كان رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجيه يردد في مؤتمراته الصحافية الإسبوعية عبارة: “إذا كانت عداوة اميركا مؤذية فصداقتها مميتة”.
هذا الكلام لم يكن نتيجة موقف شخصي، بل ترجمة لإداء تعاملت به أعظم قوة عسكرية ومالية في العالم مع العديد من الأنظمة والشخصيات على مساحة الكرة الأرضية.
واذا كان الاستشهاد بعبارات قاسية لرئيس لبناني خَبِر عن قرب الغطرسة الأميركية التي لا هم لها سوى إرضاء الكيان الصهيوني، فإنه يعكس بوضوح نمطية تصرّف تلك الدولة ومسؤوليها من منطلق استعلائي على قاعدة أنها تستطيع أن تتخذ القرار الذي تراه مناسباً في أية دولة تشاء، على قاعدة “السلطة والمال” الممسكة من خلالهما بكل مفاصل التعامل مع الكيانات السياسية المنضوية تحت قبة منظمة الأمم المتحدة.
حتى أن روسيا الإتحادية والصين (اللتين تنافسان أميركا على زعامة العالم) لم تنجوا من عقوبات عليهما لإسباب أثارت أكثر من جدل. في وقت هدّدت فيه واشنطن منظمات عالمية وإنسانية بعقوبات مزاجية. فقد رفعت العصا في أكثر من مناسبة بتخفيض المخصصات للأمم المتحدة لإنها خالفت توجهاتها.
وكذلك منظمة الصحة العالمية بوقف تمويلها بما يتوجب عليها، لإنها لم تتقيد بالتعليمات التي أطلقها البيت الأبيض حول وباء كورونا باعتباره “وباء صينياً”!
وبانتظار ما ستتخذه الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، (إذا تسنى له) إستلام السلطة بسلاسة مطلع السنة الجديدة، من خطوات إزاء التوترات في عالم يضج بالصراعات في أكثر من منطقة ساخنة، فقد سلّفته إدارة الرئيس دونالد ترامب، برنامج عقوبات على مجموعة من الشخصيات السياسية اللبنانية كانت باكورتها الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس عشية الزيارة الحدث التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون الى بيروت بُعيد انفجار مرفأ بيروت الكارثي، وأتبعتها نهاية الأسبوع الفائت بعقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الصهر المدلّل للعهد.
وفي حين سارع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الإيعاز بالطلب من الإدارة الأميركية تبرير إتخاذ تلك العقوبات، لوحظ أن البطريرك الماروني بشارة الراعي قد تجاهل خلال عظته يوم الأحد الإشارة ولو لِماماً الى تلك العقوبات، بالرغم من ان اثنين من اصل ثلاثة معاقبين هما مارونيان (فنيانوس وباسيل) في حين أنه لا يغفل شاردة أو واردة إلاّ ويتطرق اليها. وقام بواجبه كاملاً لرفع المظلة فوق رأس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رغم علامات الإستفهام الكبيرة حول دوره في الأزمة المالية والنقدية.
فهل ستكون العقوبات الأميركية مؤذية على من فُرضت عليهم بالشكل الذي خططت له الإدارة الأميركية، على أن تستلحقها بأخرى تطال أعتى رموز الفساد في لبنان، و “إقتلاع الفساد المستشري من جذوره” كما جاء على لسان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا؟ أم أنها ستكون تكملة لبرامج تجويع وإفقار اللبنانيين لإخضاعهم وفق ما تم تخطيطه لمنطقة الشرق الأوسط؟.