على رغم إنشداد اللبنانيين الى أنباء الانتصار الانتخابي للرئيس الأميركي المنتخب الـ46 جو بايدن، مساء أمس، فإنّ ذلك لم يحجب ترددات الاستحقاقات الداخلية عشية أسبوع جديد تتزاحم فيه الأولويات الساخنة، بدءاً بالاستحقاق الحكومي العالق بين التعقيدات، ومروراً بالاستحقاق الصحي الوبائي البالغ الخطورة، وصولاً إلى كل مشتقات المشكلات الحياتية والخدماتية والاقتصادية. والواقع أنّ التساؤلات المقرونة بالشكوك المتعاظمة تكثّفت في الساعات الماضية حول مسار تأليف الحكومة في ظل ازدياد القلق من تأخر إضافي وتعقيدات لا تنتهي لا تزال تحول دون إنجاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مهمته على رغم الكلام المتواصل عن إيجابيات في كل مرة يعقد فيها لقاء بين الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا.
ولكن الشكوك اتخذت بُعداً جديداً ومبرّراً أكثر من السابق غداة إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل نظراً إلى الخشية من أن تؤدّي خطوة العقوبات في هذا التوقيت الشديد الالتباس إلى تفاقم ردود الفعل لدى العهد “والتيار الوطني الحر” وكذلك “حزب الله” بما يضع مصير الاستحقاق الحكومي برمته على كف عفريت. ومع أنّ بعض الجهات السياسية لا يسقط من الاحتمالات أن يكون رد الفعل العوني على العقوبات معاكساً بما يعني تسهيل تأليف الحكومة من ضمن تفاهم مع الرئيس الحريري على مواجهة ترددات العقوبات، فإنّ بعض التقارير والمعلومات التي سُرّبت في الساعات الأخيرة كشفت أنّ ثمة لائحة تتضمن ما يزيد على عشرين اسماً لسياسيين وشخصيات آخرين أدرجتهم وزارة الخزانة الأميركية على قائمة المرشحين لفرض عقوبات عليهم في المرحلة المقبلة، وإنّ التصنيف يرتكز إلى موجبات قانون “ماغنيتسكي” بما يعني أنّه قد يكون هناك أسماء من اتجاهات سياسية مختلفة وليس من فئة محددة. وهذا أمر، في حال صحته، يعني أنّ المشهد الداخلي سيظلّ عرضة لسخونة ربما تؤثر سلباً وبقوة على الاستحقاق الحكومي ما لم تحصل صدمة إيجابية قريبة تنتشل الاستحقاق من دائرة الضغوط الداخلية والخارجية.
وفي انتظار ما ستتكشف عنه الأيام القليلة المقبلة، ذكرت معلومات، أمس، أنّ اللقاء الأخير بين الرئيسين عون والحريري لم يؤدِّ إلى تقدم في أي من النقاط المتعلقة بتعقيدات التأليف ولكن ذلك لا يعني استبعاد انعقاد لقاء جديد بينهما في أي لحظة.
وفي موضوع العقوبات على باسيل، تترقّب الأوساط السياسية رد باسيل على الاتهامات التي طاولته في قرار العقوبات في المؤتمر الصحافي الذي سيعقده ظهر اليوم. وكان الرئيس عون خرج عن صمته حيال هذا التطور فاتخذ الموقف نفسه الذي سبق له أن اتخذه لدى فرض عقوبات أميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، فطلب أمس من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه إجراء الاتصالات اللازمة بالسفارة الأميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن للحصول على الأدلة والمستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الأميركية إلى توجيه اتهامات وفرض عقوبات في حق رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، مشدّداً على تسليم هذه الإثباتات إلى القضاء اللبناني لكي يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك، ولفت إلى أنّه سيتابع هذه القضية مباشرة وصولاً إلى إجراء المحاكمات اللازمة في حال توافر أي معطيات حول هذه الاتهامات.
ويشار إلى أنّ الرئيس عون أبرق، مساء أمس، إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهنّئاً بانتخابه رئيساً للولايات المتحدة، ومعرباً عن “أمله في أن يعود في عهده التوازن في العلاقات اللبنانية الأميركية لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والأميركي الصديقين”.