ما يميز الموقف الأوروبي عن الموقف الأميركي في لبنان، ان الاوروبيين وفي طليعتهم الفرنسيون، يبدون تفهما أكبر، لمشكلات وتعقيدات وصلات هذا البلد، بمحيطه القريب والبعيد، بينما ينظر الأميركيون الى لبنان، ومعه دول المنطقة، بعين واحدة.
هذا التمايز يمكن ان يتبخر، عبر الاصطفاف الى جانب المنطق الأميركي القائم على معادلة العصا والجزرة، في حال أخفقت المحاولة الأوروبية الأخيرة لإصلاح ذات البين بين السياسيين اللبنانيين، بدعم ألماني مستجد، ومواكبة مصرية مستجدة.
لكن المصادر المتابعة في بيروت، تبدو واثقة من ان الجهد الأوروبي المرصود لاصلاح الحالة السياسية الخربة في لبنان لن يذهب هدرا وأن اللقاء بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري اليوم لن يكون عرضيا كما في لقاء الاثنين، وأن الإلحاح الفرنسي على الحريري للصعود الى بعبدا يتوقع نتائج مختلفة للقاء اليوم، وعلى صعيد الحكومة بالتحديد، وإن بدا أن المداورة في الوزارات بين الكتل ستكون «كبش فداء» التفاهم، انسجاما مع المعيار الواحد الذي يطالب به الرئيس عون، بحيث تحتفظ حركة «أمل» بوزارة المال و«التيار الحر» بوزارة الطاقة، والنفط ومشتقاته، و«المستقبل» بالداخلية والاتصالات، من خلال وزراء اختصاصيين مستقلين، عن الأحزاب والتيارات، لكنهم من اجوائهم.
العقدة التالية التي تكدر عيش اللبنانيين، بعد عقدة تشكيل الحكومة تتمثل بالوضع الاقتصادي المنهار والمالي السائب وعلاج رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية المطروح كحل.
اللجنة المكلفة بترشيد الدعم التي يترأسها الرئيس المستقيل حسان دياب، اجتمعت أمس وقبله، وعرضت مقترحات كخفض الدعم على البنزين بنسبة 60%، ما يجعل صفيحة (20 ليترا) 65 ألف ليرة. وحصر دعم الدواء بـ50 صنفا من الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة والمستعصية، مع اعتماد سعر صرف المصرفي المحدد بـ3900 ليرة، وليس بالسعر الرسمي المحدد بـ1515.
هذا الوضع أعاد تحريك ثورة 17 تشرين الأول/ اكتوبر، حيث تظاهر محتجون في ساحات بيروت وطرابلس وأمام وزارة الاقتصاد ومنزل الوزير راوول نعمة، وأمام البنك المركزي، ورفعوا شعار: «اذا لم يتوفر الخبز للفقراء، لن يتوفر الأمن للأغنياء».
وكان متظاهرون نفذوا وقفة احتجاجية أمام منزل وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة بالأشرفية، استنكارا لرفع الدعم عن بعض السلع.
على الصعيد القضائي، ينتظر ان يمثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام النائب العام في جبل لبنان غادة عون غدا لاستيضاحه الهدر الحاصل في الدولار المدعوم وطريقة التعامل مع الصيارفة.
وغدا ايضا هو موعد مثول قائد الجيش السابق جان قهوجي والضباط السبعة الآخرين امام قاضي التحقيق في بيروت شربل ابو سمراء، بقضية اثراء غير مشروع.