على رغم تأخر وصوله كثيرا قياسا بدول أخرى قطعت مراحل سريعة في عمليات التلقيح لم يكن غريبا ابدا ان يشكل وصول الدفعة الأولى من لقاحات فايزر الى بيروت مساء امس الحدث الذي طغى على أنباء التعاسة السياسية التي يغرق فيها لبنان . ذلك ان لبنان الذي بات يتقدم الدول الأكثر تضررا بجائحة كورونا بدأ مع “هبوط” نحو 28 الف جرعة من اللقاح الأميركي الذي اثبت انه الأفعل حتى الان في الحماية من كورونا العد العكسي للمواجهة الاحتوائية الأساسية ولو ان الشكوك في تنفيذ محكم ودقيق وعادل وبعيد من المحسوبيات السياسية تحوم بقوة فوق عمليات التلقيح التي ستنطلق اليوم الاحد . ومع ذلك بدا بدء وصول اللقاحات بمثابة الخبر السعيد اليتيم في ظل الأجواء والأنباء القاتمة التي تظلل الواقع الداخلي ولا سيما ان وزير الصحة حمد حسن لفت في استقباله للقاحات الى ان وصول الدفعة الأولى منها امس تزامن مع مفارقة رمزية هي مرور سنة كاملة تماما على إصابة اول لبناني بكورونا في 13 شباط من العام الماضي . ويشار الى ان أولى عمليات التلقيح ستنطلق اليوم من مستشفيات رفيق الحريري الحكومي والقديس جاورجيوس والجامعة الأميركية وستكون مخصصة للطواقم الطبية .
اما في المشهد السياسي ووسط اشتداد التأزم في الازمة الحكومية التي لم تنفع مبادرة الرئيس المكلف سعد الحريري الى كسر الجليد مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في زيارته الجمعة لقصر بعبدا ، فستتجه الأنظار في الرابعة من بعد ظهر اليوم الاحد الى الكلمة المتلفزة التي يوجهها الحريري مباشرة الى اللبنانيين، في مناسبة الذكرى السادسة عشرة لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وإذ حرصت الأوساط القريبة من الحريري امس على عدم تسريب محتوى الكلمة يبدو من الملامح السائدة ان الحريري سيعتمد لغة المصارحة والمكاشفة امام اللبنانيين حول التعقيدات والمطبات التي اعترضت مهمته حتى الان من دون ان يقترن ذلك بتصعيد الاشتباك السياسي مع العهد . ويعكس ذلك قرارا ثابتا لدى الحريري بالتمسك بتشكيلته الحكومية بكل معاييرها كحكومة اختصاصيين مستقلين لا يستفزون أحدا ومن دون ثلث معطل لاي جهة وفي الوقت نفسه عدم احراق الجسر التفاوضي المفتوح مع عون بطبيعة الحال من ضمن التمسك بالأصول الدستورية وعدم القبول باجتهادات تجنح بالمسار الحكومي الى قضم آخر للدستور. وسيكون للجانب المتصل بتعامل المجتمعين العربي والدولي مع الحكومة حيز مهم من الكلمة من منطلق ما سبق للحريري ان ردده مرات عدة وهو ان لا دعم دوليا وعربيا اطلاقا للبنان اذا فرضت مجددا حكومة محاصصات سياسية وحزبية وسط رفض المجتمع الدولي لكل ممارسات الطبقة السياسية واصراره على أولوية الإصلاحات للحكومة .
وفي هذا السياق ستكون هناك كلمة أخرى يلقيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الثلاثاء في ذكرى “القادة الشهداء”، ستساعد في توضيح معالم الصورة اكثر.
في غضون ذلك وأسوة بما دأب عليه منذ اشتداد الازمة الحكومية ، صعّد “التيار الوطني الحر” من جديد هجماته السياسية والإعلامية على الرئيس سعد الحريري. وإذ “اسفت” الهيئة السياسية في التيار بعيد اجتماعها الاسبوعي برئاسة النائب جبران باسيل، “للأسلوب الذي يعتمده رئيس الحكومة المُكلف في مقاربة ملف التشكيل إذ يستعمل الوقت الثمين في التجوال خارج لبنان طيلة أسابيع ثم يعود ليقوم بزيارة رفع عتب لرئيس الجمهورية من دون أن يتقدم بأي مقترح جدّي ويحترم الأصول والقواعد البديهية المعمول بها لتأليف أي حكومة، أما الجديد فهو إعلانه من قصر بعبدا أنه هو من يقرر منفردًا شكل الحكومة وعددها وأسماء وزارئها وحقائبها كأن لبنان ليس جمهورية برلمانية ودون أن يقيم وزنًا للدستور ولصلاحيات رئيس الجمهورية وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة وليس فقط التوقيع عليها، وهذا ما يجعلنا نعتبر بأن أمرًا خفيًا لا يزال يعيق تشكيل الحكومة مما يجعلنا نحذّر من نتائجه”.
وفي المقابل واثر زيارته ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت، قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “غدروا بك وقتلوك، يا دولة الرئيس، من اغتالك أراد اغتيال لبنان، وهم الآن يمعنون في قتله واغتياله ومحاصرة شعبه من خلال إعاقة تشكيل الحكومة الانقاذية البعيدة عن كل الأهواء والمحاصصات الخارجة عن مصلحة لبنان وشعبه وما يعانيه لبنان واللبنانيون الآن من خوف وقلق وشبح الاغتيالات الآثمة والمحرمة والتي يمكن في حال استمرارها أن تؤدي الى إلغاء مقومات هذا الوطن ويصبح في خبر كان”.