عندما تلا الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر، في 21 الجاري، بيان التمديد للإغلاق التام حتى الثامن من شباط المُقبل، لم يتطرّق إلى بند المُساعدات المالية المنسي منذ نيسان الماضي. وعندما سُئل عنه، اكتفى بالقول إنّ «المُساعدات أُقرّت في المرة السابقة ويجب أن يكون توزيعها قد بدأ»، فيما يعرف المعنيون جيداً أن «رحلة» المُساعدات لم تكن موفّقة، فلا هي وصلت إلى جميع المحتاجين إليها ولا كانت كافية للمحظوظين الذين وصلت إليهم.
وأمس، أقرّ وزير السياحة والشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية بأنّ 75% من اللبنانيين يحتاجون إلى مساعدة، وهو اعتراف بالتململ من قرار تمديد الإغلاق في ظلّ الانهيار الاقتصادي. وإذا كانت احتجاجات طرابلس التي بدأت قبل أيام، وانسحبت على بقية المناطق، تمثّل ترجمة مباشرة لرفض القرار، إلا أن ممارسات الالتفاف على الإغلاق بدأت تبرز منذ يومين عبر فتح المحالّ «سرّاً» وتحوّل حظر التجول إلى مجرد شعار مع آلاف الاستثناءات التي تمنح عبر المنصة الإلكترونية، في انعكاس لـ«قرار» بالتمرّد على الإغلاق، وتالياً بـ«الانتحار»، في ظلّ تفاقم الوضع الوبائي الذي حصد 73 ضحية خلال الساعات الـ 24 الماضية، وهو أعلى رقم للوفيات يُسجّل منذ بداية انتشار الوباء ليتجاوز إجمالي الوفيات 2400، فيما يُصارع أكثر من 900 شخص في غرف العناية الفائقة للنجاة، 312 منهم موصولون على أجهزة التنفس الصناعي. كما سُجّلت أمس 3505 إصابات (14 منها وافدة) من أصل 18665 فحصاً مخبرياً، أي أن نسبة إيجابية الفحوصات ليوم أمس تجاوزت الـ 18%. وهي، وإن كانت أقل مما سُجل في الأيام الماضية (وصلت قبل يومين إلى 30%!)، إلا أنها لا تزال مرتفعة جداً (وفق منظّمة الصحة العالمية يجب ألا تتجاوز النسبة المئوية للفحوصات الإيجابية الـ 5% لمدة 14 يوماً على التوالي قبل فتح مختلف القطاعات). وهذا «يضعنا بين الدول العشر الأولى من حيث عدد الإصابات بكورونا في العالم»، بحسب مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري، مشدداً على ضرورة توزيع مساعدات ماليّة على المحتاجين لتحمّل الإقفال العام.
ووفق مصادر وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن دفعة جديدة من المُساعدات المالية المحددة بـ 400 ألف ليرة ستوزّع على نحو 180 ألف أسرة التي سبق أن أدرجت أسماؤها في المرات السابقة، «وذلك على خلفية تدابير الإقفال العام الجديدة».
ومن المعلوم أن هذه الأموال تندرج ضمن ما يعرف بمشروع «شبكة الأمان» الذي خصص له أكثر من 600 مليار ليرة توزع على شكل مساعدات لمدة ستة أشهر بناءً على قاعدة بيانات تضعها الوزارات المعنية، على أن يتولى الجيش مهمة تسليمها. المصادر أوضحت أن المُساعدات وزعت في الأشهر الأربعة الماضية، ومع استئناف التوزيع في الفترة المُقبلة، تكون العائلات على موعد مع الحصول على دفعة أخيرة من تلك الأموال. فيما تؤكد مصادر في وزارة الداخلية أن مشاكل كثيرة اعترت آلية التوزيع في مراكز البلديات بسبب تدخل المحسوبيات، مُشيرةً إلى أن «السيناريو المثالي يفترض أن تلك الأموال وصلت إلى 180 ألف أسرة، ولكن ماذا عن بقية الأُسر؟». عدم الإجابة عن هذا السؤال يقود حكماً إلى أن التمرّد على الإقفال العام وتفضيل الموت بالفيروس على الموت جوعاً سيكون حالة عامة.