تولّت الدوائر القريبة من الرئيس المكلف سعد الحريري تسريب اجواء في وسائل الاعلام عن كلمة نارية له في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ووضعت مصادر متابعة زيارة الحريري بالامس الى قصر بعبدا في شق منها، في اطار لعبة الرأي العام والتمريك الاعلامي على رئيس الجمهورية قبيل كلمة الحريري المرتقبة.
وبحسب المعلومات، سيحاول الحريري في كلمته اظهار نفسه كضحية لعناد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وفي الوقت نفسه سيرفع الحريري سقف التحدي مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
ولو من غير المؤكد ان كان الحريري سيلوّح بورقة الاعتذار عن التأليف او سيرمي قنابل دخانية فارغة، الا ان الخطاب المرتقب لاقى استهزاء الكثيرين سلفاً.
فوضع الحريري يدعو للاسف. أن حاجته للعودة الى رئاسة الحكومة تقابلها العديد من العقبات التي تجعله عاجزًا عن التأليف. الابواب السعودية الموصدة بقوة بوجهه حتى الآن، تحتاج الى نيله تنازلات خارقة ليقدمها امامهم كدليلٍ ملموس على انه لا يزال يمتلك قيمة مضافة تسمح له بالعودة كخادم مطيع في البلاط الملكي.
وبما ان المطلب السعودي الاول بابعاد حزب الله الى خارج الحكومة غير قابل للتحقق، يحاول الحريري وضع يده على الحصة المسيحية كاملة ليقول للخارج انه وان لم يستطع عزل حزب الله ولكنه استطاع اضعاف حليفه المسيحي الاول ونال حصة توازي ما كان يناله والده وبالتالي فهو جدير بالحظوة والدعم.
وبالاضافة الى توسله رضى اوليائه في السعودية، فالحريري مرتبك الى اقصى الحدود لحاجته الى العودة الى رئاسة الحكومة بأسرع وقت ليسهل عليه القضاء على طموح اخيه بهاء ومواجهة نفوذه الصاعد امنيًا وسياسيًا وشعبيًا. وفي الوقت نفسه، لا يستطيع الحريري الظهور بمظهر المتراجع المكسور امام طائفته كما السابق نتيجة ظهور اخيه بهاء كمنافس ذات امكانات واعدة على الساحة السنية.
انطلاقًا من كل هذه الاسباب، وبعد ان جال دول الامارات وتركيا ومصر وفرنسا وحصد الخيبة تلو الاخرى فهم الحريري بعد طول مشقّة ان لا حلّ لأزمة تأليف الحكومة الا عن طريق بعبدا ولو كان الثمن تدقيقاً جنائياً قد يطيح بحلفائه وبعمالقة فريقه السياسي.
الا ان فهم الحريري الواقع المرّ الذي وصل اليه لا يعني انه تفهمّه بعد.
فعدا عن انتظاره وساطة الرئيس الفرنسي لينال رضى المملكة العربية السعودية، فان الحريري يحيط نفسه اليوم بفريق عملٍ موروث من والده. هذا الفريق اقنع الحريري الابن انه يستطيع بالاشاعات والضغط الاعلامي والكذب على الرأي العام ان يضعف الرئيس عون ويعزل الوزير باسيل تمامًا كما فعلوا مع الرئيسين عمر كرامي وسليم الحص. وعلى الرغم من فشل استراتيجيتهم تلك بوجه التيار الوطني الحر عشرات المرات الا انهم مازالوا قادرين على بيع الحريري الابن وهمهم.
من هنا، لا يلقى الحريري الا الشفقة. فالعتب الوحيد عليه هو انه في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال والده اي ذكرى مرور ستة عشر عاما على دخوله المعترك السياسي، تعلّم الحريري الابن الكثير الا ان ما لم يتعلّمه بعد هو ان مواجهة التيار الوطني الحر هي مواجهة خاسرة. وبدل ان يتعاون بايجابية مع التيار للنهوض بالبلد، تراه ينجرّ وراء نصائح فريق عملٍ من بقايا حقبة التسعينات، اشتهر بتلونه وسرق عائلة الحريري كما سرق الدولة اللبنانية.
ويوضح احد المطلعين التخبط الذي يعيشه الحريري، وكيف اقنعه فريقه مثلًا بالتحرك في طرابلس لتنقلب عليه الآية في اليوم الثاني فيتأزم الوضع الامني ويتم احراق السراي، تماما كما اقنعوه سابقًا بالاستقالة خلال ما سميّ بالثورة، ليخرج الى الضوء الرئيس حسان دياب الذي قدّم نموذجًا لما يجب ان يكون عليه رئيس الحكومة فأضعف بذلك صورة الحريري امام اللبنانيّين عمومًا والطائفة السنيّة خصوصًا. فالشارع السنّي اقتنع ان رئيس حكومة نظيف ومنتج خيرٌ لهم بما لا يقارن بزعيمٍ مسيّر.
بالفعل مسكين الشيخ سعد!
رزق الله الحايك