غابـــت التظاهــــرات الاحتجاجية عن ساحات وشوارع طرابلس نهار أمس، ما يعكس حجم الصدمة العامة التي أصابت الطرابلسيين، بأعمال الحرق والتخريب التي استهدفت مبنى البلدية والسراي والمحكمة الشرعية وبعض مخافر قوى الأمن، فيما تدفق المتبرعون من سياسيين وأصحاب مصالح على البلدية، عارضين خدماتهم، في حين لم يتوقف التراشق بين المؤسسات العسكرية والأمنية، وحتى الحرس البلدي، حول مسؤولية التقصير عن مواجهة ما حصل.
واتصل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بمفتي طرابلس الشيخ محمد امام وبرئيس البلدية الدكتور رياض يمق، مشيرا إلى طلبه فتح تحقيق شفاف في أسباب وخلفيات ما حصل في طرابلس.
وواضح لمختلف الأطراف المحلية، الاستخدام السياسي لاحتياجات طرابلس والشمال، كمنصات لتوجيه الرسائل، وعلى الرغم من المعطيات والشواهد، فما من أحد يجرؤ على وضع النقاط فوق الحروف، كثيرون يعتقدون، ان بعض هذه الرسائل، عنوانها الصراع حول تشكيل الحكومة، ودليلهم كشف عنه توفيق سلطان السياسي الطرابلسي المخضرم، من أن وزير الداخلية محمد فهمي زار طرابلس سرا، يوم الأربعاء اي قبل ليلة الحرائق، وفي اليوم التالي حصل إحراق البلدية وغيرها، وتعطلت صهاريج رجال الإطفاء، او أفرغت من المياه، ما أتاح الاعتقاد أن ثمة من ضغط، على الأجهزة العسكرية والأمنية كي تتريث.
علما ان فهمي برر الزيارة السرية بالحاجة إلى معاينة الأوضاع، تمهيدا لإرسال المزيد من القوات الأمنية من بيروت، بالتنسيق مع قيادة الجيش.
وتقول المصادر المتابعة إن الرسالة الثانية عنوانها مرفأ بيروت، والتحقيقات بتفجيره، والتي بدأت تثير القلق بالنسبة للبعض، كما يبدو.
من جهته، كشف الوزير السابق رشيد درباس عن انه ابلغ وزير الداخلية محمد فهمي ظهر الخميس عن أنه وردتنا معلوماتنا عن التحضير لأعمال شغب في طرابلس، كذلك أرسلت رسالة الى الجيش اللبناني و«ذكرت فيها انها ستكون ليلة عرس للجيش اذا مرت على خير ولم يتحرك أحد»، مؤكدا أن «أغلبية من أتوا الى طرابلس في تلك الليلة ليسوا من طرابلس».
كذلك حمل درباس محافظ الشمال رمزي نهرا مسؤولية حرق مبنى بلدية طرابلس لأن رئيس البلدية رياض يمق التقاه الجمعة وأبلغه بالمعلومات عن أعمال شغب قد تطال البلدية وكان جوابه «كل شيء تحت السيطرة».
النائب شامل روكز، الصهر الثاني للرئيس ميشال عون، والذي يعتمد نهجا سياسيا مستقلا عن تياره، نقلت عنه صحيفة «الجمهورية» اعتباره ما حصل في طرابلس بمنزلة فشل أمني في إدارة التظاهرات، وبخبرته العسكرية يرى أن بعض السياسيين وجزء من القوى الأمنية وراء ما حصل، أما عن الحكومة فرأى أن المعنيين جميعا في لبنان، أعجز عن تشكيل الحكومة، معتبرا أن قرار التأليف على طاولة الخارج، مؤكدا ان «الثنائي الشيعي» فتح الباب للوصول الى هذه اللحظة.
في هذا الوقت عقدت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر اجتماعها الدوري إلكترونيا برئاسة رئيس التيار جبران باسيل، وأصدرت بيانا اعتبرت فيه انه يتحتم ان يتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري فورا الى القصر الجمهوري ويقلع عن التلهي برمي الآخرين بما هو غارق فيه من مآزق.
ورد تيار المستقبل في بيان له على «التيار الحر» وقال: «اننا في زمن العهد القوي جدا في التعطيل والعرقلة والتسلق فوق حقوق الطائفة للانقلاب على الطائف».
على صعيد فيروس كورونا رأى وزير الصحة الدكتور حمد حسن ان مؤشرات الإغلاق واعدة ولا يجوز فتح البلد دفعة واحدة، وقال ان «الإغلاق الشامل الحالي هو الإغلاق الثاني الناجح بعد الإغلاق الأول في شهر مارس الماضي»، مشيرا إلى أن «المؤشرات مبشرة وواعدة في ضوء تراجع المؤشر التكاثري إلى 0.93%، مما سينعكس بعد حوالي أسبوعين على نسبة إيجابية الفحوص التي نطمح إلى خفضها من 22% إلى حوالي 17%».