2024- 07 - 03   |   بحث في الموقع  
logo الخير تابع والأبيض شؤون المنية الصحية logo أول مقابلة تلفزيونية لبايدن بعد المناظرة logo الحشيمي نوه بجهود الحلبي وميقاتي اجراء الامتحانات الرسمية رغم الظروف القاسية logo مستشارة الأسد تتعرض لحادث سير: أي شبهات؟ logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الثلاثاء logo "طليقة إعلامي لبناني شهير"... معلومات عن مستشارة الأسد logo طعن نفسه... إنقاذ مواطن حاول الانتحار من شرفة الطبقة الثانية logo "طليقة إعلامي لبناني شهير"... معلومات عن مستشارة الأسد
عالم ما بعد العولمة (د.جيرار ديب)
2020-11-17 12:58:27



دعا وزراء داخلية الدول ال ٢٧ الأعضاء في الإتحاد الأوروبي إلى تعزيز أمن فضاء شينغن والحدود الخارجية للتكتل، وفق ما جاء في بيان مشترك نهاية الأسبوع الفائت، عقب الإعتداءات في فرنسا والنمسا. وعبّر الوزراء أيضًا عن تصميمهم على أن تستكمل- قبل نهاية العام- المفاوضات الجارية حول قانون أوروبي يهدف إلى السحب المباشر ل"المحتويات ذات الطابع الإرهابي" من الإنترنت.
 
الفضاء والحدود، عنوانا التشدّد الأوروبي في المرحلة المقبلة، في سبيل كيفية مواجهة موجات الإرهاب العابرة للحدود. وهما أيضًا عنوانا بروز لاعادة استنهاض روح القومية من جديد، تلك التي تحتمي بحدود دولتها. فهل الفضاء والحدود سيكونان الركيزتين لبناء النظام العالمي الجديد؟ فنشهد نظام القوميات المغلقة والمتصاعدة على حساب نظام العولمة-الأمركة، المنفتح؟ 
 
موقف وزراء الداخلية، يوضّح خطورة المستقبل، ليس فقط على دول الإتحاد بل على دول العالم أجمع. هذه الخطورة تكمن في سرعة الأفكار المتطرفة التي تبثّ في الفضاء السيبراني، عبر شبكاتها العنكبوتية التواصلية، فتترجم أعمالًا إرهابية في العمق الأوروبي، والدولي، من خلال كسر الحدود والحواجز الجغرافية وتخطيها من قبل منفذي العمليات. فإرهابي نيس التونسي الجنسية، المتشبّع بالفكر الداعشي، كان قد وصل إيطاليا، وحصل على بطاقة لاجئ من الصليب الأحمر، قبل أن ينتقل إلى فرنسا لتنفيذ مخطّطه الإرهابي، حيث نفّذ هجومًا على كنيسة المدينة. 
 
عندما وقف جورج بوش الأب، الرئيس الحادي والأربعون للولايات المتحدة الأميركية عن الحزب الجمهوري، وخاطب الكونغرس الأميركي عام ١٩٩١، أعلن حينها قيام "النظام العالمي الجديد". وبالتوازي بدأت الشبكة العنكبوتية، تحيك خيوطها في الفضاء السيبراني، حتى آخر قرية نائية من هذا العالم. وكانت حركة الهجرات تتزايد بين الدول وعبر الحدود البرية والبحرية والجوية. عندها فرضت العولمة نظامها، بإمبريالية جديدة، تخطّت الإستعمار العسكري التقليدي، لتتمظهر بالإستعباد الفكري، عبر سيطرة الثقافة الأميركية على تفاصيل حياة الفرد في كلّ أصقاع العالم. بالمقابل، كانت شركاتها العملاقة تتعدّى الحدود، لتنشئ الشركات المتعددة القوميات، وتستغلّ الطاقات البشرية والطبيعية للدول لتراكم من نسبة أرباحها.  
يعتبر الرئيس الأميركي، أول من استخدم هذه العبارة، ليصف حالة النظام العالمي، بعد انهيار الإتحاد السوفياتي عام ١٩٩١. هذا الإنهيار الذي فكّك المنظومة الإشتراكية عبر العالم، وأزال صفة الثنائية القطبية في النظام العالمي، واستبدله بالنظام الأحادي القطبي المهيمن. فهل نحن اليوم، أمام احتمال قيام نظام عالمي جديد، مصدره القوميات المغلقة، خصوصًا في ظلّ ما يجري من تحركات عسكرية للدول بغية السيطرة على مناطق النفوذ والطاقة، مع تزايد موجات التهديد الإرهابي في العالم؟
 
رسمت العولمة مسارًا جديدًا للنظام العالمي، استطاعت الولايات المتحدة التحكّم بتفاصيله، لدرجة بات الجميع يسميها "الأمركة بدل العولمة". أطلقت الولايات المتحدة قواها الفاعلة في العالم، من شركات متعددة الجنسيات، دخلت الدول، واستغلّت طاقاتها البشرية والطبيعية لزيادة أرباحها، عبر التهرّب الضريبي. كما وشبكت وسائلها الإعلامية وشبكاتها التواصلية، البشر في كل أصقاع الأرض؛ حيث عمدت إلى نشر الثقافة الأميركية، وفكرها البراغماتي، المرتكز على النزعة المادية والتدميرية لكافة القيم الإنسانية، واستبدال هذه الأخيرة بقيم السيطرة والإستغلال.
 
إنّ التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية للعالم، على مدى سنوات كثيرة، غذّى الشعور الدوني عن الدول والقوميات، الأمر الذي استنهض روح القومية، فنتج عنه تدخلات الدول لإعادة إحياء قومياتها، عبر التحرك الإقتصادي والعسكري لفرض واقع جديد، وبناء نظام يهدف إلى الحفاظ على القوميات وحمايتها من التلاشي في العولمة.
 
هذه التحولات التي تشهدها الساحة العالمية، تترافق مع إعتداءات إرهابية تطال العمق الأوروبي، ما يدفع أكثر بالإتحاد الأوروبي لإعادة إجراءات الحماية الحدودية والفضائية بين دوله. وهذا ما يعيد هيكلة النظام العالمي الجديد، لترسيخ روح القومية، بعد الإنفتاح الذي حصل مع مفهوم "القرية الكونية الواحدة". لم يعد خفيًا على أحد، أنّ العالم يرسم مسارًا جديدًا، فالدول باتت تتجه نحو الإنعزالية، بعدما استطاع التطرّف تهديد أمنها. هذا ما يدفع بالدول للسير على حماية أمنها ومعتقداتها من الهجمة الفضائية والحدودية.   
 
إحياء القوميات، والتغيير في النظام العالمي، برز مع إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. فالمملكة المتحدة، شكّلت عبر تاريخها مملكة لا تغيب عنها الشمس، وخروجها من البريكست قد يعيد الطموح البريطاني بإمبراطورية تحكم لسنوات كثيرة. إضافة إلى صعود التنين الصيني، عبر إقتصاد احتلّ بظرف ثلاثين عامًا، المرتبة الأولى. هي الصين التي يسعى رئيسها، شي جين بينغ، إلى تحقيق مشروع " الحزام والطريق"، الذي يمثّل عولمة ولكن على الطريقة الصينية. كما وأخذت الأرثوذكسية الروسية، تشقّ طريقها نحو تحديد موقع جديد لها على الساحة الدولية، وسط صراعات عالمية لرسم عالم ما بعد العولمة، ناهيك عن التدخل الإيراني والتركي في الشرق الأوسط في محاولة لفرض واقع قومياتهما.
 
أخيرًا، ليس من السهل القول إننا نسير في استبدال النظام العالمي وتغييره. فالولايات المتحدة الأميركية، لديها الكثير من أوراق القوة التي تجعل استمرارية تحكمها بالنظام العالمي قائمة. ولكن، ومما لا شكّ فيه، أنّ العالم يسير بتغيير كبير يهيئ لولادة نظام جديد، لا سيما وإنّ الدول الصاعدة تعمل على تحصين قومياتها ومصالحها وأمنها حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين، مستغلة الأدوات الفاعلة للنظام العولمي القائم.
 
                                                                      


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top