انه اسبوع موعد العشرين من كانون الثاني، بحيث ستنشدّ أنظار العالم الى واشنطن يوم الأربعاء المقبل لمشاهدة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن يتسلم مهماته مكان الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، مع كل ما سيحمله هذا الحدث من حسابات ورهانات حيال تداعيات تسلم الإدارة الأميركية الجديدة على مختلف مناطق العالم. ولبنان لن يكون بعيداً ابداً من ارتدادات هذا الحدث، بل ان ثمة أوساطا وجهات سياسية لبنانية عدة ذهبت بعيدا في ربط الازمة السياسية الحكومية الخانقة التي يشهدها لبنان بالاستحقاق الانتخابي الأميركي وتغير الإدارة على رغم المبالغة التي يتسم بها هذا الربط نظرا الى عوامل كثيرة ليس اقلها ان “دور” لبنان في الإهتمامات الطارئة الاستراتيجية داخليا وخارجيا للإدارة الأميركية يصعب ان يكون في الأولويات. وتبعاً لعقم انتظار الاستحقاقات الخارجية لن يحجب العد العكسي للحدث الأميركي من اليوم حتى الأربعاء المقبل مجريات الحدث الدراماتيكي المتدحرج في لبنان سواء على الصعيد السياسي او على الصعيد الوبائي والصحي والاستشفائي. فإذا كانت مجريات الازمة الصحية لم تتبدل بعد خمسة أيام من الاقفال العام بما يرجح على ما يبدو الاتجاه الى التمديد لخطة الطوارئ الصحية بعد انتهاء الأيام العشرة الأولى المحددة لها، فان واقع الازمة الحكومية بدأ يتجه في ظل الشلل المتمادي وترك البلاد فريسة أخطر مرحلة مر بها لبنان في تاريخه نحو مجريات جديدة ستشكل عوامل ضاغطة بقوة للخروج من مرحلة الشلل وتحريك الاتصالات والوساطات والمشاورات من اجل إيجاد مخرج للازمة الحكومية لان المؤشرات الجدية للواقع الداخلي تنذر باقتراب انهيارات اجتماعية مخيفة تحت وطأة الجائحة الوبائية والاقفال العام من جهة، والانهيار المالي والاقتصادي من جهة أخرى. وتؤكد مصادر سياسية بارزة في هذا السياق ان جميع المعنيين وفي مقدمهم الحكم الذي لا يتحمل تبعة اخضاع الازمة الحكومية لأساليب التعطيل ولي الأذرع، وضعوا في أجواء بالغة الخطورة حيال الواقع الاجتماعي والتداعيات التي قد تتفجر في أي وقت ما لم يحصل اختراق سياسي سريع ينهي ازمة التاليف ويأتي بالحكومة الجديدة. وتشير هذه المصادر الى ان لغة المكابرة التي تبرر بها أوساط العهد تعطيل تاليف الحكومة لم تعد تخفي امر العمليات الإقليمي الذي اختبأ وراءه “المحور الممانع” لكي يمرر المرحلة الانتقالية في الولايات المتحدة فيما يدفع لبنان الاثمان المخيفة لتوزيع الأدوار بين العهد وحليفه من خلال تعطيل تشكيل الحكومة الانقاذية ولكن هذه اللعبة بدأت تشارف نهاياتها وسيكون العهد في عين العاصفة المخيفة ان مضى في التعطيل.
الراعي مجددا
ولا يبدو إصرار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على “ملاحقة” رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بمطلب اللقاء والتوافق على تشكيل الحكومة بعيدا من خشيته من محظور الانفجار الاجتماعي بدليل انه انتقد امس “تحجر مواقف السياسيين الذي يجعلهم أسراها”، وابرز الواقع القاتم وسط تعطيل تاليف الحكومة معتبرا “ان الباب المؤدي الى طريق الحل لكل هذه الامور هو تشكيل حكومة انقاذ مؤلفة من نخب لبنانيةِ”. وبدا لافتا قوله “كون الدستور يحدد بوضوح دور كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، تمنيت عليهما أن يعقدا لقاء مصالحة شخصية تعيد الثقة بينهما، فيباشرا بغربلة الاسماء المطروحة واستكشاف أسماء جديدة وجديرة، واضعين نصب أعينهما فقط المصلحة العامة وخلاص لبنان، ومتجاوزين المصالح الآنية والمستقبلية، الشخصية والفئوية. وفي هذه الحالة نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية اخذ المبادرة بدعوة دولة الرئيس المكلف الى عقد هذا اللقاء. فالوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرر على الاطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة”.
السباق الى اللقاحات
وسط هذا الشلل السياسي وفيما تسجل مجريات الكارثة الوبائية والصحية المتفاقمة مزيدا من الفصول المأسوية في ظل الاختناقات التي تعاني منها المستشفيات، برزت ملامح اندفاعة متعددة الجهات الحكومية والنيابية والصحية نحو استدراك التأخير في استيراد اللقاحات الى لبنان. وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الصحة العامة حمد حسن أنه وقع صباح امس العقد النهائي مع شركة فايزر لتأمين أكثر من مليوني لقاح تصل تدريجا من بداية شباط المقبل، ويضاف هذا العقد الى الاتفاق الموقع في تشرين الأول الماضي مع منصة كوفاكس العالمية، التي ترعاها منظمة الصحة العالمية لتأمين مليونين و700 الف لقاح من شركات عالمية متعددة ستصل تباعا الى لبنان. وقال البيان ان الوزارة وبالتعاون مع القطاع الخاص، في صدد تأمين مليوني لقاح من شركتي Astrazeneca و Sinopharm بدءا من شباط المقبل، وتم حجز لقاحات إضافية من شركة Johnson ستصل بمجرد انتهاء المصادقات العالمية على اللقاح، ولا تزال المباحاث مع شركتي Moderna الأميركية وSputnik الروسية، بمساهمة القطاع الخاص لتأمين كميات إضافية وفق الشروط العلمية العالمية. وتزامن ذلك مع تسليم الوزارة امس 18 قطعة من أجهزة التنفس الكاملة لاستخدامها في أقسام العناية الفائقة للمرضى، وتوزيع أجهزة أوكسيجين بالأنف على سبيل هبات أو إعارة للمستشفيات الخاصة والحكومية. كما أعلنت الوزارة ان رئيس مجلس النواب نبيه بري بادر إلى الطلب من وزير الصحة العامة تحويل المستشفى الميداني القطري من صور إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي أو المدينة الرياضية .
من جهته لفت رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الى أن الإقفال لمدة عشرة أيام غير كافٍ للحدّ من انتشار الفيروس بل يجب الإغلاق لمدة ثلاثة أسابيع كما توصي منظمة الصحة العالمية.
وأعلن رئيس اللجنة الوطنية للقاح ضد كورونا عبد الرحمن البزري أن التلقيح سيصل الى لبنان في شهر شباط، على أن تصل 250 ألف جرعة في الربع الأول من السنة، وسيتلقى 125 ألف مواطن الجرعة الأولى، وأكد انه من الناحية العلمية والتنظيمية اللبنانيون في أيادي أمينة رغم الإمكانات المتواضعة.
يشار في هذا السياق الى ان وزارة الصحة سجلت في تقريرها اليومي عن الواقع الوبائي امس 3654 إصابة و40 حالة وفاة.