع المهام الكثيرة الموكولة إليه والأعباء التي يتحمل.
- المس، قولا وفعلا، بحقوق العسكريين، ما يؤثر على معنوياتهم ويزيد من معاناتهم في ظل أوضاع ضاغطة...
- محاولة التدخل في شؤون الجيش الداخلية والتشكيلات والترقيات، وحتى في مسار المؤسسة العسكرية.
صرخة مدوية أطلقها قائد الجيش في وجه أهل السلطة والسياسيين وجهات شنّت على الجيش في الآونة الأخيرة
حملات تشويه وإساءة... ورسالة معبّرة و ّجهها، ومن أوضح ما قاله والأبلاغ تعبيرا: "هناك حمالت سياسية ضد الجيش
لأنهم يريدونه مطواعا بأيديهم و"هالشي بإيامي لا صار ولا رح يصير.