مصدر سياسي متابع لعملية تأليف الحكومة وما يجري في الكواليس وجولات التفاوض، يروي فصلاً من فصول هذه
العملية ويقول: ما دار ولا يزال في إجتماعات عون والحريري، أنها ربما المرة الأولى منذ إتفاق الدوحة عام 2008 ،
يبدوان وحدهما في الظاهر معنيين بتأليف الحكومة وبالخلافات الناجمة عنه. لا دور لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا
لحزب الله، ولا للنائب جبران باسيل علنا على الأقل. الباقون جميعا يتفرجون ويفسرون الصمت الشيعي على
رضى على حصة الطائفة )حقيبة المال + توزير يوسف خليل وجهاد مرتضى لبري وابراهيم شحرور ومايا كنعان للحزب(. وليد جنبلاط حاز حقيبة سيادية للمرة الأولى منذ عقود مختلفة عن التي اعتاد الدروز عليها كالداخلية والدفاع،
فإذا هي هذه المرة الخارجية من شأنها أن تمسي أو يجعلها جنبلاط سابقة.
ِ في إحدى محطات الإجتماعات، قبل الحريري بانتقال حقيبة الداخلية الى عون، في مقابل حصوله هو على حقيبة العدل. ترافق ذلك مع تفاهم على تقاسمهما الحقيبتين المدرارتين الأخريين الطاقة والثاني يحصل على الأتصالات: و يفز
الثاني بالأخرى أو بالعكس. لاحقا تراجع الحريري عن تخليه عن الداخلية، وبات يُصر عليها وعلى العدل. يريد الأولى لزياد أبو حيدر وللثانية لمى عمر مسقاوي، فيما سمى عون الأولى عادل يمين وللثانية جويل فواز. في اجتماع الأربعاء حضر الحريري حامال معه رفضا كامال لإسم يمين ومعه ملف بصوره مع باسيل وحزبيين في التيار الوطني الحر كي يفصح عن عدم قبوله به كونه يعتبره حزبيا رغم تأكيد عون له أنه وزيره هو. الى هذا الإجتماع أيضا حمل عون الى الحريري ملفا تضمن جدوال بـ17 هيئة عامة ومؤسسة رسمية بما فيها هيئات الرقابة السابقة واللاحقة ناهيك بالصناديق، كلها تقع تحت سلطة رئيس الحكومة ومرجعيته، وهي الممسكة بكل مفاتيح الإنفاق في الدولة ومعظمها ضلاع في إهدار مال عام، كي يقول له بأنه لن يسمح له بالهيمنة على كل المقدرات.
مصدر ذو صلة وثيقة بالقصر الجمهوري نفى كل ما يتم تداوله من أن الرئيس ميشال عون يعرقل عملية تشكيل الحكومة وقال إن "عون بدا متساهلاً في عملية التشكيل ولم يطلب ثلثا معطلاً مقابل أن يكون له الدور في تسمية الوزراء المسيحيين طالما أن كل فريق طائفي أعطى لنفسه حق تسمية وزرائه أو الموافقة عليهم. كانت أولى المفاجآت حين زاره رئيس الحكومة المكلف مقدما لائحة فيها عدد من السماء، قسم منها لا علم له بها وأسماء أخرى بعيدة عنه في السياسة
وقد تم إحتسابها من حصته بينما هم أقرب للحريري مثل جوي صدي المطروح لتولي حقيبة الطاقة والذي تربطه معرفة بالحريري، وفي حين يحتسب الرئيس المكلف فاديا كيوان من حصة رئيس الجمهورية فالرئيس عون الذي يكن لها كل إحترام وتقدير لا تربطه بها عالقة مسبقة والمتعارف عليه قربها من النائبة بهية الحريري".
ويتابع المصدر قوله إن "عون فوجئ أيضا بتسمية لبنى عمر مسقاوي لوزارة العدل فتحفظ على الطرح إنطلاقاً من أن
المرشحة لهذا المنصب ليست ذات خبرة مسبقة بشؤون هذه الوزارة، فضلاً عن ذلك فإن مدير عام وزارة العدل من الطائفة
السنيّة، وكذلك الأمر مّدعي عام التمييز غسان عويدات ورئيس التفتيش القضائي، ما يمكن تفسيره بوجود حرص لأن يتولى الفريق ذاته كل الإدارات المتعلقة بالعدل في محاولة للتحكم بملفات الفساد وإثارة ما يناسبه منها مقابل التكتم على
أخرى، خصوصا وأنهم لا يخفون إستياءهم من الملفات التي تثار اليوم".
وما يستغربه المصدر القول إن "عون طرح أسماء للتوزير بينما هو استمع لطرح الرئيس المكلف موضحا له أن المحامي عادل يمين يمكن طرحه كبديل عن مسقاوي فرد عليه الرئيس المكلف: "هذا عوني وتابع للتيار الوطني الحر"، فأجابه عون: "ليس منتسباً للتيار ولا يحمل بطاقة إنتساب"، فأجابه الحريري "ولكنه صديقك". فأجابه عون حينها: "أليست لبنى مسقاوي منسقة في مصلحة شؤون المرأة في تيار المستقبل وتعرفها حق المعرفة؟".
خلاف آخر هو على المعايير وهذه كانت أيضا موضع عتب بين عون والرئيس المكلف، حين سأله عون: لماذا يتم إسناد حقيبة سيادية للموحدين الدروز ولا يسري المعيار ذاته على الروم الكاثوليك، علما أن حجمهم يوازي حجم طائفة الموحدين؟ وفيما كان أغلب الظن أن يقع الخيار على سفير لبنان في موسكو شوقي أبو نصار لحقيبة الخارجية، فإذا بالرئيس عون يُفاجأ بترشيح سفير لبنان في الهند ربيع الترش بدلاً من أبو نصار وتُسند له الخارجية وحقيبة الزراعة، فهل
يمكن لوزير خارجية أن يجمع بين الشؤون الخارجية وشؤون الزراعة؟
وهل يتناسب هذا الدمج بين هاتين الحقيبتين وما القاسم المشترك بينهما؟