قتل أو إغتيال المصور الصحافي جوزف بجاني في الكحالة أمس ليست جريمة عادية ولن تمر من دون ضجة وتفاعلات...
هذه الجريمة التي هزت الرأي العام وسلّطت الضوء على الوضع الأمني المتسيّب، وسممت جو الأعياد، إستأثرت بالإهتمام الزائد لألسباب التالية:
1-طبيعة الجريمة التي تصنّف "جريمة منظمة" مخطط لها، نفذت على يد مجموعة 3 أشخاص محترفة، نفذت بأعصاب باردة عملية القتل في وضح النهار وأمام منزل المغدور، وتمكنت من المغادرة والتواري. وبالتالي، فإن هذا الإغتيال، وبغض النظر عن الهدف الشخصي غير السياسي، مضافا إليه جرائم قتل غامضة جرت في الآونة الأخيرة، عزز المخاوف والتوقعات بأن يكون الوضع مقبل على تأزم وفوضى، وأيقظ هاجس الأغتيالات...
2-الجريمة إستهدفت شخصا ولكنها طالت أيضا بلدة الكحالة التي اعتبرت أن في الأمر إنتهاكا لـ"حرمتها" وأمنها وخصوصيتها، وتحديا لمشاعر أبنائها وكرامتهم، بأن يتجرأ مسلحون على الدخول الى "عمقها"، وهذا ما لم يحصل أبدا
حتى في عز أيام الحرب، وهذا ما يفسر ردة فعل أهالي البلدة الذين تجّمعوا وقطعوا الطريق الدولية لساعة إحتجاجا
ومطالبة بتحقيق سريع يصل الى نتيجة...
3-الجريمة التي تندرج في إطار جرائم الفلتان الأمني الناجم عن الوضع الأقتصادي المزري، وكونها جريمة منظمة لم تهدف الى السرقة والعالقة بأسباب وعداوات شخصية، فإنها درجت في سياق "الأغتيالات" التي ارتفعت درجة التحذير منها والأستعداد لها في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع إرتفاع درجة السخونة الداخلية واحتدام الأزمات والمواجهات.
4-مجرد الربط بين إغتيال بجاني، الذي يعمل في شركة "ألفا" للإلتصالات، إضافة الى أنه مصور صحافي معتمد لدى الجيش وقوى الأمن والـUN ،ويصف نفسه على صفحته على "تويتر
" بأنه مصور عسكري ومعلومات عن أدلة مصورة و الرابط بين إنفجار مرفأ بيروت وثقها و سلمها الى محققين أميركيين وفرنسيين في قناة "الحدث"... كان كافيا لأضفاء طابع "أمني ـ سياسي" على الجريمة ورفع درجة المتابعة لها... وهكذا، فإن السلطات اللبنانية باتت مهتمة ومعنية بالكشف عن ملابسات الجريمة لقطع دابر أي تفسير أو إستغلال خاطئ أو مسيء، خصوصا بعدما تحولت إلى قضية رأي عام ولم تعد مجرد حادث فردي، وبعدما صدرت ردود فعل عاجلة من قوى وشخصيات سياسية منددة ومحذرة.
القوى الأمنية رفعت جهوزيتها لحل ألغاز جريمة الكحالة، وتعمل على أكثر من خيط في الجريمة، وثمة إصرار من القيادات السياسية والأمنية على حل ألغازها سريعا، كونها جريمة غير عادية، ويجب كشف دوافعها، كي يتم إستثمارها في غير مكانها الصحيح. وقد جرى بالأمس حصر داتا الكاميرات في البلدة ومحيطها لمحاولة رصد تحرك الجناة. والأمر المقلق في عملية الأغتيال هو إستخدام المنفذين مسدسا كاتما للصوت.
ويجري تحرك القوى الأمنية والقضائية على وقع مواقف وردود فعل منها:
- الحزب التقدمي الأشتراكي دان في بيان الجريمة، وحض الأجهزة الأمنية المعنية على إجراء التحقيقات السريعة
لكشف ملابسات ما حصل وسوق المجرمين الى القضاء وإنزال أشد العقوبات بهم. وعبّر الحزب عن قلقه البالغ من تتالي
مثل هذه الحوادث وما تحمله من مؤشرات خطرة.
- غرد رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل عبر "تويتر": "تحولون البلد الى دولة تمارس فيها كل أنواع الأرتكابات الميليشياوية والمافياوية التي تسري في الدول المارقة. المطلوب الكشف فورا عن منفذي الجريمة".
- نشر النائب المستقيل نعمة افرام تغريدة على حسابه على "تويتر": هل لجريمة إغتيال المواطن جو بجاني عالقة
بتوثيق إنفجار بيروت؟ عندها يجب رفع هذه القضية الى أعلى المستويات القضائية وربما العالمية. وفي كل الأحوال،
يتوجب كشف الوقائع سريعا وإنزال أشد العقاب بالجناة.
- عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب زياد الحواط إعتبر أن
ّها هو السلاح المتفلت يسرح ويمرح بين اللبنانيين وينذر بوضع أمني خطر جدا في كل المناطق". وتابع عبر "تويتر": "ما حصل صباح أمس في الكحالة يحتّم اليقظة ويضع المعنيين أمام مسؤولياتهم. فإما الفلتان والفوضى إلى أقصى الحدود، وإما التحرك فورا ووضع حد لهذا الخلل الأمني الحاصل".