اللقاء حصل بین عون والحریري یوم الإثنین الماضي، إلا أن أي إتفاق لم یتم التوصل له بعد، وھذا ما تفسره مصادر مواكبة بأنه قد یكون وراء سبب عدم تأكید حصول اللقاء.
إجتماع الإثنین في بعبدا ولو أنه لم یحدث خرقا یذكر، إلا أنه سلم بحكومة من ١٨ وزیرا كما أنه شھد بحسب المصادر وللمرة الأولى على مساعي جدیة لتوزیع الحقائب بین عون والحریري ومعھا الأسماء لكن عند بلوغ البحث ھذه النقطة الأخیرة، أي الأسماء تحدیدا، عاد الخلاف الى أساسه، إذ أصر الحریري على أن یشارك رئیس الجمھوریة بالتسمیة، ما رفضه عون وطلب بعدھا من الحریري بذل جھد أكبر في ھذا الإطار، فغادر الحریري القصر الجمھوري على ھذا الأساس .
ھنا یكشف النائب جبران باسیل أن تفاھما كان قد تم بین عون والحریري منذ البدایة حول مبدأ تسمیة الوزراء المسیحیین، على أن یكونوا إختصاصیین وغیر حزبیین. لكن المستغرب أنه عندما حان وقت التطبیق أراد الحریري أن یختار ھو الوزراء المسیحیین، بینما كان قد إتفق ضمنا مع "الثنائي الشیعي" وولید جنبلاط على أن يسموا ھم وزراءھم، وفي أحسن الحالات یُترك له فقط حق الرفض الى أن یقبل في نھایة المطاف بھذا الإسم أو ذاك من رئیس الجمھوریة بین ما سیُعرض علیه.
أوساط الحریري تقول إنه فوجئ بتراجع عون عن بعض النقاط التي كانت موضع إتفاق بینھما، وانقلاب الرئیسعلى التفاھمات، بدءا بالإطار العام الواجب إتباعه لتشكیل الحكومة وانتھاء بمبادرته إلى صرف النظر عن بعض الأسماء.
وتشیر الأوساط الى أن الحریري لن یبقى صامتا إلى ما لا نھایة طالما أن مشاورات التألیف التي یجریھا مع عون تسجل تراجعا وسیبادر تاركا لنفسه التوقیت إلى إعادة تحریكھا، إنما على طریقته، وقد یتقدم بمشروع تشكیلة وزاریة من مستقلین لا غبار علیھا لوضع حد لھدر الوقت من جھة ولاستنزافه من جھة ثانیة من دون أن یقدم على الإعتذار. وتقول ھذه الأوساط: "یمكن أن یفاجئ الحریري الجمیع بتشكیلة "أمر واقع" خلال الأیام المقبلة نزولا عند رغبات خارجیة و تحدیدا أمیركیة"...
وترد مصادر أخرى: "المسألة شبه مستحیلة إلا إذا إراد الحریري كسر الجرة نھائیا مع عون"...
یتعامل الرئیس سعد الحریري مع مسألة تألیف الحكومة كأنھا "قضیة شخصیة". یُصرّح أمام أوساطه أنه لا یتشاور في مسألة التألیف إلا مع الرئیس میشال عون ویرضى بما یرضى به، وحین یصعد إلى قصر بعبدا یطلب منه الرئیس مفاتحة الكتل الباقیة بأمر التألیف، فیعود الحریري أدراجه ویعتكف في بیت الوسط رافضا ذلك، ثم وبعد عدة أیام یعود و یصعد إلى القصر ویسمع نفس الكلام ثم ینزل. ھكذا ببساطة یقضي الحریري وقته في التألیف. صارت اللقاءات في قصر بعبدا مضیعة للوقت وعنوان للعرقلة. ولكن المسألة أبعد وأعمق من ذلك: الحریري كان وما زال أسیر الفیتو الإقلیمي الدولي المعمم على التألیف.
ثمة معاییر ُوضعت لرئیس تیار المستقبل حتى یُنجز ملف التألیف، من بینھا عدم السماحبعودة حزب الله إلى الحكومة وعدم إتاحة الفرصة للتیار الوطني الحر والعھد بشكل عام لالتقاط أنفاسه. وحتى ذلك الحین ستبقى الأمور على ما ھي علیه. ھذا الكلام رددته السفیرة الأمیركیة في بیروت دوروثي شیا أكثر من مرة قبل ان یقوله بومبیو من باریس.
شخصیة سیاسیة في ٨ آذار ترى أن الرئیس المكلف سعد الحریري صار یحتاج الى مقاربة جدیدة في التعاطي مع
تشكیل حكومته، حتى رھانه على الفرنسیین وحدھم لن ینفع لأن الفرنسیین كرّسوا أنفسھم مع زیارة دوریل طرفا، وخوفه
من الأمیركیین لن یسعفه. من أتى بالحریري وزكاه لرئاسة الحكومة لن یتنازل عنه أو یسقط تكلیفه. لا یزال یعتبره الأقوى سنیّا ولكنه لن یدعه یشكل حكومة تكون بمثابة أداة لتلبیة مطالب الأمیركیین.
وعلى الحریري أن یعلم أن المراھنة على عامل الوقت كما على نتائج الانتخابات الأمیركیة لن تجدیه نفعا بالنظر الى إستحالة تغییر الوقائع. قد یلمس مرونة من قبل عون وباسیل في المشاورات لكنه لن یحصد تراجعا، والمراھنة على الأزمة الاقتصادیة لم تعد تنفع كما لا تنفع المراھنة على حزب الله الذي لن یتدخل بینھ وبین باسیل، وفي المقابل لن یقف في مواجھة حلیفه. ھذا الحلیف الذي حررته العقوبات الأمیركیة تماما، ما عاد یحتاج الى تدویر زوایا ولا الى المھادنة ولا تنفع معه مقولة ولایة العھد والإنجازات. باسیل بعد العقوبات لیس كما قبلھا، ولم یعد یملك ما یخاف علیه. خطوة العقوبات الأمیركیة بل عقدت مساعي الحریري لتصب في صلب المطلب الأمیركي بالتعطیل.