عودة الحراك والحيوية والفوضى الى الشارع خصوصا في طرابلس التي شهدت اشتباكات واشكالات ، شكلت خرقاً بين المتظاهرين والجيش اللبناني فاضحاً لقرارات منع التجول وتحدًّيا للسلطات الامنية وهيبة الدولة، وطرحت أكثر من علامة استفهام حول التوقيت غير البريء او المشبوه وراء هذا التحرك الذي تمدد في اتجاه مناطق اخرى واخذ أشكال قطع طرقات رئيسية.
مما لا شك فيه أن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة تشكل دافعاً مباشراً لنزول الناس الى الشارع خصوصا في ضوء الاقفال العام الذي فاقم في الضائقة المالية وفي تأجيج مشارع النقمة والغضب لأنه لم يكن مترافقا مع تقديمات ومساعدات
ً عينية ومادية للعائلات الأكثر فقرا.
ولكن لا يمكن اغفال "التوقيت السياسي" لهذه التحركات وارتباطها بالمعركة السياسية المفتوحة وتصفية الحسابات. هناك من يضع "لعبة الشارع" في خدمة الضغوط السياسية الدافعة الى تشكيل الحكومة. ولكن ضغوط ضدّ من أو على من؟
ضغوط على الرئيس المكلف أم على رئيس الجمهورية لتقديم تنازلات وتليين الموقف؟
ّأياً يكن الأمر، فإن "الشارع" عاد ليُضاف الى العوامل المؤثرة في اللعبة السياسية واوراق الضغط، ولكن من دون أن يتطور الوضع الى انتفاضة شعبية عارمة أو الى استئناف ثورة 17 تشرين من حيث توقفت. وهناك اسباب كثيرة تحول دون هذا التطور، أولها الاقفال العام بسبب "كورونا" والضائقة المالية الحياتية التي أعادت ترتيب الأولويات عند الناس والتي تدفع باتجاه حالة فوضى وعنف عشوائي على الأرض أكثر مما تدفع باتجاه انتفاضة أو ثورة شعبية ما زالت تفتقد الى قيادة ومشروع برنامج سياسي موحد..