2024- 06 - 26   |   بحث في الموقع  
logo التناقضات الأميركية- الإسرائيلية: حرب على لبنان أم إسقاط نتنياهو؟ logo إطلاق نار كثيف على أوتوستراد البالما.. ما السبب؟ logo رسالة من بوحبيب إلى غوتيريش.. ماذا تتضمن؟ logo بطولة أوروبا: تعادل فرنسا وبولندا.. وفوز النمسا على هولندا logo بشأن ارتفاع أسعار الاستشفاء.. سلام يعقد اجتماعا طارئا غدا logo بوحبيب عرض وبيربوك للأوضاع.. وتشديد لبناني على الحلول السلمية logo شيخ العقل لبى دعوة الراعي للقاء بارولين في بكركي واتصل بالخطيب logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الثلاثاء
الحريريّة السياسيّة بشركائها فتكت بالدور المسيحيّ وأنهت لبنان اقتصاديًّا بدعم أميركيّ-أوروبيّ (بقلم جورج عبيد)
2020-12-14 18:57:45



بقلم جورج عبيد -


التاريخ في أزمنة غابرة وأزمنة حالية له مطلاّت. يفرز عناوين وحلقات، وقد تآلفنا، هنا وثمّة، على أنماطها ومعاييرها. ومن عاينها وشخص بها وفحص دوائرها وأجوافها رآها في غالبيتها محكومة بتوازنات محدّدة وأحيانًا محكمة، مع بعض الاستثناءات التي واجهها أجدادنا في لبنان وسوريا من مذابح طائفيّة وجوع رهيب. ومع ذلك قدر ذلك الجيل على القفز فوق المأساة بالمقاومة والمواجهة رافضين الاستسلام والرزوح، وأحيانًا كانت الظروف تساعدهم وأحيانًا أخرى كانت تجافيهم.
السؤال الذي أواجهه في هذا الزمن، هل يدأنا نعود إلى ذلك الزمن من جديد بامتزاج مع بداءة الحرب اللبنانيّة المنفجرة بتاريخ 13 نيسان سنة 1975؟
تشير الإجراءات التي تتبعها الحكومة اللبنانية بهشاشتها إلى تلك العودة بمعانيها العدميّة الصاعقة. تبوح تلك الإجراءات بجوهرها بمتبوعيّة أو استتباع تصرّ عليها الحكومة فيبدو الموحي والموحى إليه، الملهِم والملهَم واحدًا في استبداد الواهب على الموهَب إليه، واستعباد المتملّك والقويّ بالضعيف. ثمّة سؤال حقّ لنا بطرحه، هل نحن فعلاً في الموقع الأضعف الذي يقودنا نحو التلاشي المطلق، أو أننا نملك القدرة للوقوف بأعصاب فولاذيّة وحديديّة نتجاوز من خلالها كل معطوبيّة ألّمت بنا حتى النزيف الصاعق؟ أليس بمقدورنا أن نثب ونقفز فوق المصنّفات المعدّة لنا لتكون لنا الحياة؟
نظامنا السياسيّ في جوهره اهترأ مذ تمّ استبدال دستور 1926 الذي كان متوازنًا بدستور آخر أطاح بالتوازن واستبدله بمفهومين غريبين ليس لأيّ نظام سياسيّ القدرة على امتصاصه، وهما مفهوم الترويكا، أي النظام بثلاثة رؤوس، ومفهوم الشخصانيّة والفردانيّة المبيحة للترويكا شكلاً، مع تحوّل الذات المنتفخة إلى نظام مستقلّ بحدّ ذاته، وقد انكشف ذلك مع الحريريّة السياسيّة بمؤسّسها رفيق الحريريّ. "هذا الدستور" أطاح بقدرة رئيس الجمهوريّة على العمل والتفاعل مع الأحداث وأخذ القرارات الضروريّة والحاسمة. بمعنى أنّه أدّى مؤدّاه بضرب التفاعل المسيحيّ التكوينيّ القويّ مع الحركة السياسيّة. قد يقول قائل بأنّ هويّة الرئاسة احتفظ بها للموارنة والمسيحيين، غير أن الفعل جاف القول، إذ تمّ تكريس انتخاب الرئيس الضعيف والهزيل والقابل لكل مساومة هشّة في هذا الموقع برئيسين أوصلا البلاد إلى وصايات متعددة، ما خلا الرئيس العماد إميل لحود، الذي واجه المقدّر برجولة فائقة، وحاليًّا الرئيس الجبل العماد ميشال عون، وهو في قلب المواجهة.
يجب الاعتراف بأنّ الحريريّة السياسيّة التي كانت خلف كتابة "الدستور الصامت"، اهتمّت وبقوّة بضرب الدور المسيحيّ من خلال إضعاف رئاسة الجمهوريّة. وهي جزء من مشروع خطير تاق إلى شرق أوسط جديد، وقلبه إسرائيل وليس لبنان، وقد سقط مع اغتيال رابين في مرحلة أولى، وفي مرحلة ثانية مع حدث 11 أيلول الخطير، إلى أن انتهى باغتيال رفيق الحريري. لم ينه اغتياله ولم يبطل ذيول الحريريّة السياسيّة بأثقالها السياسيّة وتبعاتها الاقتصاديّة وتداعياتها الاجتماعيّة. الصورة الخطيرة، أنّ الحريرية السياسيّة، بالإضافة إلى سحقها الدور المسيحيّ بغطاء أميركيّ-عربيّ، سحقت لبنان اقتصاديُّا وماليًّا. لقد تحوّل مؤسسها إلى قاتل اقتصاديّ، أو ذبّاح اقتصاديّ بكلّ ما للكلمة من معنى. أنهى بمدرسته الهالة الاقتصاديّة التي تمتّع لبنان بها، وبلغ بها المراتب العليا في النجاح والسطوع. أوهمت تلك المدرسة الناس بالرفاه والرخاء، ثبّتت سعر صرف الدولار على مبلغ 1500 ل.ل، فكان تثبيت السعر وهمًا، والرفاه والرخاء شكلان من القصور الوهميّة المبنية على رمل متحرّك مقابل تجويف الاقتصاد من فعل الانتاج إلى رجس التسوّل، وإحناء الركب في التوسّل. وسندات الخزينة هي الأداة التي أرهقت البلد بمجموعة قروض، وإلى تضخيم الفوائد على الليرة اللبنانيّة والدولار الأميركيّ، وصلت سنة 1994 إلى ال60% ثن خفّضت إلى 40% وكان رياض سلامة منفّذًا وشريكًا، فيما هو جزء من الIMF التي تفرض شروطًا على لبنان تقود من جديد إلى الرزوح تحت وصاية أميركيّة-أوروبيّة، وأبعد من ذلك إسرائيليّة، التي تحارب لبنان بالذراع الأميركيّة-الصهيونيّة.
لم يتغيّر شيء بين الأمس واليوم. مات رفيق الحريري، وبقيت الحريريّة السياسيّة مع نبيه برّي، فؤاد السنيورة، وليد جنبلاط وميشال سليمان وسعد الحريري ورياض سلامة، والمصارف، والصرافين، وجزء كبير من النقابات التي تعلّبت بهذه التركيبة، والقطاعات الاقتصاديّة والماليّة والمصرفيّة والاستشفائيّة. هؤلاء الشركاء قادوا لبنان إلى معاني التصحر الذي هو فيه. إنّهم من حاربوا عهد الرئيس لحود لأنه رفض الانصياع لشروطهم ومطالبهم، وهم عينهم يحاربون عهد الرئيس عون لأنه لا يزال شامخًا يقاوم ويواجه. إنّهم يسحقون الدور المسيحيّ الخلاّق بصورة مباشرة أحيانًا وأحيانًا أخرى يستخدمون أذرعًا مسيحيًّة لإحداث التمزّق الرهيب. لقد أغاظهم انتخاب ميشال عون رئيسًا للجمهوريّة فعمدوا إلى تطويقه بكلّ ما للكلمة من معنى. ومن أسباب التطويق أنّ الرئيس انطلق من ذلك اللقاء الفريد بين المسيحيّة المشرقيّة والإسلام القويم. وشاءه قبل الرئاسة مرتسمًا بورقة التفاهم مع حزب الله، وواجه بها إسرائيل والقوى التكفيريّة في الرئاسة، ولا يزال أمينًا عليها بكلّ ما أوتي من قوّة.
فهم هؤلاء وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بأنّ العماد عون يملك بشخصيّته وفهمه وفكره أوراق القوّة. لا تزال قولة الرئيس برّي تسمع إلى الآن لقد وصل إلى الحكم ولكنّنا لن ندعه يحكم. وبرأي كثيرين، الرئيس برّي، وفي كلّ مسيرته السياسيّة، لم يكن على الإطلاق حليفًا جوهريًّا لحزب الله. وفي "تجلياته" السياسيّة لا يزال الأقرب إلى الولايات الأميركيّة منه إلى حزب الله، وفي الحرب على سوريا، كان المتفرّج والحياديّ الأوّل، والقيادة السوريّة أخذت "حياده" بعين الاعتبار وفهمته بمكنوناته فلفظته وأخرجته من دائرة الحلفاء المقرّبين، من بعدما كان لها الفضل عليه وعلى وليد جنبلاط بتكريسهما زعيمين سياسيين بلا منازع لهما. وحزب الله بدوره، الذي كان محرَجًا به، تحرّر فعليًّا من دائرة الإحراج من بعد ما اكتشف جوهره الأميركيّ ورأى بأنّ الحلف الوفيّ والوعد الصادق ببهائه وبلوريته قيمته مع التيار الوطنيّ الحرّ ومع رئيس البلاد العماد ميشال عون، وليس بالضرورة مكنونًا بالثنائيّة الشيعيّة.
تلك العصابة أو المافيا، بعناصرها المتحرّكة تعمل على منع التحقيق الجنائيّ بمندرجاته، تتكّئ على الدعم الأميركيّ وتفتك بواسطة الاتكاء والاتكال، لكون أوراقها ستكشف وسيتعرّى أربابها بالكامل أمام جمهورهم إذا فهم هذا الجمهور بأنه الزوج المخدوع. رموا الفتات لبعض منهم حتى يصمتوا، إقتسموا ثياب لبنان فيما بينهم وعلى خزينته اقترعوا، ومالها سلبوا. وإلاّ فلماذا أصرّ الرئيسين برّي والحريري ووليد جنبلاط على حماية رياض سلامة، ولماذا رياض لا يزال صامتًا إلى الآن ولم يبح بالحقيقة لو كان صادقًا؟ ولماذا إئتلفوا للضغط على شركة Marshal & Alvarez لتتوقّف عن تحقيقها ولماذا زوّر وزير المال العقد بينها وبين الدولة اللبنانيّة، لا سيّما في مسألة السريّة المصرفيّة، علمًا بأنّها تسري على الأفراد ولا تسري على مؤسسات الدولة، ولا تعصم على الإطلاق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من تقديم كشف حساب بموجوداته الماليّة، والتجاوب مع الحكومة اللبنانيّة بتقديم هذا الكشف.
السؤال الأبرز المطروح: لماذا صندوق النقد الدوليّ IMF لم يصرّ، وبقوّة، على المضيّ بالتحقيق أو التشريح الجنائيّ حتى الأخير؟ لماذا غضّ النظر عن هذا الأمر الأساسيّ لحظة قررت شركة Marshal & Alvarez الانسحاب بدلاً من التشديد على هذا الأمر وبقوّة؟
الجواب الواضح الذي بيّناه بأنّ صندوق النقد الدوليّ جزء من البنك العالميّ المركزيّ لحكام المصارف World central bank of governors، وهو ينطلق بتأثير من روتشيلد، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو موظّف سابق في شركة الميريلانش وهي جزء من Bank of America، ويملكها روتشيلد، عضو في البنك الدوليّ المركزيّ، أي أنه جزء من تكوين صندوق الدعم، ولذلك غضّ الطرف والنظر عن مسألة انسحاب الشركة الموكلة بالتدقيق الجنائيّ، وعن عدم التدقيق الجنائيّ، وهذا يؤكّد الدور الأميركيّ-الإسرائيليّ باستبقاء الفساد مهيمنًا وأقوى من الدولة والحكومة والسلطة. والحكومة المستقيلة، وبدلاً من الذهاب في الاتجاه المقاوم رضخت، وبدلاً من الاقتصاص من رياض سلامة، الذي لم يظهر حقيقة ما يوجد من أموال في البنك المركزيّ، والطبقة السياسيّة الداعمة له، بسبب الخوف من الفتنة، اتجهت إلى معاقبة الشعب بمسألة رفع الدعم أو مألفة ترشيد الدعم، وقد أتاحت للتجار إخفاء عدد من المواد الغذائيّة في المستودعات ورفع الأسعار بصورة جنونيّة، وهم، بها، يسرقون الناس على عينك يا تاجر مع غياب ملحوظ وخطير وفادح لوزير الاقتصاد المستقيل راوول نعمة، لا سيّما في شهر الأعياد.
لا يفترض على الحكومة الرضوخ لمطالب صندوق النقد الدوليّ، برفع الدعم، أو حتى ترشيده، لأن ذلك سيؤدّي إلى ثورة جياع، وهذا ما يريده المجتمع الدوليّ للبنان بتعقيد الحلول.
وعلى هذا ليس للبنان سوى أربعة خيارات:
1-الاتجاه شرقًا من سوريا إلى الصين مرورًا بروسيا وإيران. إذا اتجهنا نحو الشرق سنملك القدرة للتغلّب على الإرادة الغربيّة والتحرّر من عقد الخوف بدلاً من الرضوخ، ونحن عارفون بأنّه سيسلب من لبنان وجوده وجوهره وكأنه يريد طرحه للمزاد العلنيّ. مقاومة ميشال عون ومواجهته للعقد مهمّة وممتازة ولكنّها تحتاج إلى التمشرق لتكتمل عناصر اقوّة.
2-الإصرار على التحقيق الجنائيّ من دون تلكّؤ وخوف. هذا التحقيق الجنائيّ هو المدخل القانونيّ والاستراتيجيّ لمعرفة ماليّة مصرف لبنان ولإثبات صدق مزاعم حاكمه أو بطلانها، وعلى النتائج يبنى المقتضى. عندها لا يفترض الارتكاز على رفع الدعم، بل على تفعيل مالية المصرف للتأكيد على الدعم، من دون تدليل التجار وتدليعهم بل مع إعطائهم الربح العادل لهم.
3-الإصرار على استمرار التحقيقات القضائيّة في معظم الوزارات والملفات من دون مسايرة أو محاباة، وإن تطلّب الوضع عملية جراحية. لكن لا بدّ من ملاحظة نبديها هنا، بأنّ استدعاء القاضي فادي صوان لرئيس الحكومة حسّان دياب، البريء من التهم، وهو الرجل النزيه، جاء بخلفية سياسيّة. وتكشف المعلومات، بأنّ الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري، سعيا ضمنًا للإدعاء على الرئيس دياب بانفجار المرفأ بهدف إضعاف التحقيقات التي تقوم بها السلطة القضائيّة تجاه الملفات التي تعني بري وجنبلاط والحريري. الرئيس الحريري هو من أوحى، ومن ثمّ ستر نفسه بوشاح البراءة والدعم الكاذب للرئيس دياب بهدف التهييج المذهبيّ، وإضعاف ملفّ التحقيقات. التوصية في هذا الباب استكمال التحقيقات، وعدم الرضوخ للضغوط، مهما حاولوا مذهبتها أو تطييفها.
4-تأليف الحكومة لا يتربط بأهواء سعد الحريري لأنه وريث تلك المدرسة. سعد يقود معركة وجوديّة بالكامل، لأنه عارف بآثامه وآثام فريقه. منذ ترشّحه قال بأنه لن يتخلى عن رياض سلامة. لقد قاد التأليف بمعايير مختلفة وليست موحّدة. حزم أمره سياسيًّا، وتفاعل مع شريكه وحليفه الرئيس برّي وقرّر غضّ الطرف عن موجوديّة التيار الوطنيّ الحرّ كحزب أساسيّ في المعادلة السياسيّة والأكثر تمثيلاً للمسيحيين. بمعنى أنه عاد إلى جوهر سياسة أبيه، القائلة باستضعاف المسيحيين وسحقهم. إن لم يرد الحريري وحدة في المعايير فيجب حينئذ البحث عن خيارات بديلة، والخيار المتاح الضغط على سعد الحريري إمّا للرضوخ لمبدأ وحدة المعايير وإمّا فليترك الساحة لمن هو قادر على قيادة المرحلة المقبلة بتوازن بهيّ إلى جانب رئيس جمهوريّة صلب يعمل على إنقاذ لبنان من أنياب الأفاعي ومخالب الوحوش.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top