إستحوذ إجتماع المجلس الأعلى للدفاع على الإھتمام
لما تضمنه من مداولات وتقاریر أمنیة، وأیضا لما تضمنه من رسائل سیاسیة في سیاق
معركة الحكومة والتوجھات أو المحاولات التي تتكاثر منذ فترة لتفعیل حكومة تصریف
الأعمال وتوسیع نطاق مھامھا وصلاحیاتھا:
١-
في المداولات: كان الملف الأكثر خطورة على طاولة النقاش تقاریر
الأجھزة الأمنیة والعسكریة حول وجود مخاطر مرتفعة على مستوى الأمن الوطني. ووفقا
للمعلومات، لا توجد معلومات محددة، بل ترجیحات، ولھذا تقرر إتخاذ إجراءات لرفع
الجھوزیة لمواجھة المخاطر الأمنیة المحتملة، من خلال تعزیز التنسیق بین مختلف
الأجھزة خلال الفترة الإنتقالیة الحالیة في الولایات المتحدة الأمیركیة، حیث تمر
المنطقة في حالة من التوتر غیر المسبوق. والتقدیرات لدى ھذه الأجھزة أن الأزمة
مفتوحة على كافة الإحتمالات، وسط تصعید أمیركي وإسرائیلي للأغوط على الساحة
اللبنانیة، ومن غیر المستبعد إستأمارھا أمنیا وبأشكال مختلفة منھا الإغتیالات أو
التفجیرات. ووفقا لمصادر مطلعة، فإن ھذه التحذیرات تتقاطع مع معلومات إستخبارات
خارجیة لم تكن بعیدة عن ھذه الإستنتاجات، ولھذا طلب المجلس الأعلى للدفاع الى الأجھزة
العسكریة والأمنیة أن تكون على أتم الإستعداد لمواكبة فترة أعیاد نھایة العام.
٢-
في المقررات: إسترعى إنتباه المراقبین القرارات التي اتخذھا مجلس
الدفاع الأعلى بإیعاز من الرئیس عون، وتتصل بإصدار "تكلیفات" للوزراء
وللأمانة العامة لمجلس الوزراء، بشكل اعتبره المراقبون أنه یصادر الصلاحیات والمھام
الحكومیة، سواء عبر تكلیف وزیر المالیة بفتح إعتمادات بالملیارات، أو من خلال
تكلیف الأمانة العامة لمجلس الوزراء إستكمال مشروع قانون شركة مرفأ بیروت الذي
رفعته اللجنة الموقتة لإدارة المرفأ.
ولاحظت مصادر أن مجلس الدفاع یدخل للمرة الأولى
في تفاصیل إجرائیة ھي من صلاحیة مجلس الوزراء وذات طابع غیر أمني. وأشارت الى أن
أغلب القرارات التي تخرج عن الإطار الأمني لن تكون قابلة للتنفیذ، خاصة أن رئیس حكومة
تصریف الأعمال حسان دیاب نفسه یرفض التوسع في تفسیر تصریف الأعمال، مھما تأخر
تشكیل الحكومة.
وطلب الرئیس عون من دیاب من خلال إتصالات مباشرة
وغیر مباشرة العودة الى ممارسة دور أكبر والتوقیع على قرارات كان دیاب یرفض القیام
بھا.
٣-
في الإستنتاجات و ردود الفعل:
أوساط سنیّة في بیروت تعتبر أن الھدف من كل ما
یجري ھو محاولة ملتبسة لتعویم الحكومة من خلال إجتماعات المجلس الأعلى شكلیا بحضور
موظفي رئاسة مجلس الوزراء، لأنه لا یمكن إعادة تعویمھا دستوریا لممارسة صلاحیاتھا
بعد إستقالتھا رسمیا. واعتبرت المصادر أن القرارات التي اتخذھا المجلس الأعلى
للدفاع قد تتعرض للتشكیك والطعن بشرعیتھا وعدم نفاذھا، في حین أنه لم یكن ضروریا
عقد جلسة للمجلس الأعلى للدفاع بالأمس لأن المواضیع التي ناقشھا لا تتطلب مثل ھذه
الجلسة، ولكن ما حصل بمجمله یؤشر الى نوایا مبیتة وأھداف ملتبسة لا تنفصل عن
الحملات المبرمجة منذ أیام والداعیة لتعویم الحكومة بھدف إبتزاز الرئیس المكلف سعد
الحریري.
أوساط سیاسیة معارضة تعتبر أن رئیس الجمھوریة ّحول مجلس الدفاع الأعلى إلى "مجلس رئاسي" یستولي على صلاحیات منوطة أساسا بمجلس الوزراء، معتبرة أن أداء عون في ھذا المجال یشي بأنه قرر الإستغناء عن الحكومة تصریفا وتألیفا"، لیأخذ المبادرة بطرح مسائل إجرائیة على طاولة المجلس الأعلى للدفاع من المفترض أن یتولى بحثھا مجلس الوزراء. وكلامه یفسر على أن التألیف سیطول من جھة، وأنھ رسالة إلى الحریري من جھة أخرى مفادھا أن علیه إما التألیف وفق وجھة نظر العھد، أو أن تصریف الأعمال سیكون الخیار البدیل. ولا شك أن ھذا الموقف سیؤدي إلى مزید من التشنج بین عون والحریري، لأن الرئیس المكلف یعتبر أن أي محاولة لتعویم الحكومة المستقیلة ھي رسالة موجھة ضده، وھي لیست الأولى من نوعھا منذ تأجیل إستشارات التكلیف، مرورا بتحمیل عون المجلس النیابي مسؤولیة ھذا التكلیف، وصولا إلى كل الإشارات الصادرة من بعبدا عن عدم ثقتھا بالرئیس المكلف، وآخرھا أمس من أن رئیس الجمھوریة یئس من مشاورات التألیف وقرر الإتكاء على حكومة تصریف الأعمال.