يصل إلى بيروت، اليوم، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى، باتريك دوريل، موفداً من الرئيس إيمانويل ماكرون. تحت عنوان متابعة المبادرة الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية، سيسلّم دوريل إلى المسؤولين اللبنانيين الذين سيلتقيهم رسالة «تحذيرية»، مفادها أن عدم تأليف حكومة قبل انعقاد مؤتمر الدعم للبنان، أواخر الشهر الجاري، سيحوّل المؤتمر من «مؤتمر للدعم الاقتصادي» إلى مؤتمر للدعم الإنساني. والعنوان الأول يعني دعم الدولة اللبنانية، فيما الثاني يؤدي إلى تقديم المساعدات لمنظمات «المجتمع المدني»، على أن تكون المساعدات في حدها الأدنى.
التحذير الفرنسي الجديد يسبقه تفاؤل الرئيس المكلف تأليف الحكومة، سعد الحريري. فالأخير مصرّ على إشاعة أجواء إيجابية عن لقاءاته الأخيرة برئيس الجمهورية ميشال عون، إذ يؤكد لزواره أن مشاورات التأليف تسير في مسارها الطبيعي، وأنه بدأ، وعون، توزيع الحقائب واختيار الأسماء لها.
في المقابل، أكّد تكتل «لبنان القوي»، رفضه «كل ما من شأنه الإخلال بالقواعد الدستورية والميثاقية القائمة في تأليف الحكومة وما من شأنه المس بالتوازن بين مكونات الوطن»، واضعاً على رأس سلّم أولويات الحكومة المقبلة بند «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان.
ورأى التكتل أن العقوبات الأميركية على رئيسه النائب جبران باسيل «تشكل ظلماً وتعسفاً، ولذا يدعو الى إعادة النظر بهذه السياسة وإسقاطها، واستبدالها بسياسة الحوار والانفتاح، لأن سياسة العزل والعقوبات لم توصل الى نتيجة إيجابية يوماً».
من جهته، زعم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن العقوبات على باسيل «ستأتي بنفع على الشعب اللبناني، كما في كل البلدان التي نعاقب مسؤوليها على فسادهم»! بومبيو الذي لم يذكر النفع الذي أصاب شعوب العراق وكوبا وسوريا وكوريا وفنزويلا وإيران نتيجة العقوبات التي تفرضها بلاده، نصّب نفسه ناطقاً باسم الشعب اللبناني، قائلاً: «باسيل كان مرتبطاً بعمق مع حزب الله، والشعب لا يريد ذلك».
على صعيد آخر، كررت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال، ماري كلود نجم، موقفها من قضية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، معتبرة أن «حاكم مصرف لبنان والمجلس المركزي يخالفان القانون إذا أصرّا على عدم تسليم المستندات للتدقيق الجنائي». وشددت نجم على أن «موضوع السرية المصرفية هو حجة، فهو خارج النقاش، لأن التدقيق يجري على حسابات مصرف لبنان بسبب وجود فجوة لا نعرف حجمها، ولا سرية مصرفية تجاه الدولة في موضوع حسابات مصرف لبنان».
في المقابل، جدّد حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة، دعوته اللبنانيين إلى التخلي عمّا بقي من مدّخرات لهم في المنازل، عبر تسليمها إلى المصارف التي تحتجز ودائعهم، من خلال قوله أمس، «إن التقديرات تشير الى وجود 10 مليارات دولار مخزّنة داخل البيوت، ما يستوجب وضع آلية تنظيمية جديدة لإعادة الثقة بالمصارف…». وبحسب بيان «جمعية المودعين» التي زارته أمس، كرر سلامة، في انفصال تام عن الواقع، تأكيده أن «المصرف المركزي أثبت أنه قام بعمله بطريقة مهنية»!