2025- 01 - 15   |   بحث في الموقع  
logo الإحباط الشيعي..أطلقه محمد رعد وتغذيه "القوات" logo سلام "يمدّ اليدّ" لحكومة كفاءات: المستقبل يبدأ الآن logo "الثنائي" يقاطع الاستشارات أم الحكومة؟ logo حزب الله يفكك ميليشياته بسوريا ويتخلى عن مقاتليه السوريين logo قتلى وأسرى ومخطوفين.. ماذا حصل في ريف جبلة؟ logo هؤلاء افتعلوا حرائق أميركا الكارثية!..(جهاد أيوب) logo جريمة قتل مروعة في لبنان.. إليكم التفاصيل logo "العربي الجديد" ينشر تفاصيل الاتفاق المرتقب بين حماس وإسرائيل
الحكومة اللبنانية وجنس الملائكة (بقلم د. جيرار ديب)
2020-12-05 11:58:02



قبل مئات السنين، انشغل أهل "بيزنطة" بجدل عقيم لا طائل منه، إذ اختلفوا على جنس الملائكة هل هم من الذكور أم من الإناث، واستمرّوا في تبايناتهم على كلّ شيء، في نقاش لا يقتنع به أحد منهم، ولا يُرضي أحدًا منهم، بل ينتهي دائمًا دون إقناع ولا اقتناع. واستمرّوا على هذا النحو في الخلاف والإختلاف دون جدوى، في وقت كانت أسوار مدينتهم تُدكّ وتُهدم، إلى أن سقطت وانتهت في نهاية المطاف.


اليوم، وبعد مئات السنين، ينشغل أهل "السياسة" في لبنان بجدل عقيم لا طائل منه، حول شكل الحكومة ووزرائها. يراوغون، ويستمرون بإنتاج أنفسهم، بينما الداخل يئنّ تحت وطأة الجوع وارتفاع الأسعار وانهيار العملة الوطنية. وفي الخارج، بدأت العقوبات الأميركية والعربية تدكّ أسوار لبنان، تمامًا كما دكّ محمد الفاتح، أسوار القسطنطينية.


لبنان يتخبّط بأزمات تهدّد مصيره، في حين ينشغل سياسيوه بمناقشة مبدأ المداورة في الوزارات، ويتعاركون حول الصلاحية الدستورية في تعيين الوزراء وتسميتهم؛ فهل هي حصرية بالرئيس المكلّف، أم أنّ رئيس الجمهورية شريك في التأليف؟ في خضم هذا الجدل العقيم، بدأت حاكمية مصرف لبنان، التفكير جديًا ببيع احتياط البنك المركزي من الذهب الأصفر، لتأمين الدعم والرواتب والمستلزمات الرئيسية لبقاء الدولة قبل الإنهيار.


لبنان اليوم هو بيزنطة الأمس، فالخطر يحيط به من كافة الجوانب، والأزمات الداخلية على أشدها، لا بل تشتدّ تأزمًا وتنعكس على وضع الناس سوءًا وبؤسًا. إضافةً إلى الأزمات الخارجية المتمثلة بخطر العقوبات الأميركية التي تُفرض على شخصيات سياسية لبنانية دون تمييز، والضغط الدولي والعربي على المدّ القوي لحزب الله في الدولة، بهدف فرملته ولبننة مشاريعه بدل التدخّل في شؤون الدول العربية، وهناك أيضًا مبادرة فرنسية تمّ إجهاضها، لأنّها مشروطة ببنود عدّة على رأسها المحاسبة والتدقيق الجنائي، كي يبدأ الدعم، فضلًا عن تفنّن المسؤول اللبناني بطرد شركة "ألفاريز ومرسال" المولجة بالتدقيق، من خلال رفض التعاون معها، تحت حجة قانون النقد والتسليف.


تخبُّط السياسيين في تشكيل حكومة إنقاذ، والتدقيق الجنائي المالي، وقانون الإنتخابات، كلّها ممارسات تصبّ في خانة النكد السياسي في التعاطي. والرئيس المكلف، سعد الحريري، غير آبه بحال لبنان المكشوف أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا على كافة السيناريوات؛ يتباطأ في مهمته، ويعزف عن التشكيل، واضعًا العراقيل أمام الآخرين. فإصراره على تسمية الوزراء المسيحيين، أو فرض الأسماء والدفع بالرئيس كي يختار منها، يستفزّ الفريق الرئاسي الذي يرفض هذه الصيغة في التشكيل، ويمتنع بالتالي عن التوقيع. فقد ذكرت أوساط قريبة من الرئيس سعد الحريري، أنّه لا نيّة لديه البتّة بالإعتذار، كي لا يكون قد أقدم على الإنتحار السياسي برجليه.


تشير أوساط بيت الوسط، أنّ الرئيس المكلّف لن يعتذر عن مهامه، حتى لو بقي على هذه الحالة، طيلة المدة المتبقية من العهد. فهو في استقالته الأخيرة، كان قد توعّد بعدم ترؤس أي حكومة في عهد الرئيس عون. كما أنّ هناك بعض التسريبات من قبل المقرّبين من الوزير باسيل، عن نيّته إفشال أي حكومة سيشكلها سعد الحريري. وعلى ما يبدو، فقد أصبح التلاقي بينهما صعبًا، ما ينعكس سلبًا على مسار التشكيل. كما وإنّ تمسّك الثنائي الشيعي بوزارتيّ المالية والصحة، وبتسميتهم المباشرة لوزرائهم، يضع العصي في الدواليب، ويعرقل كافة الجهود الحثيثة من أجل تشكيل حكومة إنقاذ. أضف إلى ذلك مطالب الزعماء الآخرين وتدخلاتهم وشروطهم لإعطاء الثقة، ما يعرقل حتمًا أي مشروع لتشكيل الحكومة. 


بينما التخبّط في الداخل يستعر، يتخوف الكثيرون من مغامرة لحزب الله في الجنوب اللبناني، ردًا على اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده. هذا الإغتيال الذي أرخى بظلاله على الساحة الإقليمية، وتحديدًا الجنوب اللبناني، حيث ينتظر الجميع ردًا إنتقاميًا، سيُدخل لبنان حتمًا في داومة الصراعات الإقليمية، ويجعل منه طرفًا محوريًا فيه. 


النكد السياسي الداخلي بين الأفرقاء، يقابله حصارًا خارجيًا. فالولايات المتحدة الأميركية تشنّ حربًا على حزب الله، من خلال الضغوطات الإقتصادية، والسياسية أيضًا عبر رفضها لأي حكومة يشارك فيها الحزب. إضافة إلى ذلك، تعمل الإدارة الأميركية جاهدةً، بحملة دولية، لتصنيف الحزب إرهابيًا في جناحيه السياسي والعسكري. 


بينما كان أعداء بيزنطه يحاصرونها، كان أفرقاؤها في الداخل ينقسمون على أنفسهم، فكان السقوط مدويًا. ولبنان اليوم، على ما يبدو، لم يقرأ التاريخ جيدًا، لذا قد يكون سقوطه مدويًا أيضًا، علمًا بأنّ الرئيس الفرنسي، قد مدّ له حبل النجاة، عبر مبادرته بعد كارثة المرفأ، لكنّ جنس الوزراء وتسمياتهم ظلّا من الأولويات. فلم تعد خيارات لبنان كثيرة، سيما وإنّ نظرية الإتجاه شرقًا قد سقطت، فالشرق ليس على استعدادٍ لمدّ يد العون. إذًا، خلاص لبنان مربوط بالمؤسسات الدولية، أولّها البنك الدولي؛ فإن لم يستفق المسؤولون بالوقت المناسب، وتتشكّل الحكومة العتيدة، سيقع البناء على الجميع.


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top