الملف الحكومي رغم مواصلته الجمود بفعل غياب الرئيس المكلف سعد الحريري حتى نهاية الأسبوع بقيت أوراقه تتحرك داخلياً وخارجياً، خصوصاً مع ملامسة سعر صرف الدولار لسقف الـ 10 آلاف ليرة، والمخاطر المترتبة على المزيد من الارتفاع، والإجماع على أن الملف السياسي يبقى الجواب الوحيد عبر تشكيل حكومة جديدة، وبين وجود الحريري في قطر التي تؤكد مصادر متابعة للملف الحكومي عزمها على لعب دور بتغطية أميركية في ظل غياب سعودي ناجم عن الارتباك والانشغال بما ستؤول اليه العلاقات الأميركية السعودية، وما يرد من بعبدا ونواب التيار الوطني الحر عن مبادرة روسية وراء الباب إذا فشلت المبادرة الفرنسية او لتزخيمها بالتنسيق مع صاحبها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بقيت مبادرة السيد نصرالله كتتمة لمبادرة رئيس مجلس النوب في التداول، بحكومة من 22 وزيراً يسمّي وزير الداخلية فيها رئيس الحكومة من دون استفزاز رئيس الجمهورية، وبدا أن تحريك الانتخابات الفرعية التي يرجّح ان يستفيد منها أكثر من الغير ثنائي الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر ما يتيح اعتبار التقاسم النيابي للمقاعد العشرة الشاغرة جوائز ترضية على بعض الخسائر التي تترتب على تسهيل ولادة الحكومة، حيث ستجري الانتخابات وفقاً للنظام الأكثري في جميع الدوائر باستثناء المتن حيث يطال الشغور ثلاثة مقاعد، ما يتيح أن تظهر الأحزاب الكبرى أن شعبيتها لم تتضرّر ويظهر بالمقابل ضعف المعارضة تمهيداً لانتخابات 2022.
أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي الاستمرار في مسيرة الصراع، صموداً وثباتاً ومقاومة ضدّ يهود الخارج والداخل، الذين يعيثون عنصرية وإرهاباً وتطرفاً وقتلاً في مدننا وقرانا بدعم من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وتركيا الأردوغانية وبتواطؤ أنظمة الهرولة العربية.
وفي الذكرى الخامسة لاستشهاد الرفقاء الأبطال أدونيس نصر (المسؤول في الإعلام الحربيّ لنسور الزوبعة)، جمال كمال، خالد غزال، أدونيس الخوري وعبد الرحيم طه، في منطقة طور جلي ـ كنسبا في ريف اللاذقية، أثناء قيامهم بواجبهم القوميّ، أكد الحزب في بيان لعمدة الإعلام «الاستمرار في خوض معركة المصير والوجود، سبيلاً لاستعادة حقنا كاملاً، حق الأمة في السيادة على كامل أرضها، كي لا يبقى أيّ جزء منها محتلاً أو سليباً. وشدّد البيان على أنّ «دماء الأدونيس وجمال وخالد وعبد الرحيم، ودماء كلّ شهدائنا وشهداء الأمة، أثمرت عزاً وانتصارات، وها هي سورية التي تخوض معركة الأمة في مواجهة الإرهاب ورعاته وداعميه ومموّليه، تنتقل من انتصار إلى آخر، في معاركها لاجتثاث الإرهاب ومحاربة التطرّف وإسقاط مشاريع الانفصال وإفشال مشاريع الهيمنة والاحتلال».
وفيما كان الاهتمام الداخليّ منصباً على استئناف مشاورات تأليف الحكومة في ضوء المخرج الوسطي الذي قدّمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، خطف قرار محكمة التمييز بتنحية المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي فادي صوان واستبداله بقاضٍ آخر، الأضواء وتقدّم على الملف الحكومي.
وأصدرت محكمة التمييز الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدّم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، قراراً قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الأساس قبول طلب نقلها من يد القاضي صوان وإحالتها الى قاض آخر يعيّن وفقاً لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية.
وكان صوان حدّد جلسة لاستجواب وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس في 23 شباط الحالي، وذلك لتبليغه أصولاً بعدما كان مقرّراً استجوابه كمدّعى عليه أمس.
وبعدما أفادت وسائل إعلاميّة عن اجتماع في بعبدا ضمَّ رئيس الجمهورية ميشال عون ووزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، والمستشار سليم جريصاتي والقاضي غسان عويدات جرى خلاله الاتفاق على اسم قاضية بديلة عن صوان مقرّبة من الرئيس عون لتتسلم ملف التحقيق، نفى جريصاتي وعويدات ومستشار رئيس الجمهورية أنطوان قسطنطين هذا الخبر. وأكد جريصاتي أن «اجتماعاً مثل هذا لم يحصل على الإطلاق». وأوضح عويدات أن «لقاء حصل في القصر يوم أمس (أول امس الأربعاء) لكن لا علاقة له بملف المرفأ وإنما يتصل بالتدقيق الجنائي وملفات سويسرا».
وسبق قرار التمييز زيارة الوزيرة نجم إلى بعبدا حيث التقت الرئيس عون وبحثت معه عدداً من الملفات القضائية.
وجاء قرار محكمة التمييز بعد يومين على كلام السيد نصرالله الذي ألمح خلاله إلى وجود شبهة بين المحقق العدلي وشركات التأمين، ما وضع القضاء أمام إحراج كبير وأخطاء لا يستطيع تحمّلها لا سيّما أن صوان لم يُفصِح عن التقرير الأمني المنتهي منذ شهرين ونصف وذلك «لإراحة اللبنانيين وطمأنة أهالي الضحايا». وأشارت مصادر قانونية لـ»البناء» إلى أن «قرار محكمة التمييز جاء نتيجة مباشرة للأخطاء القانونيّة التي ارتكبها القاضي صوان فضلاً عن الأخطاء في مخاطبة محكمة التمييز». ونفت المصادر أن يكون قرار التمييز ناتجاً عن ضغط سياسيّ، بل عن قرار بأغلبية أعضاء محكمة التمييز المؤلفة من رئيس وعضوين».
وأوضحت المصادر القانونية إلى أن «قرار التمييز لن يُعدّل في مسار التحقيق بل يصوّبه باتجاه كشف الحقيقة والكرة الآن بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل للاتفاق على تعيين قاضٍ جديد، كما يعتمد على مدى قدرة هذا القاضي على إدارة الملف». وأضافت أن «المحقق العدلي الجديد سينطلق من جميع الإجراءات والتحقيقات التي أجراها صوان إضافة إلى تقارير الأجهزة الأمنية اللبنانية والدولية باستثناء التحقيق مع النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر فهو ملزَم أن يبدأ من الصفر لكونهما سبق وقدّما طعناً بعمل صوان».
وأوضح الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ»البناء» إلى أن «القرار صار أمراً واقعاً على الرغم من أنه يحتمل الكثير من النقاش، وبات يتعين على وزيرة العدل تعيين محقق عدلي بديل بموافقة مجلس القضاء الأعلى على أن يتابع المحقق العدلي الجديد التحقيقات من حيث وصل سلفه». ولفت يمين إلى أن «محكمة التمييز استندت إلى ما اعتبرته ارتياباً مشروعاً مع العلم أن أحد قضاة المحكمة سجل مخالفة لرأي الأكثرية».
وأحال المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري قرار المحكمة التمييز وفقاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 360 أ.م.ج الى قلم مكتب صوان، وذلك بعد صدور القرار بحضور القاضي الخوري ممثلاً النيابة العامة التمييزيّة. وبالتزامن، أحال الخوري القرار عينه الى وزيرة العدل.
وأعلنت وزارة العدل لاحقاً في بيان تبلغها القرار «وعليه ستتخذ وزيرة العدل المقتضى القانوني عملاً بأحكام المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية».
يُشار الى أنه في حال وصول التبليغ الى صوان، ترفع يده تلقائيّاً عن متابعة النظر بالدعوى.
وفور إعلان القرار في الإعلام، نفذ عدد من أهالي ضحايا التفجير وقفة احتجاجية تحذيرية امام مبنى قصر العدل في بيروت، رفضاً لقبول نقل ملف التحقيق بالانفجار من صوان الى قاض آخر. ورفع المعتصمون صور الضحايا ولافتات تدعو الى «عدم تمييع وتأجيل وتسييس التحقيقات، والى ضرورة كشف الحقيقة بأسرع وقت». مؤكدين أنهم «لن يسكتوا على هذا الأمر وسيتجهون نحو تصعيد تحركاتهم».
ونقل الأهالي عن نقيب المحامين ملحم خلف بعد الاجتماع به، أن «النقابة تدرس الموضوع للوصول الى قرارات بشأن التحرك في مواجهة القرار».
والبارز في كلام المعتصمين إعلامهم أن «كل الخيارات مفتوحة أمامهم ومنها التوجّه الى القضاء الدولي». ما يثير مخاوف من وجود جهات سياسية داخلية وخارجية تحاول استخدام الأهالي ومعاناتهم وغضبهم لتدويل ملف تحقيقات المرفأ ما يتلاقى مع دعوات بعض القوى السياسية إلى تدويل الملف الحكومي واستدراج تدخل دولي تحت الفصل السابع لفرض حل سياسيّ وحكوميّ في لبنان.
وفي أول تعليق سياسي على القرار، حضّ التيار الوطني الحر القضاء على «الإسراع بإنهاء الإجراءات القضائيّة اللازمة لاستكمال التحقيق سريعاً وإصدار القرار الظنيّ الذي ينتظره اللبنانيون ببالغ الصبر، إفساحاً في المجال أمام المجلس العدلي لبدء المحاكمة وإنزال أقسى العقوبات بكل من يثبت تورطه مهما علا شأنه». معتبراً أن «القضاء أمام تحدٍّ وجوديّ، وأساس الملك يفترض به إنهاء عذابات أهل الضحايا وإحقاق الحق بلا مزيد من الإبطاء والتلكؤ والتسويف».
في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكوميّ أي جديد في ظل وجود الرئيس المكلف سعد الحريري في الخارج، فيما استمرت المشاورات والاتصالات على الصعيد الداخلي حول طرح السيد نصرالله برفع عدد الوزراء الى 20 وزيراً. ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن «الحكومة مجمّدة في الوقت الراهن بانتظار عودة الحريري لمناقشته بالطرح الذي قدمه السيد نصرالله والذي يتكامل مع مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أو صيغة تطويرية للمبادرة، أي 20 وزيراً 6 للرئيس عون مع حزب الطاشناق مع تشارك في تسمية وزير الداخلية بين عون والحريري و6 وزراء لأمل وحزب الله والمردة والحزب القومي و6 للحريري والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط مع إعادة توزيع جديد للحقائب والوزارات على الطوائف والمذاهب ومن دون أن ينال أحد الثلث المعطل».
ووفق المصادر فإن رسائل السيد نصرالله حملت في طياتها تطمينات لعون بأن الحزب لن يسمح باستفراده في مجلس الوزراء لا سيما في القضايا الأساسية، وبالتالي لا حاجة لضمانة الثلث المعطل. ولفتت إلى أن «جميع الأطراف أصبحت في أجواء الطرح الجديد على أنه الحل الوسطي الوحيد بين عون والحريري وبدأت جولة مشاورات جديدة انطلاقاً من طرح السيد نصرالله بالتعاون والتنسيق مع الرئيس بري. إذ يتولى السيد نصرالله إقناع عون في مقابل تولّي الرئيس بري تسويقه عند الحريري وجنبلاط، علماً أن لا مانع لدى الفرنسيين بتوسيع عدد الوزراء إذا كان يحلّ المشكلة ولا يمسّ جوهر المبادرة والمعايير التي وضعت لتأليف الحكومة».
وإلى جانب صيغة الـ 20 وضعت صيغة الـ 22 ايضاً على بساط البحث، لكن الطرح يواجه إشكالية تمثيل طائفي لا سيما وأن منح 3 وزراء للدروز يمكن أن يلقى رفضاً من طوائف أخرى كما سيقابله منح مقعد وزاري للطائفة العلوية وآخر للأقليات.
أما في الخارج فيواصل الحريري جولته الخليجية الذي بدأها من قطر، إذ أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل في الديوان الأميري، الرئيس المكلف وجرى خلال المقابلة استعراض أبرز المستجدات في لبنان، حيث أطلع الحريري الأمير القطري على تطورات الأوضاع والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة.
وأكد أمير دولة قطر على موقف بلاده الداعم للبنان وشعبه الشقيق، داعياً جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرّض لها لبنان. كما تناولت المقابلة عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وغادر الحريري الدوحة عائداً الى بيروت وسط ترجيح أن يعرج على إمارة ابو ظبي.
وأكد عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار، أن «المشكلة تتمحور حول الثلث المعطل». معتبراً أن «رئيس التيار الوطني الحر يحاول فرض شروطه من خلال رئيس الجمهورية».
ومن المتوقع أن يُطلق باسيل سلسلة مواقف تصعيدية من الملفات المطروحة لا سيما ملف الحكومة ويردّ بشكل غير مباشر على مواقف الحريري الأخيرة وذلك خلال كلمة له الأحد المقبل.
وكان لافتاً ارتفاع سعر صرف الدولار تدريجياً منذ خطاب الحريري في 14 شباط حتى بلغ أمس 9500 ليرة قبل أن يعود وينخفض مساء أمس، ليتراوح بين 9300 ليرة للشراء و9350 ليرة للمبيع. ما يشير بحسب أوساط مراقبة إلى التلاعب المتعمّد من جهات مالية سياسية بسعر الصرف على الإيقاع السياسي لخدمة الحريري للضغط على عون في موضوع تأليف الحكومة.
وعلى مقلب آخر، أجرى الرئيس بري اتصالاً هاتفياً بوزير الداخلية محمد فهمي حول ضرورة إجراء الانتخابات النيابية الفرعية تطبيقاً لمنطوق المادة 41 من الدستور والملزمة لهذا الإجراء. في المقابل أكد وزير الداخلية لرئيس المجلس السير بهذه الإجراءات كحد أقصى في أواخر شهر آذار المقبل.
على صعيد حملة تلقي اللقاحات، أثارت عملية تسجيل الأسماء والتوزيع على المراكز التباساً، ذكّرت وزارة الصحة في بيان «جميع المعنيين بالتزام الضوابط والمعايير الصادرة عنها، بخصوص اعتماد المنصة الرسمية للتسجيل مصدراً لتحديد المواعيد وعدم خلق منصات خاصة، أياً كانت الحجة، وذلك تحت طائلة تجميد التعاون القائم مع المراكز».