مع الفتح الممرحل لدورة الحياة في لبنان، بعد الإغلاق التام بوجه «كورونا» انتظم اللبنانيون على أبواب متاجر المواد الغذائية والسوبر ماركت والأفران، بالتزام نسبي واضح خصوصا في المدن الرئيسية، فيما بقيت أبواب تشكيل الحكومة موصدة، بانتظار محطة استحقاقية دولية جديدة، لم تكن في حسبان اللبنانيين.
التوسع في خطة فتح دورة الحياة اليومية، بمعنى الانتقال من المرحلة الأولى التي تمتد لأسبوعين، أي حتى ليل الأحد 21 شباط/ فبراير، لن يكون تلقائيا، بل هو مشروط بأمرين: هبوط عداد الإصابات اليومية الى ما دون الألف، ومثلها انخفاض عداد الوفيات، علما ان عداد أول من أمس سجل 2081 إصابة و54 حالة وفاة.
حكوميا، استجد توقيت جديد، فرض نفسه أو فرضه أصحابه على الحالة السياسية المربكة في لبنان، جراء التخبط في تشكيل حكومة جديدة، وهو 21 شباط/ فبراير، الذي تقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء»، إنه تاريخ انتهاء البروتوكول المعقود بين وكالة الطاقة النووية الدولية وبين الحكومة الإيرانية، حول مراقبة إنتاج المعامل الإيرانية من الطاقة، والذي بعده تستطيع طهران أن تلقي بكاميرات المراقبة الدولية خارجا، وتطلق العنان لتخصيب ما تستطيع من هذه المادة المدمرة. وأمام التركيز الأميركي- الأوروبي على هذا الملف، أصبحت أزمة، الحكومة اللبنانية، أو بالأحرى الحكم اللبناني، مرتبطة الحل حكما، ليس بمصير البروتوكول الدولي الإيراني، الذي ينتهي مفعوله في 21 شباط/ فبراير، إنما بمآل المفاوضات التي تضعها واشنطن في رأس أولوياتها.
ومن هذه الزاوية بالذات، يمكن فهم خلفيات المبالغة في التمسك بحدود المواقف المتباعدة، بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وما الخلاف على الحصص الوزارية، إلا براقع وغلالات، تخفي حقيقة غياب الضوء الأخضر، الإقليمي بوجه التحديد، لغرض إبقاء لبنان ورقة في مهب المصالح الإيرانية.
من هنا كانت دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، الى مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة لتثبيت الأطر الدستورية الحديثة للكيان اللبناني ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود. هذه الدعوة أحدثت رد فعل غاضب لدى حزب الله، عبر عنه باتصالات مع التيار الحر والفريق الرئاسي، استدعى انتقال وفد من التيار إلى بكركي تحت عنوان التهنئة بعيد مار مارون، وتحدث بعد اللقاء الوزير السابق منصور بطيش الذي تلا بيانا مكتوبا، اكد وجوب أن تأتي الحلول من الداخل، وأن تتشكل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية، وعلى أن يقصد الرئيس المكلف قصر بعبدا ويتشاور مع رئيس الجمهورية.
المصادر تحدثت أيضا عن استياء الحزب من تغريدة للنائب أنور الخليل عضو كتلة التنمية والتحرير، طالب فيها إما تأليف الحكومة بموجب مبادرة الرئيس نبيه بري أو تنفيذ الحل بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في لبنان، ما اعتبره الحزب مطالبة بتنفيذ القرار الدولي 1701 الذي لا يسمح بوجود اي سلاح غير شرعي في لبنان.
وبناء لاتصالات، سارع النائب الخليل الى سحب التغريدة، وقال: «بعد الاستخدام الرخيص لعبارة الفصل السابع، أشير الى أن هذا الموقف كان مطالبة بحفظ كرامة لبنان».
وترتب مع هذا سجال إعلامي بين قناة «أو تي في» الناطقة بلسان الفريق الرئاسي والتيار الحر، وقناة «ان بي ان» الناطقة بلسان الرئيس نبيه بري وحركة أمل، الـ «أو تي في» تحدثت عن «السياديون الجدد» والـ «ان بي ان» ردت بالحديث عن «الوطنجية الجدد» الأولى حملت على من والوا الوصاية في عز نفوذها، وانقلبوا عليها لما بدأ نفوذها بالأفول «في إشارة الى الرئيس بري»، وردت الثانية بالقول: «وصلت وقاحة هؤلاء منذ يوم الجلوس على العرش، عبر ركوب الموجة الإقليمية والدولية في بيع وشراء وفق أسعار سياسية سوداء بلغت حد الحديث عن السلاح مع إسرائيل وبيع عميل (عامر الفاخوري)، وهذا كله طمعا بوراثة وكيل».
في هذا الوقت عاد الى بيروت أول من أمس، سفير المملكة العربية السعودية في بيروت، وليد البخاري، وقد استقبل في دارته امس السفير الروسي في لبنان الكسندر رودا غوف. ويصل اليوم الى بيروت نائب رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية، وسيلتقي الرئيس ميشال عون، ثم يعقد مؤتمرا صحافيا في القصر الجمهوري.
وأمس أعلنت عائلة الناشط السياسي لقمان سليم الذي تعرض للخطف والقتل في جنوب لبنان، أنها مستعدة للتعاون مع الأجهزة الأمنية والقضائية، بخلاف ما ذكر عن رغبتها باللجوء الى تحقيق دولي.