2025- 01 - 15   |   بحث في الموقع  
logo التأليف أمام مفترق طرق.. والقوات تحاول فرض وصاية على الرئيس المكلف!.. غسان ريفي logo أسرار الصحف logo عناوين الصحف logo نوّاف سلام.. إرث العائلة أم خيار مصطفى أديب؟.. عبدالكافي الصمد logo الإحباط الشيعي..أطلقه محمد رعد وتغذيه "القوات" logo سلام "يمدّ اليدّ" لحكومة كفاءات: المستقبل يبدأ الآن logo "الثنائي" يقاطع الاستشارات أم الحكومة؟ logo حزب الله يفكك ميليشياته بسوريا ويتخلى عن مقاتليه السوريين
تغيير النظام اللبناني بات ضروريًا ( د.جيرار ديب)
2020-12-28 08:57:49



بعد ٧٧ عامًا على نيل لبنان استقلاله عن الدولة الفرنسية، واحتفاله هذه السنة بمئويته الأولى على تأسيس كيانه، كان يجب الحديث عن لبنان ، لبنان منارة الشرق. لكنّنا اليوم نتفاجأ بطرح المسؤولين فيه المعضلة التالية: "من سيكرر النفط العراقي المصدّر إلى لبنان؟" ويأتي ذلك بعد استجرار النفط الأسود من العراق، نتيجة الإتفاق الثنائي بين وزيري الطاقة اللبناني والعراقي.
 
العجز في تكرير النفط الذي يحتاجه البلد، والذي حصل عليه بعد مفاوضات تعتبر شاقة بين البلدين بسبب آلية الدفع، يضع اللبناني أمام تساؤلات كثيرة أبرزها: أي دولة بنيت خلال هذه السنوات من التغني بالإستقلال والكيان؟ هل فشل النظام السياسي الحالي في بناء الدولة الحديثة التي عليها أن تؤمن أبسط احتياجات المواطن الأساسية للعيش الكريم؟ هل البديل يكمن إذًا بالدعوة إلى عقد إجتماعي جديد بين اللبنانيين وبحضانة أممية للخروج بلبنان الجديد؟
 
الموضوع لا يتوقف عند من سيكرر النفط العراقي، بل يطال بنية الدولة اللبنانية، ويعرّي المسؤولين الذين تناوبوا على السلطة والحكام الذين حكموا البلاد، ويظهر فشلهم الذريع في بناء وطن. لقد سيطرت على الحياة السياسية في لبنان، المحسوبيات والزعامات، واستغلال الوظيفة، ونهب المال العام، وعدم المحاسبة تحت ذريعة الخطوط الحمر الطائفية والحصانات والحمايات. 
 
لم يُبن لبنان الكيان على أساس دولة المواطنة، بقدر ما قسّمه مسؤولوه إلى كيانات – طائفية، تشبه كل فريق سياسي، فانتُهك الدستور على حساب الأعراف، وضَعُف دور الدولة على حساب الدويلات. تمكّنت الأحزاب الحاكمة من تقوية وجودها، فموّلت مشاريعها من ميزانيات الحكومة، والبعض ذهب أبعد، حيث ربط مصيره بمصير دول إقليمية. 
 
لبنان بعد الأعياد، مهدد بالعتمة القاتلة، بسبب الخلاف مع شركة سوناطراك الجزائرية حول قضية الفيول المغشوش؛ إذ رفضت الأخيرة تجديد عقد بيع النفط مع الدولة اللبنانية. لبنان إلى اليوم، لم يبن معامل لتكرير النفط، رغم أنّ شواطئه عائمة على آبار نفط وغاز، تتصارع عليها الدول الإقليمية. وقد يكون هذا مؤشرًا على أنّ عملية استخراج ثروته النفطية، لم تعد قاب قوسين، بسبب تعثّر المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني.
 
 لم يبق من لبنان سوى الإحتفال بعيد الإستقلال، في ٢٢ تشرين الثاني من كلّ عام. حتى في هذه المناسبة الوطنية، هناك شريحة واسعة من اللبنانيين تترحّم على الإنتداب الفرنسي، والبعض عبّر عن ذلك علنًا، أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في زيارته لبيروت بعد كارثة المرفأ في ٤ آب الفائت.
 
لم تُخرج الحرب الأهلية التي اشتعلت عام ١٩٧٥، ودامت خمسة عشر عامًا، اللبناني من شرنقة الفكر الطائفي، ولم تعلّمه ويلاتها تقبّل الآخر، وبناء الجسور بين مكونات هذا الوطن. 
 
في حرب البيانات التي شهدتها الساحة اللبنانية مؤخرًا بين الرئاستين الأولى والثالثة، حول مواد الدستور ٥٣ و٦٤، المتعلّقة بصلاحية رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، دليل واضح على تشرذم اللبناني حتى في تفسيره للمواد الدستورية. في حين يجمع اللبنانيون، على أنّ المرحلة الحالية لا تتحمل الخلافات، بل تحتاج إلى تشكيل حكومة إنقاذية، لإخراج البلد من أزماته الإقتصادية. 
 
لبنان الذي مرّ بمراحله التأسيسية، لا سيما مع اتفاق الطائف ١٩٩٠، عدّل دستوره وتمّ تجاوز مواده مرات عدة. لم يعد نظامه رئاسي، فهو اليوم يعاني من هوية ضائعة، بين الصلاحيات الرئاسية الثلاث، وتفسير مواده الدستورية. على ما يبدو إنّ اتفاق الطائف قد سقط في يد التوزيع الديمغرافي، وهيمنة السلاح؛ فالمطلوب إعادة بناء نظام جديد، تحت عنوان عقد إجتماع بين مختلف مكوناته. 
 
تكرار الأزمات السياسية في لبنان دليل واضح على تعثّر الحكم فيه. لذا، فإنّ العقد الإجتماعي المطلوب يجب أن ينطلق من اتفاق الدوحة ٢٠٠٨، الذي أنهى حالة صدام بين اللبنانيين كادت أن تتحوّل إلى حرب أهلية ثانية. هذا الإتفاق الذي فرض ما يعرف "بالمثالثة في اتخاذ القرار"، أي بين الشيعي والمسلم ( السنة والدروز وأقليات مسلمة) وبين المسيحي. هذا ما كرّسه الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، عبر تمسّكهم بوزارة المالية، ورفض المداورة فيها، لأنّ توقيع وزير المالية يعتبر التوقيع الثالث بعد توقيعيّ رئيس الجمهورية (المسيحي)، ورئيس الوزراء (السني)، ومن دون هذا التوقيع لا قرار يتّخذ في الدولة اللبنانية. 
 
فرض المثالثة، والخوف من السلاح المتمركز مع طائفة محددة، فضلًا عن الخوف من توطين الفلسطينيين في لبنان وقلب الموازين الديمغرافية، دفع بالشريك المسيحي لرفع الصوت عاليًا مناديًا باللامركزية الموسّعة. اللامركزية الموسّعة يعتبرها الكثيرون أنها بداية المطالبة بالفيدرالية أي الوصول إلى التقسيم، وتكون قبرص الدولة الجارة للبنان المثال الحيّ على التقسيم، بين قبرص المسيحية وقبرص المسلمة.
 
قد يكون تطبيق الفيدرالية بعيد المنال في المدى المنظور، لكنّ المؤكد، أنّ النظام الطائفي في لبنان بات عبئًا على الكيان ويجب التخلّص منه. كما وإنّ تطبيق الدولة المدنية، رغم جديّة طرحه، إلّا أنه بعيد المنال أيضًا في المدى القريب والمتوسط، بسبب الطائفية الموجودة في نفوس اللبنانيين. لذا يبقى الأكيد، أنّ اللامركزية الموسّعة ستأخذ هامشًا واسعًا من الدراسة بين مكونات لبنان، سيما وإنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان قد طرحها في صلب مبادرته.
 
             
 
 
 


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top