كأن أجندة الأحداث باتت مرسومة، أو موزعة على الملفات المفتوحة، والآخذة بالانفلاش، ما خلا ملف تأليف الحكومة، الذي يحمله الرئيس المكلف سعد الحريري، من بلد إلى آخر، إذ عرض في لقاء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد مع الرئيس الحريري ويحتجزه رئيس الجمهورية استناداً إلى فهم دستوري ما، فلا توقيع، ولا مراسيم، مهما كانت الاعتبارات.
فبعد ملفات الصحة، والكهرباء، وسرقة أموال المودعين، وانهيار سعر مقابل الليرة الدولار، بقي الشارع للناس، من المطالبة بإطلاق موقوفي حراك طرابلس، إلى المطالبة بتطبيق قانون الدولار الطالبي، من قبل أهالي الطلاب الذين يدرسون في الخارج، لئلا ما تعيدهم الجامعات إلى بلدهم، أو يعجزون عن تسديد، ما يحتاجون إليه من أقساط أو مصاريف، أو خلاف ذلك.. جاء دور التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 الماضي، ليضع صورة القضاء على الأرض، ويفتح الباب امام أهالي الضحايا لتحركات مفتوحة في الشارع، وعلى المطالبة بالقضاء الدولي.
الملف الحدث كان أمس، قضائياً، إذ كفت محكمة التمييز الجزائية يد القاضي فادي صوان عن قضية انفجار مرفأ بيروت الذي أحدث صدمة كبيرة، لدى الأهالي والجسم القضائي، والدوائر المعنية، والذي كانت ألمحت إليه «اللواء» في أحد أسرارها يوم أمس، باعتباره لغزاً، يحوم في الأفق، وذلك بعد ستة أشهر من وقوع الانفجار.
وقالت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم انها تبلغت، بالقرار الصادر عن محكمة التمييز الجزائية (الغرفة السادسة تحت رقم 5/2021 تاريخ 18/2/2021، والقاضي بنقل الدعوى المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت من تحت يد المحقق صوان، ورفع يده عنها.
واضافت أنها ستتخذ المقتضى القانوني، عملاً بأحكام المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائرية.
وكان حدث التباس حول الاجتماع، الذي عقد في بعبدا، وضم الرئيس ميشال عون والوزيرة نجم والمستشار سليم جريصاتي، والقاضي غسّان عويدات، تداول في ما يمكن ان يفعل، ومن يحل مكان القاضي صوان.
وسارع المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات إلى التأكيد أن مشاركته في الاجتماع مع رئيس الجمهورية، أتى في إطار متابعة ملف التدقيق الجنائي، وليس للبحث في تنحي القاضي صوان، مشيرا إلى متنحٍ عن الملف، الذي يتم باشراف المحامي العام التمييزي القاضي غسّان الخوري.
وتوقفت مصادر مطلعة عند التطور المتصل بتنحي صوان، وما قد يستتبع هذا الملف قضائياً، وايضا على صعيد تحركات مقبلة لأهالي الضحايا، ولفتت إلى انه ليس معروفا مصير هذا الملف، لجهة مساره المقبل من تعيين محقق جديد أو غير ذلك.
وكان الرئيس عون استقبل الوزيرة ماري كلود نجم حيث تمّ التأكيد على ضرورة الإسراع في التدقيق الجنائي المالي، لا سيما بعد ورود اجوبة مصرف لبنان إلى وزارة المالية.
تميم والحريري والحكومة
على الصعيد الحكومي، ما زال الحراك الخارجي يطغى على المحلي في حلحلة العقد الحكومية، التي تشل البلد والاقتصاد اكثر وتترك لتجار الموت الحرية في مصّ دم المواطن بغلاء الاسعار مع غلاء الدولار. وسجل في هذا الصدد إستقبال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالديوان الأميري صباح امس، رئيس الحكومة المُكلف سعد الحريري. فيما علمت «اللواء» ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم جدد مساعيه لحل عقدتي حقيبتي الداخلية والعدل، عبر تجديد اقتراحه بأن يُسمي الرئيسان عون والحريري 3 اسماء لكل حقيبة يتم اختيار احدها بالتوافق، لكن يبدو ان الامر ينتظر عودة الرئيس الحريري من جولته الخارجية للبت بالامر، علما ان الرئيس نبيه بري سبق وان قدم الاقتراح ذاته على ان يشمل حقائب اخرى غير العدل والداخلية. لذلك ثمة احتمال ان يتوسع مسعى ابراهيم ليشمل حقائب اخرى.
ونفت مصادر رسمية ما تردد عن طرح منح حقيبة الداخلية للرئيس عون مقابل تخليه عن الثلث المعطل او الضامن، وقالت: سبق وأعلن الرئيس أكثر من مرة انه لم يطلب ولا يريد الثلث المعطل إنما وحدة المعايير والتوازن، لكنهم يأخذون الثلث المعطل حجّة لعدم مراعاة هذا المطلب.
وسألت مصادر مطلعة عما هو مقبل على البلد في المرحلة المقبلة جراء انعكاسات رفع سعر الصرف والدعم في ظل غياب الحل السياسي. وقالت المصادر إن السيناريوهات غير مطمئنة ويخشى من تمرير أي إجراء في القريب العاجل قد يفاقم الأمور مشيرة إلى أن كل قرار معلق بإنتظار الحكومة الجديدة والوقت يسابق الانهيار.
وأفادت لـ«اللواء» أن لا قرارات يمكن أن تلجأ إليها حكومة تصريف الأعمال إذا تدهورت الأوضاع وكله بحاجة إلى حكومة تعيد ترتيب الأمور.
في الدوحة، أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل صباح امس بالديوان الأميري، رئيس مجلس الوزراء المكلف سعد الحريري، بمناسبة زيارته للبلاد.
وجرى خلال المقابلة استعراض أبرز المستجدات في لبنان، حيث أطلع الرئيس الحريري الأمير القطري على آخر تطورات الأوضاع والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة.
وفي هذا الصدد، أكد أمير دولة قطر على موقف بلاده الداعم للبنان وشعبه الشقيق، داعيا جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرض لها لبنان. كما تناولت المقابلة عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما تناولت المقابلة عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وبعد قطر، يغادر الحريري إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ويعود بعد زيارتها إلى بيروت، ربما بنهاية الأسبوع.
الانتخابات النيابية الفرعية
واللافت، نيابياً، وسياسياً، الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس نبيه برّي مع وزير الداخلية بحكومة تصريف الأعمال العميد محمّد فهمي، حول ضرورة إجراء الانتخابات النيابية الفرعية، وفقا للمادة 41 من الدستور والملزمة لهذا الاجراء، وأكّد فهمي السير بهذه الاجراء، محددا نهاية آذار المقبل موعدا كحد أقصى.
تفاعل موقف نصر الله
ومع ذلك، تفاعل موقف الامين العام لحزب الله حسن نصر الله الرافض لتدويل الازمة اللبنانية، مهدداً بالقول «ما يمزحوا معنا»، ولافتا الى ان هذا قد يجر الى حرب اهلية، وهو ما اعتبره البعض بانه رد على موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا مرارا الى حياد لبنان وتبع ذلك بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي يعالج الوضع في لبنان. واتى الرد المباشر للبطريرك الماروني على موقف نصر الله وقوله نحن «لا نمزح كذلك في مواقفنا» ليزيد من من حدة التباينات القائمة بين حزب الله وبكركي، ما استدعى حصول اتصالات بعيدة من الاضواء لتطويق ذيول ما حصل ومنع تفاقمه نحو الأسوأ، بعدما اعتبرت مصادر قريبة من بكركي أنه لا يمكن اعتبار الدعوة لمؤتمر دولي لحل الازمة بمثابة استدراج لحرب اهلية، لاسيما وان اكثر من مؤتمر انعقد سابقا بهذا الخصوص لانهاء الحروب الاهلية، منها مؤتمر الطائف على سبيل المثال، في حين أتى مؤتمر الدوحة الاخير لمنع سلاح الحزب من اندلاع الحرب الاهلية التي كانت قاب قوسين او ادنى وقبلها مؤتمري لوزان وجنيف. وقالت المصادر انه كان الاجدى لنصرالله تقديم المساعدة الفعلية لحل الازمة القائمة لتشكيل الحكومة الجديدة والكل يعرف انه بتحالفاته يستطيع ذلك، بدل اطلاق التهديدات يمينا وشمالا، وهي التهديدات التي تزيد من تأزم الامور بدلا من حللتها.
أهالي الضحايا في الشارع
وفور الإعلان عن قرار محكمة التمييز الجزائية، خرج أهالي شهداء انفجار المرفأ إلى الشارع، فور الكشف عن قرار محكمة التمييز الجزائية، بكف يد المحقق العدلي القاضي فادي صوان عن القضية، بدعوى الارتياب المشروع، الذي تقدّم به النائبان في كتلة التنمية والتحرير الوزيران السابقان علي حسن خليل وغازي زعيتر، احتجاجا على ما حصل، محذرين من إضاعة التحقيق بقضية المسؤولين عن التسبب بالانفجار، الذي أدى إلى موت ابنائهم، وازواجهم واقاربهم، وسبب لهم اللوعة، التي أدمت القلوب، الذين كانوا يستمعون إلى والدة إحدى الضحايا، وهي تصرخ، وتعرّي المسؤولين والطبقة السياسية.
وقطع الأهالي الطريق امام قصر العدل، بالاطارات المشتعلة.. مطالبين بتسريع التحقيقات في هذا الملف، الذي ذهب ضحيته أكثر من 200 شهيد وأكثر من خمسة آلاف جريح.
وقال الأهالي: دم الشهداء لا يزال على الأرض، فلا تجعلوا منا قتلة، فنحن مستعدون لأخذ حقنا بيدنا، ومتجهون إلى التصعيد، ابتداء من يوم أمس، مشددين علىعدم الخروج من الشارع، وطالب الأهالي بإبقاء القضية بيد القاضي صوان، وتأمين الحماية له، لأن عندما وضع يده على الجرح كفّوا يده.
وقرر الأهالي نقل قطع الطرقات إلى منازل السياسيين.
ووفقا لمصادر حقوقية، فقرار نقل الدعوى من يد صوان، أصبح في عهدة نجم، التي يمكن لها تعيين بديل، أو الإصرار على المحقق المسحوبة القضية من يده.
ودعا نقيب المحامين ملحم خلف، لإخراج هذا الملف من التجاذب، وقال: أينما وجدت العدالة راح نروح نجيبها.
ورأى التيار الوطني الحر ان: ستة أشهر طويلة، والتحقيق يراوح مكانه، معتبرا ان على القضاء الإسراع في إنهاء الإجراءات اللازمة، لاستكمال التحقيق وإصدار القرار الظني الذي ينتظره اللبنانيون، ببالغ الصبر، افساحا في المجال امام المجلس العدلي لبدء المحاكمات.
الأمن الغذائي
معيشياً، إزاء هذا التدهور، أصدر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي بياناً دعا فيه إلى إنهاء حالة الضياع، التي يعيشها البلد، وتشكيل حكومة تحوز على ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي للبدء بورشة الإصلاح مع صندوق النقد الدولي.
وطالب بحماية الأمن الغذائي للمواطنين.