ومع طول أمد الازمة الاقتصادية الخانقة، استنفد الفقراء كل ما لديهم من بدائل، يشكون اليوم حتى من نوعية الطعام ذاته الذي بالكاد يحصلون عليه، فبعض الزيوت تفوح منها روائح غريبة تبين انها تباع مجدداً بعد تكريرها، هي زيوت مطاعم استخدمت حتى الرمق الاخير، وكل نصائح الاطباء والمنظمات الصحية تحذر من استخدامها مجدداً للانسان وانما للاستخدام الصناعي، ولكن عدداً من التجار يقومون بإعادة تكريرها وتعبئتها وبيعها من دون اي ماركة.
ولا يخفي أبو احمد لـ”نداء الوطن”، وهو رب عائلة انه اشترى زيتاً من دون ماركة بسعر أرخص بعدما بلغ سعر ليتر الزيت الواحد أكثر من ثلاثين ألف ليرة لبنانية، فيما المدعوم اختفى من السوق، ولكنه ندم ولم يكرر فعلته قائلاً: “لم نستطع الأكل وكدنا ندفع صحتنا ثمناً”، مضيفاً: “لقد استخدمناه مرة واحدة ووضعناه في وعاء زجاجي، فتحول سريعاً إلى دهون بيضاء، ما يعني أن هذا الزيت كان قد تم استعماله سابقاً وغير صحي على الاطلاق”.
حال الزيت ليس أفضل من البطاطا، فأكياس البطاطا باتت مخلوطة بأنواع مختلفة من دون ان يعرف مصدرها وتباع على انها الافضل، والأنكى انه اثناء “القلي” تصبح رخوة ومغمّسة بالزيت ولونها اخضر احياناً، ومذاقها غير لذيذ، وفق ما تؤكد الحاجة “أم وفيق الهبش” لـ”نداء الوطن”، تقول: “اشتريت كيساً من البطاطا على اساس ماركة لبنانية من النوع الجيد بسعر 17 الف ليرة لبنانية، واثناء تحضير الطعام تفاجأت بأنها اكثر من نوع وصنف و”مش طيبة”.
تداعيات الازمة الاقتصادية مصحوبة بتفشي وباء “كورونا” غيّر الكثير من العادات الصيداوية، فالمدينة التي تشتهر بصناعة الحلويات على مدار العام، يشكو اصحاب محالها اليوم من استنكاف الناس عن الشراء، قلة من الميسورين تفعل ذلك والآخرون استبدلوا اصنافاً بأخرى اقل رخصاً او باتوا يصنعونها في المنزل “كيفما كان”، وثمة اقبال على القطايف “من الطفر” دون انواع اخرى من الحلويات، الذي ما زال يعتبر الارخص رغم ارتفاع ثمن الجبنة او الجوز.
ويقول صاحب محل حلوى، ابراهيم قبلاوي، لـ”نداء الوطن”، ان القطايف يبقى سعره ارخص من غيره، إذ نبيع الكيلو بثمانية آلاف ليرة لبنانية، ارتفع سعره فقط ثلاثة آلاف عن ذي قبل، بخلاف كل انواع الحلويات الاخرى، ولكن المشكلة في حشوه بالجبنة او الجوز وهذه ارتفع سعرها كثيراً، مشيراً الى ان الاقبال يكون عادة في فصل الشتاء، وبات كثير من الناس يحشونه بالمهلبية وهي رخيصة جداً”.
في يوميات الازمة، يسوء كل شيء وتضيق الحلول على الناس، ويؤكد علي الظريف ان “خير مثال على ذلك المصارف، كل يوم تصدر تعميماً حتى طارت الودائع وبتنا ننظر الى حساباتنا على انها ارقام فقط، بعد تحديد كوتا شهرية او اسبوعية بالدولار، تحولت الى العملة الوطنية وضمن سقوف محددة، وغداً قد لا نستطيع سحب اي قرش”.