2024- 06 - 26   |   بحث في الموقع  
logo التناقضات الأميركية- الإسرائيلية: حرب على لبنان أم إسقاط نتنياهو؟ logo إطلاق نار كثيف على أوتوستراد البالما.. ما السبب؟ logo رسالة من بوحبيب إلى غوتيريش.. ماذا تتضمن؟ logo بطولة أوروبا: تعادل فرنسا وبولندا.. وفوز النمسا على هولندا logo بشأن ارتفاع أسعار الاستشفاء.. سلام يعقد اجتماعا طارئا غدا logo بوحبيب عرض وبيربوك للأوضاع.. وتشديد لبناني على الحلول السلمية logo شيخ العقل لبى دعوة الراعي للقاء بارولين في بكركي واتصل بالخطيب logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الثلاثاء
ما بين إلغاء الطائفية السياسية وإلغاء الآخر - بقلم جوي جرجس
2020-12-14 18:57:46



كثرت في السنوات الأخيرة المطالبات بإلغاء الطائفية، وتصوير الأزمات اللبنانية المتراكمة كأنها نتيجة للطائفية السياسية، فأضحت "قميص عثمان" تبريرات معظم القوى السياسية للفشل والفساد والمحاصصة والمطالب والرغبات والتعطيل ...


يؤخذ على التيار الوطني الحر استخدامه لمصطلح "حقوق المسيحيين" منذ بضع سنوات، بعد الغبن الذي لحق بالمسيحيين وممثليهم السياسيين الفعليين المغيّبين سابقًا عن السلطة. ورغم ان قيادة التيار توقفت عن استعمال هذا المصطلح منذ فترة غير قصيرة، الا انها أصبحت من ادوات الهجوم على التيار واعتباره تياراً طائفياً وأن مطالبه طائفية تخريبية. من يتهمونه- هم أنفسهم- أدوات اتفاق الطائف الذي حمل مشروع إلغاء الطائفية كشعار دستوري بينما كان ميثاقه طائفي بحت، والأعراف التي خلقها من توزيع طائفي ومذهبي للمقاعد النيابية والوزارية والرئاسية والوظيفية الادارية وغيرها.
كيف يُلام التيار على مطالبته بحقائب وزارية مسيحية إن كان الثنائي الشيعي يحتفظ بكل الحقائب الموزّعة على وزراء شيعة وله وحده حق تسميتهم بدون خرق، كذلك للمستقبل او لرئاسة الحكومة الاحتفاظ بتسمية كل الوزراء السنّة، أيضاً وأيضاً الوزراء الدروز يسميهم وليد جنبلاط وتخاض معارك سياسية للسماح للمير طلال ارسلان بالمشاركة بتسمية أي وزير درزي. تحتفظ هذه القوى بحصرية تسمية الوزراء المسلمين في أي حكومة (مع بعض الاستثناءات)، وتعتبر ان شراكة التيار من خلال الوزراء المسيحيين بنفس المعيار كأنه جرم وتعصّب وتطرف طائفي! هل تسمحون لهذا التيار بتسمية وزراء سنّة وشيعة ودروز قبل أن تعترضوا على حقه بتسمية الوزراء المسيحيين؟ ماذا عن التعيينات بالوظائف؟ ألا تحتفظ قوى نظام الطائف التي تشكل منظومة الحكم منذ ثلاثين عاماً، بحصرية توظيف الشيعة للثنائي والسنة للحريري والدروز للاشتراكي؟ هل المطلوب تسليم ما تبقّى من مواقع مسيحية لنفس القوى؟
نظرة سريعة على تركيبة حرس المجلس النيابي، تُظهر تركيبة أمنية ذات طابع مذهبي مع شبه آحادية بالانتماء المذهبي للعناصر المنضوية إليه.
في المجلس النيابي الحالي، يحتفظ الثنائي الشيعي بكل المقاعد النيابية الشيعية، كلها بدون أي خرق او استثناء، رغم النظام الانتخابي النسبي، وكان يُتهم كل طرف ثالث من المرشحين المنافسين بأنه من مرشحي السفارات والأدوات الاميركية الاسرائيلية بمواجهة مرشحي الشهداء ومن قدّموا الدماء فدى الوطن. هذا بالاضافة لتأثير الخطابات والارشادات والتكليفات الدينية المذهبية للناخبين.
كذلك يعيش اللبنانيون الممارسات الطائفية والمذهبية في الحياة السياسية على مختلف الصعد والمواقع. تعلو الصرخات منذ مدّة بسبب عدم توقيع رئيس الجمهورية لبعض مراسيم توظيف ناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، مع عدم وجود توازن مذهبي كبير نسبياً وخلل غير منطقي بالنتائج، كالامتحانات المشكوك بنزاهتها والّتي كانت الصحف قد نشرت تقارير عن تسريبات لأسئلة الامتحانات مسبقاً لأطراف سياسية مذهبية سلطوية معروفة واعتبرت ان النتائج غير عادلة وفيها غش وتزوير. كما تحمل في طياتها شراء الوظائف من خلال دفع المال لرشوة مسؤولين حزبيين تم تداول أسمائهم بكثرة. كما ان هذه الممارسات ليست بجديدة وتعتبر من اسباب انكفاء الشباب المسيحي اجمالاً عن التقدم بشكل كبير للامتحانات ومحاولة الخرق مع معرفتهم المسبقة بصعوبة خرق ما تفرضه القوى السياسية. كما قام الرئيس عون بإرسال رسالة للمجلس النيابي يطلب من خلالها تفسير المادة ٩٥ من الدستور الفقرة "ب" لوقف الجدل حول التفسير الدستوري للمناصفة الوظيفية. وفي هذا السياق يجدر التذكير بمرسوم كتّاب العدل الذي اوقفه الحريري مرتين، في المرة الاولى اعتراضاً على عدد السنّة فيه، والمرة الثانية بعد حل اول معضلة، بسبب التقسيم الطائفي المناطقي اذ أراد أن تكون حصة سنّة بيروت أكبر مما هي عليه.
كذلك لا يمكن نسيان عرقلة حركة أمل لمراسيم تعيين القناصل الفخريين، من خلال بدعة التوقيع الثالث، بعد رفضها تعيين قناصل شيعة من خارج عباءة الثنائي بالاضافة لرفض عددهم بمقارنة نسبية مع آخرين، ودخل البلد حينها بصراع تعطيلي حول إلزامية توقيع وزير المال من عدمه.
حتى في الملفات الانمائية، رفضت قوى سياسية طائفية مناطقية العديد من الحلول الصحية المتعلقة بالنفايات والمطامر الصحية المحدودة العدد بدل المطامر العشوائية المنتشرة بكثرة، حيث رفضت قوى سياسية السماح بمعالجة نفايات مناطق أخرى لديها لأسباب طائفية.
ضف إلى ذلك رفض علي حسن خليل وفريقه السياسي القبول بمناقصة تجرى لتلزيم محطة تغويز واحدة كبيرة كافية، في طرابلس، فأراد فرض محطة ثانية في الزهراني، بخلفية مناطقية مذهبية سنية-شيعية، معرقلاً بذلك جزءًا من خطة الكهرباء منذ عهد باسيل في الوزارة حتى عهد سيزار ابي خليل، الذي اضطر لتقديم طرحين امام مجلس الوزراء لحل أزمة التعطيل؛ طرح باسيل السابق بمحطة واحدة كبيرة في طرابلس وطرح ثانٍ من ثلاث محطات صغيرة الحجم تكون قبالة المعامل الجديدة الثلاث المنوي بناءها والتي ستعمل على الغاز، فكان ان قرر مجلس الوزراء مجتمعاً خيار الثلاث محطات مع ثلاثة معامل.
كذلك الامر مشروع سد جنة تم عرقلته لفترة طويلة لأسباب طائفية ومعه مشروع طريق القديسين الذي خاض باسيل معارك في مجلس الوزراء من أجل اقراره وتمويله، حيث كانت المعادلة عند الأطراف المعرقلة "لا مشاريع عندكم ما لم تقابلها مشاريع اخرى عندنا".
أما في الحدث فتُشنّ الحملات على بلديتها لأنها اوقفت السماح ببيع ما تبقى من عقارات ابنائها المسيحيين الذين تدنّت نسبتهم إلى أقل من ٤٠%، للمسلمين الذين يملكون أكثر من ٦٠% من العقارات، بهدف الابقاء على التنوع الطائفي في المنطقة مع ما مثلته من رمزية خاصة بعد الحرب الاهلية، علماً ان قرار البلدية أتى بتوافق بين القوى السياسية الممثلة للسكان فيها. بينما يحظّر مثلاً في مناطق أخرى ذات طابع مذهبي بحت، بيع المشروبات الروحية أو تقديمها في المطاعم، مع اعتداءات على محلات للتجار، ويحظر ارتداء ملابس السباحة في بعض المناطق الأخرى، خلافاً للقانون والحريات، من دون أن نشاهد أي استنكار او اعتراض من المزايدين في أمكنة أخرى.
كذلك ما زلنا نشهد في كل عام احراقًا لشجرة وزينة عيد الميلاد في مناطق لبنانية عدّة؛ والجدير بالذكر أيضاً الاعتداءات المتكررة على مناطق وكنائس ورموز دينية مسيحية رداً على اساءات صادرة في الخارج بحق الدين الاسلامي من جهات لا تمت للمسيحية بصلة، كغزوة الأشرفية في ٥ شباط ٢٠٠٦ والاعتداء على الكنائس، وحرق مكتبة تاريخية لكاهن في طرابلس ...
اخيرا، يمكن القول ان الطائفية متجذرة في العديد من نواحي الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان، لكن اغلب المشاكل التي تواجهنا هي بالاساس خلافات سياسية يتم التلطي فيها خلف شمّاعة الطائفية لشد العصب وحشد التأييد الشعبي.
وفي اطار المزايدة، يعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري انه اول من طالب بالغاء الطائفية السياسية وذلك منذ الستينيات، بينما في الواقع هو يمارس الطائفية
والمذهبية بأقصى درجاتها، لا بل يخلق أرانب طائفية ومذهبية جديدة لم تألفها الحياة السياسية، ليس آخرها بدعة أن وزارة المالية هي حق حصري للمذهب الشيعي، وحدها بين كل الحقائب الوزارية وبالتالي فهي لا تخضع لمبدأ المداورة، علما انه مرّ العديد من الوزراء المسيحيين والسنّة على هذه الوزارة قبل وصول علي حسن خليل إليها، ما يؤكد عدم وجود اساس شرعي لبناء عرف دستوري على اساسه.
والغريب ان الرئيس بري يحاول فرض ما يرفضه لنفسه على الاخرين الذين متى اعترضوا، رفع بوجههم تهمة الطائفية والتعطيل.
والرئيس بري الذي يشرف على تعيين كل الموظفين الشيعة في الدولة ويسهر على احتكار الثنائي للنواب والوزراء الشيعة في السلطة والذي يعقد الصفقات مع المستقبل والاشتراكي على قانون للعفو العام عن المجرمين لإخراجهم من السجون لمصالح شعبوية انتخابية من خلال الافراج عن تجار المخدرات في البقاع و سارقي السيارات والمهرّبين والاسلاميين المتهمين والمحكومين بقضايا عدة، هو نفسه من يلقي تهم الطائفية على التيار الوطني الحر متى رفض التيار السير بمشاريعه.
ولا يكتفي بري بالقاء التهم، بل يعمد بين الحين والاخر الى ابتزاز القوى المسيحية من خلال طرحه تعديل القانون الانتخابي ليصبح على اساسه لبنان دائرة واحدة، بشكل يهمّش صحة التمثيل على حساب العددية ويضرب بالتالي المناصفة. قانون معلّب مع نسبية وهمية لا قيمة فعلية لها، وينص القانون على إلغاء المعيار المذهبي تحضيراً لإلغاء المعيار الطائفي، كما يلغي الصوت التفضيلي من خلال لوائح مقفلة بتراتبية الأسماء، ليصبح قادراً على فرض النواب كما يشاء وبالتراتبية التي يشاء مستقوياً بالثقل الانتخابي لحليفه في المذهب نفسه، خافياً بذلك ظهور الفارق بالأحجام داخل اللائحة الواحدة مع إلغاء الأصوات التفضيلية، وإعطائه قدرة السلطان بتوزيع المقاعد النيابية بالتراتبية والاسلوب الذي يشاء، بدون مراعاة لأي تمثيل للأطراف التي بالمقلب الآخر وخارج باص لائحته.
والانكى انّ بري يروّج لقانونه العددي على انه مشروع انقاذي، يحصّن البلد ويلغي الطائفية فيما هو في الواقع قانون الغائي تستقوي فيه المذاهب الاكبر عددا مع وحدة صف مذهبية، على باقي المكونات مما يعزز الغبن والخلل في الدولة ويزيد الاحتقان والمظلومية لدى المسيحيين والدروز وغيرهم من الطوائف التاريخية المؤسِّسة للكيان اللبناني.
قانون الانتخاب خارج القيد المذهبي لا يلغي مذهبية فكر وخلفية وخيار الناخبين الذين سيتوجهون للاقتراع بخلفية مذهبية، خاصةً أن المنافسة ليست موجودة داخل كل المذاهب، بل ان أحد المذاهب سيفرض من خلال "وحدة الصف المذهبية" فارقًا عدديًّا عن باقي القوى داخل باقي المذاهب المتنوعة والمتنافسة.
إلغاء الطائفية من نفوس الناخبين حتى يقترعوا بدون خلفيات طائفية ومذهبية، تبدأ بإلغاء خطر الإلغاء المتمثلة بهكذا قوانين تفرض عليهم مسبقاً، وإلغاء الطائفية يكون بالممارسة السياسية اليومية المنطلقة من الذات عند القوى التي تدّعي ذلك، وتكون مجتمعياً من خلال دمج المجتمع اللبناني بقوانين موحّدة للأحوال الشخصية يكون من خلالها كل اللبنانيين متساوين أمام القانون، بدون حاجة أحدهم لتغيير طائفته حتى يحصل على الطلاق، ولا آخر لتغيير طائفته حتى يستطيع توريث بناته كما يريد إن لم يكن لديه أبناء ذكور. علينا أن نصبح كلنا مواطنين متساوين أمام القانون بأمورنا الحياتية والميراث وسن الزواج وغيره، فنخفف التفرقة والطائفية من حياتنا الاجتماعية وننتقل بها لخياراتنا السياسية غير الطائفية ليأتي بعدها قانون انتخابي خارج القيد الطائفي يقترع من خلاله الناس بدون خلفية طائفية أياً يكن شكل هذا القانون.
لكن من الآن حتى ذلك الوقت، فالأجدر بمن اعتاد المزايدات، أن يحترم الدستور الحالي وروحيته ويوقف محاولاته تهميش الآخرين وقضم حقوقهم، وأن يسعى لتطبيق اللامركزية الادارية والمالية الموسّعة وتأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية لوضع آليات تطبيقية للخروج من الطائفية السياسية والاجتماعية، أو الذهاب باتجاه تغيير النظام الحالي او تطويره، من خلال حوار جدي وصريح من خلال مؤتمر تأسيسي أو أي تسمية أخرى، نخرج من خلاله بحلول أخرى قد تطرح على الطاولة.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top