أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال افتتاح «المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني»، الذي يعقد برئاسته والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عبر الإنترنت، أن «دعمنا للشعب اللبناني موجود وسيبقى، ولكنه لن يحل محل عمل السلطات اللبنانية». وركز على أن «من واجبنا دعم لبنان لتلبية احتياجاته بعد انفجار مرفأ بيروت، ولا بد من تعزيز الاستجابة الدولية لهذا الغرض».
ولفت إلى أن «20% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، والمؤتمر سيساعد لبنان بالوقوف بعد انفجار مرفأ بيروت، ولكن هذا لا يعني إعفاء الدولة اللبنانية من قيامها بالإصلاحات المطلوبة منها»، مشددا على «أننا لن نتخلى عن التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت وعن ضرورة القيام بالإصلاحات». وكشف أن «من المقرر تأسيس صندوق يديره» البنك الدولي «، للمساعدة على تقديم المساعدات الإنسانية للبنان».
ودعا الرئيس الفرنسي الساسة اللبنانيين إلى تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات في البلاد وإلا لن يحصل لبنان على مساعدات دولية، وقال إنه سيعود إلى لبنان في كانون الأول/ ديسمبر للضغط على الطبقة السياسية.
من جانبه، اشار الرئيس ميشال عون في كلمة له في المؤتمر، الى ان «التدقيق المالي الجنائي سيدل على كل المسؤولين عن انهيار نظامنا الاقتصادي، كما سيفتح الطريق أمام الإصلاحات الضرورية لإعادة بناء الدولة اللبنانية».
وأضاف الرئيس عون «رسالتي إلى البرلمان عقب توقف التدقيق المالي الجنائي نالت إقبالا وإجماعا عاما، هذا الرهان الوطني الذي أتمسك به، والذي دأبت على المطالبة به منذ عام 2005، يتخطى النزاعات السياسية، ومن دونه لن يكون هناك أي اتفاقية مع أي دولة راغبة في مساعدة لبنان ولا حتى مع صندوق النقد الدولي. ورد الكتل البرلمانية اللبنانية على رسالتي جاء مؤيدا بالإجماع لتدقيق كامل وشامل».
ولفت الى انه «مصمم، ومهما كلفني الأمر، على متابعة مسيرة التدقيق المالي الجنائي حتى النهاية، لتحرير الدولة اللبنانية من منظومة الفساد السياسي والاقتصادي والإداري التي أضحت رهينة لها، بغطاء من ضمانات مذهبية وطائفية واجتماعية».
واعتبر انه «لا شك أنه بإمكان الدول المجتمعة أن تقدم للبنان مساعدة أساسية، وعبر الوسائل المتاحة لدى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمحاربة سرقة الأموال العامة، وتعقب التحويلات غير الشرعية لرؤوس الأموال إلى الخارج، وبالتحديد ابتداء من 17 تشرين الأول/ اكتوبر من العام 2019».
وشدد على أن أولويتنا هي تشكيل حكومة عبر اعتماد معايير واحدة تطبق على جميع القوى السياسية، والمهام التي تنتظرها ضخمة، فالمطلوب من الحكومة العتيدة أن تطلق في الوقت ورشة الإصلاحات البنيوية الملحة، وإعادة إعمار بيروت، وتطوير خطة التعافي المالي والاقتصادي ووضع أطرها التنفيذية.
وذكر الرئيس عون بأنه جراء الأزمات المتراكمة والمتصاعدة التي حلت بلبنان، باتت مساعدة الدول المجتمعة لا غنى عنها لجميع اللبنانيين في أي منطقة كانوا.
وشدد على أن المساعدة الدولية أساسية مهما كانت طرقها أو آلياتها أو أدواتها ومهما كانت القنوات التي ستعتمدونها، طالما هي بإشراف الدول المجتمعة وإشراف الأمم المتحدة. وكشف بأن لبنان يتفاوض حاليا مع البنك الدولي على قرض وقدره 246 مليون دولار لمشروع «شبكة الأمان الاجتماعي- أزمة الطوارئ في لبنان والاستجابة إلى كوفيد-19» وستنتهي المفاوضات هذا الأسبوع، ونأمل الحصول على الموافقة العاجلة من مجلس المديرين للبنك الدولي.
وأشار الى إن المساعدة الدولية أساسية وضرورية خصوصا وأن لبنان ما زال يعاني جراء نزوح أعداد ضخمة من السوريين إليه. ومن الملح أن يحسم المجتمع الدولي قضية عودتهم إلى أراضيهم لأن بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتية ولا السبل المناسبة للاستمرار في استقبالهم أو حتى تقديم أي دعم لهم.
وأضاف قائلا «إن لبنان لا يعرف المستحيل، وتاريخنا يخبر أننا شعب لا يتعب من النضال ليحافظ على وجوده، لقد دعوت اللبنانيين للنهوض معا ورفع الصوت في المكان الصحيح للضغط حيث يجب، لنفوز بمعركتنا ضد الفساد، هذه المعركة المصيرية للبنان، وها أنا اليوم، ومن على هذا المنبر، أطلب من المجتمع الدولي بأسره ألا يتخلى عن بلد الأرز، وما يمثله من ثروة للبشرية جمعاء».
إلى جانب المؤتمر الباريسي انشغل اللبنانيون بموقف سياسي استجد وتمثل بإعلان البطريرك الماروني بشارة الراعي عن رفضه اي دعوة لاستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون.
واكتسب موقف الراعي أهمية مضافة، كونه عائدا للتو من الفاتيكان، الأمر الذي من شأنه رفد موقف الرئيس عون، شحنة دعم غير متوقعة.
واعتبرت المصادر المتابعة، أن موقف الراعي، يدعم ضمنا تحالف عون مع حزب الله، وليس الرئيس عون شخصيا وحسب، ما يجهض دعوة الراعي للحياد الناشط الذي يدعو إليه، بعد موقفه المنحاز إلى محور معين.
أما الوضع الحكومي الراهن، فعلامة تعجب كبيرة، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يرفض تفعيل تصريف الأعمال في قادم الأيام الصعبة، وهو لا يصرف، والرئيس المكلف سعد الحريري لا يؤلف، وعون لا هذه ولا تلك، لأن خطر تسمية الوزراء المسيحيين برأيه يوازي إنقاذ لبنان. وتستبعد الأوساط المتابعة ان يضم الحريري الى التشكيلة التي يفترض ان يقدمها للرئيس عون اليوم، وزيرا مدرجا اسمه على لائحة العقوبات الأميركية.
السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، نقلت عنها إذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر القول: لبنان محكوم بتحالف الماڤيا والميليشيات.
من جهتها، جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، قالت أمس ان المبادرة الفرنسية في لبنان وصلت الى طريق مسدود.