يومان يفصلان عن تنصيب الديمقراطي المنتخب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، وسط احتياطات امنية لم تشهد لها البلاد من قبل. كل ذلك يترافق مع اقرار مجلس النواب الاميركي عزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. فماذا في الخفايا وهل ستتمّ محاكمة ترامب بالتهم الموجهة اليه؟
وفي السياق، يشير مدير “مركز سيتا” للبحوث الدكتور علوان أمين الدين في حديث لـ″″، الى انه “عادة، هناك ثلاثة سيناريوهات تفضي الى تنحية الرئيس الاميركي.
اولاً، الاستقالة وهي امر مستبعد، فترامب لم يرضَ بالهزيمة فكيف بالاستقالة؟.
ثانيا، تفعيل المادة 25 من الدستور الاميركي من خلال نائب الرئيس وهذا ما رفضه مايك بنس، الذي قام بتهنئة نائبة الرئيس المنتخبة كامالا هاريس كا يعني تسليماً بالهزيمة الإنتخابية، وهو يقوم بدور قائم بالأعمال لتمرير المرحلة.
اما السيناريو الثالث والاخير فهو تقديم الرئيس للمحاكمة. يحتاج الأمر إلى 50%+1 من أصوات مجلس النواب، وهو ما زاد عن ذلك حيث صوّت بعض النواب الجمهوريين للقرار وأُحيل الى مجلس الشيوخ. في مجلس الشيوخ، لا أعتقد أن يتمكن الديمقراطيون من الحصول على الثلثين، أي 67/100 من الأصوات. وبالتالي، لن يصوّت المجلس على قرار العزل ما يعني ان ترامب سيكمل ولايته حتى آخر لحظة”، مضيفاً “إن الغرض من احالة ترامب الى المحاكمة وعزله هو منعه من الترشح مرة اخرى كما منعه من اصدار عفو عن نفسه”.
وحول الاستنفار الامني الذي تشهده مختلف الولايات، فيقول “هناك استنفار امني في مختلف الولايات الاميركية، فحادث الكابيتول كان مفاجئاَ وخاطفاً. لهذا السبب الاستعدادات الامنية كبيرة جدا خاصة في واشنطن قبل حفل التنصيب اذ يحكى ان هناك مظاهرات ستقوم اعتبارا من اليوم وحتى تنصيب بايدن. كما تم اغلاق مختلف الشوارع المؤدية الى الكونغرس من اليوم وحتى موعد حفل التنصيب”.
ويلفت الدكتور أمين الدين النظر الى ان “شيئاً مهماً ونادراً قد حصل، وهو ان قيادة الاركان في الجيش الاميركي اصدرت بيانا اعلنت من خلاله تأييدها فوز بايدن بعد تصديق الكونغرس، وهذا دليل على ان القوة العسكرية لم تعد بيد ترامب، وهي ستتبع الاصول الدستورية وتلتزم بقرارات الادارة السياسية المدنية. الى ذلك برز اعلان الاتحاد الوطني للاسلحة الاميركي افلاسه ويذكر ان خلافاً وقع بينه وبين ولاية نيويورك بسبب اتهامها له بإستعمال أموال المساهمين فيه كأنها امواله الخاصة، والتي من خلالها قام بتمويل حملة ترامب الانتخابية، وهذا النزاع قائم منذ شهر آب 2020. الى ذلك فإن الاتحاد المذكور، على شفير الاقفال وهو الموجود على الساحة الاميركية منذ 150 سنة”.
وبحسب أمين الدين، “فإن اعادة احياء نشاط الاتحاد، ان حصلت، ستكون وجهتها تكساس وليس نيويورك، اذ تحظى تكساس باغلبية جمهورية ومؤيدة لترامب وافكاره”، ويتابع “كان لافتاً ايضاً حظر موقع فايسبوك اعلانات الاسلحة الى ما بعد تولي بايدن سدة الحكم. اذاً، كل الاجراءات المتخذة تشير الى العمل على ضبط الامن والسير بموضوع بايدن حتى النهاية، ما يعني ان ترامب كرئيس جمهورية لم يعد له اي دور”.
وحول امكانية محاسبة ترامب، فيرى الدكتور أمين الدين ان “هناك 74 مليون انسان صوتوا لترامب وهي نسبة عالية. صحيح انه قد تم اعلان هزيمته في الانتخابات، الا انه في الوقت عينه تم الاعلان عن ظهور اليمين المتطرف وبشكل غير مسبوق في التاريخ الاميركي الحديث. فمنذ القرن الماضي، ظهرت منظمات متطرفة ضد السود. أما اليوم، فهي تشدد على ساميَّة العرق الأبيض. وبرأيي، إن الحالة الترامبية حالة موجودة ولكنها كانت كامنة نوعاً ما حتى جاء من أثارها وأظهرها للعلن”.
ويتابع: “المحاسبة يجب ان تنقسم الى قسمين اثنين، الاول على مستوى الحزب الجمهوري والثاني على مستوى البلاد ككل. على مستوى الحزب، من المستبعد ان نرى محاسبة داخلية أو سحباً لعضوية ترامب، فالأخير يمثل حقيقة السياسة الخارجية الأميركية، وطريقة تفكير صناع القرار. ما يمكن توقعه هو إنقسام على صعيد الحزب، سواء داخلياً أو قيام ترامب بتأسيس حزب يكون معظم أعضائه من الجمهوريين.”
ويكمل “اما على الصعيد العام، فقد تكون هناك محاكمة لترامب خصوصاً بعد اتهامه بموضوع ما جرى في الكابيتول هيل والذي تسبب بوقوع ضحايا، كما يمكن ان تظهر له ملفات اخرى، مثل التهرب الضريبي أو ما شابه. وهناك سيناريو آخر يتمثل في تهميشه واستمرار الحكم.
من وجهة نظر شخصية، ارجح إلى السيناريو وذلك إما لإبعاد ترامب عن الإنتخابات المقبلة أو على الأقل إشغاله بأمور تبعده عن الترشح مجدداً العام 2024.”
اذاً، نهاية “عصر” ترامب اضحت على الابواب. فهل ستشهد اميركا تسليماً سلمياً لمقاليد الحكم ام ان مشاهد الهجوم على الكابيتول هيل ستتكرر؟.