تؤكد مسؤولة المختبر في المركز الوطني للانفلونزا التابع لمستشفى الحريري الجامعي وطبيبة مختبر في مستشفى الحريري الدكتورة منى البعيني أنه “حتى الساعة لم يُسجل أي حالة ايجابية من الانفلونزا في لبنان أو حالة انفلونزا وكورونا في آن واحد. ونتابع في المركز الوطني للإنفلونزا التابع لمستشفى الحريري. عادة نرسل عينات من فيروسات أو فيروسات يتم تربيتها في المركز الوطني للانفلونزا إلى مراكز السيطرة على الأمراض في أميركا وأتلانتا ومنظمة الصحة العالمية. وعليه، نشارك هذه الفيروسات في أوقات محددة حيث يُعمل عليها وتُناقش ضمن اجتماعات علمية متخصصة لتطوير اللقاح. بعد المناقشات والاجتماعات يتم اختيار الفيروسات لتطوير اللقاح، والجديد اليوم اختيار إحدى هذه السلالات من لبنان، ولكن ماذا يعني ذلك؟
برأي البعيني انه “عند اجراء التسلسل الوراثي لهذه السلالة، تصبح مرجعاً علمياً عالمياً وليس فقط على الصعيد المحلي لمقارنتها بكل انواع السلالة الفيروسية نفسها. ويسمح بروتوكول ناغويا (دخل لبنان فيه منذ 2011) بالمشاركة والاستفادة من المعلومات. وعادة يؤدي فيروس الانفلونزا (العدوى التنفسية الحادة والشديدة) إلى ارتفاع في الحرارة لأكثر من 10 أيام، والسعال، وتستدعي حالة المريض دخول المستشفى.
تضيف أنه “بعدما عصفت الجائحة بالعالم كله وبما فيها لبنان، أصبحت الأولوية لفيروس كورونا ومتابعته وترصد المجموعات الوبائية. وقد شاركنا في هذه المعركة من خلال اجراء فحوص الـPCR. واليوم نرصد أي حالة انفلونزا أو كورونا أو الاثنين معاً.
وتشير البعيني إلى أن “موسم الانفلونزا لم يبدأ بعد في لبنان وهذا التأخير يطال كل الدول في جنوب الكرة الأرضية. وبما أن هذه السنة تعتبر استثنائية نتيجة وباء كورونا، طلبت منظمة الصحة العالمية عبر برنامج الشبكة العالمية لترصد الانفلونزا بالإبلاغ عن أي حالة انفلونزا حتى لو كانت الحالة وحيدة ومشاركة هذه العينة في شكل فوري بسبب عدم تسجيل اي حالة حتى الساعة”.
وتؤكد البعيني على أنه “في علم الوبائيات عندما يتفشى فيروس واحد ويكون في ذروته، يصبح الفيروس الثاني أو الفيروسات الأخرى شبه غائبة او غير موجودة. ونعمل اليوم مع قطاع الترصد الوبائي في الوزارة على تدريب المناطق حول كيفية ارسال العينات، ولكن لغاية الساعة لم نُسجل أي حالة انفلونزا في لبنان. علماً أن عوارض كورونا متعددة مثل فقدان حاستيّ الشم والتذوق والحرارة والسعال وألم في الجسم وإسهال وألم الرأس وضيق التنفس… في حين أن عوارض الانفلونزا (العدوى التنفسية الحادة) أكثر حدّية وشديدة مثل ارتفاع في الحرارة والسعال والحاجة للدخول إلى المستشفى. نحن نراقب هذه الحالات ونرصدها وليس كل حالات الانفلونزا.
ويمكن القول إن موسم الانفلونزا لم يبدأ بعد في لبنان وفي معظم الدول نتيجة تفشي كورونا، ومن المتوقع أن نشهد حالات انفلونزا في أواخر كانون الثاني او شباط المقبلين في حال انخفاض حالات كورونا. علينا أن نعرف أنه كلما ارتفعت الاصابات بكورونا يصعب على فيروس الانفلونزا الظهور أو الإنتشار. ومع ذلك نقوم بالترصد الوبائي لكورونا والانفلونزا منذ شهرين ولكن لم يُسجل حتى الساعة سوى حالات كورونا”.
في المقابل، تشدد الاختصاصية في الأمراض الجرثومية الدكتورة أسيمة دبوني لـ”النهار” على أن “الاعراض تتشابه جداً بين كورونا والانفلونزا والتي تُصيب الجهاز التنفسي ولا يمكن تشخيصها من الفحص السريري وانما من الفحص المخبري سواء الـPCR أو الخاص بالـH1N1 . وتتمثل العوارض بحرارة وصداع وألم في الجسم وتعب واسهال والسعال وإلتهاب الرئتين، وكل الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي تكون عوارضها متشابهة.
أما بالنسبة إلى حالات الانفلونزا هذه السنة، فالحديث عن تأخر أو تسجيل حالات بسيطة جداً في مختلف أنحاء العالم، ويعود سبب ذلك إلى استخدام الإجراءات الوقائية التي تحمي من الانفلونزا، من ارتداء كمامة إلى غسل اليدين والتباعد الاجتماعي. ولأن طريقة العدوى نفسها سواء بالرذاذ أو اللمس، لا تختلف سبل الوقاية بينها وبين فيروس كورونا. كما أن إقبال الناس هذه السنة على تلقي لقاح الأنفلونزا ساعد في التحصين والحماية مقارنة بالسنوات السابقة”.
وعن خطر إلتقاط الفيروسين معاً (الانفلونزا والكورونا)، تشير دبوني إلى أن “الجهاز المناعي سيقاوم أكثر وسيكون بمواجهة فيروسين وبالتالي سيتعب الجسم أكثر وسيعاني من عوارض عديدة وستكون التأثيرات أقوى مقارنة بشخص مصاب بفيروس واحد.
وعلى رغم من أن فيروس كورونا يتسبب بدخول المستشفى أو العناية الفائقة، إلا أن ذلك لا يلغي أيضاً مضاعفات الانفلونزا على بعض الفئات وتصل نسبة الوفيات به إلى 0.1%. كذلك إن الإصابة بانفلونزا حادة يؤدي إلى مضاعفات صحية والحاجة إلى العناية الفائقة وقد يؤدي أيضاً إلى الوفاة.
هل يساعد لقاح الانفلونزا في تقوية الجهاز المناعي ضد كورونا؟ تشدد دبوني أن “لا علاقة للقاح الانفلونزا بالحماية من كورونا، وكل لقاح يهدف إلى الوقاية من الفيروس نفسه ولا يشمل كل الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي.
وكما يختلف اللقاح يختلف العلاج لمواجهة هذين الفيروسين، وحتى الساعة وفق دبوني لا “يوجد علاج قد أثبت فاعليته 100% لعلاج كورونا في حين يوجد علاج مثبت للإنفلونزا والذي نعالج فيه المرضى”.