ما قيل قد قيل حول العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لكن يبقى ما سيقوله باسيل في بيانه الذي سيتلوه على الصحافيين دون إفساح المجال للأسئلة والأجوبة منتصف هذا النهار.
المعطيات المتوافرة تشير الى ان باسيل سيرفع الصليب، ولن يكتفي بحمله، كما قال في تغريدته الاولى، ساعيا الى إثارة الغرائز الطائفية كأفضل وسيلة دفاعية بوجه العقوبات الأميركية، الى جانب التركيز على العرض الذي سربه الى وسائل الإعلام، والمنسوب الى السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، وفيه تطلب منه إشهار قطع علاقته بحزب الله وإدانة دور الحزب في سوريا واليمن، بالإضافة الى تقديم ضمانات بالتوصل الى تسوية سريعة لملف ترسيم الحدود الجنوبية بعد الإقرار بفصل الترسيم البري عن الترسيم البحري وعدم الأخذ بالمطالب التي تفرض حصة مطابقة لما أقر ضمن ما يسمى «خط هوف» مقابل ضمانات أميركية لحماية مستقبله السياسي. وسيتحدى باسيل الخزانة الاميركية بتقديم الأدلة على فساده، وهذا ما طالب به الرئيس ميشال عون ايضا عبر السفارة اللبنانية في واشنطن، وهو الذي كان أطلق التحدي، في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي ريكاردو كرم «بوجه كل من يستطيع إثبات الفساد على اي من أفراد أسرته».
وذكرت رئاسة الجمهورية اللبنانية – في بيان – أن عون كلف وزير الخارجية شربل وهبة، بإجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الأميركية في بيروت، والسفارة اللبنانية في واشنطن، للحصول على الأدلة والمستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الأميركية إلى توجيه اتهامات وفرض عقوبات بحق «باسيل».
وأضافت ان الرئيس وجه بأن تسلم هذه الأدلة عقب الحصول عليها، إلى القضاء اللبناني لكي يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأنه سيتابع هذه القضية مباشرة وصولا إلى إجراء المحاكمات اللازمة في حال توافر أي معطيات حول هذه الاتهامات.
وتقول الوزيرة السابقة مي شدياق، في هذا السياق، «كقوات لبنانية كنا نرصد الفساد، لكن يبدو ان الإدارة الأميركية استطاعت ان توثقه، ولم تستغرب شدياق تركيز باسيل على الحقوق المسيحية مرة أخرى.
وفي رأي مصادر ديبلوماسية، ان قانون ماغنسكي الخاص بالفساد، الذي استندت إليه عقوبات الخزانة الأميركية، بدلا من ربطها بالعلاقة مع حزب الله، يحرم الإدارة الأميركية الجديدة، من إمكانية رفع العقوبات، من دون مسار قضائي طويل.
مصادر لبنانية متابعة، لاحظت ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المرده، آثرا الصمت اثر صدور العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر، على الوزيرين علي خليل (امل) ويوسف فنيانوس (المرده)، وقد مرت موجة العقوبات دون ان تتوسع او تترك أثرا، وخطأت المصادر طلب الرئيس عون، الأدلة من واشنطن دفاعا عن صهره، في حين لم يطرح مثل هذا الأمر عند صدور العقوبات على الوزيرين الخليل وفنيانوس.
وكان الرئيس عون اتصل هاتفيا بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مطالبا إياه، بتنشيط المبادرة الفرنسية.
ورد الرئيس الفرنسي، مشددا على «الحاجة الملحة لوضع لبنان في مسار الإصلاحات وتشكيل حكومة سريعا» وفق بيان للرئاسة الفرنسية أكدت فيه وقوف فرنسا الى جانب الشعب اللبناني.
وقال البيان الفرنسي ان الإصلاحات «هي الشرط، لكي يتمكن المجتمع الدولي من تعبئة جهوده كاملة لمواكبة نهوض لبنان.
مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد شينكر قال لقناة «ال بي سي» اللبنانية ان العقوبات ستستهدف الموارد المالية الخاصة بجبران باسيل، وحساباته المصرفية، وأشار الى ان هذه العقوبات تظهر كيف تسعر الولايات المتحدة فساد باسيل في السنوات الماضية، إضافة الى علاقته بحزب الله التي سمحت بالفساد، وفي حال حصول تغيير في الإدارة الأميركية، (كما هو متوقع الآن) قال شينكر ان السياسات الأميركية تتصف بالاستمرارية.
التيار الوطني الحر وحزب الله، دانا العقوبات الأميركية، واعتبراها سياسية صرف وتدخلا بالشؤون اللبنانية الداخلية، وعبر حزب الله عن تضامنه مع باسيل في مواجهة هذه القرارات الظالمة والافتراءات المرفوضة.
وصدر عن الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر أمس، بيان اعتبرت فيه العقوبات الأميركية افتراء واضحا، واستخداما لقانون أميركي للانتقام من قائد سياسي بسبب رفضه الانصياع لما يخالف قناعاته وخياراته السياسية، معلنة تضامنها مع رئيس التيار جبران باسيل بما يمثل ومن يمثل.
وعن تشكيل الحكومة الحريرية، المصادر المتابعة توقعت توقف عداد تشكيل الحكومة، على عكس عداد كورونا، بسبب العقوبات الأميركية على باسيل، علما ان التركيبة الحكومية لم تكن مهيأة، لاعتبارات أميركية وإقليمية معروفة، فضلا عن الحاجة الى تقييم الوضع بعد شمول العقوبات الأميركية أحزاب السلطة الأربعة حزب الله وأمل والمرده والتيار الوطني الحر.
إلى ذلك، نظم التيار الوطني الحر تحركا رمزيا بالسيارات، التزاما بإجراءات الوقاية من كورونا ولعدم التخلي عن رفع الصوت بقضاياه الوطنية في الوقت ذاته، وتم ركن أكثر من 250 سيارة في موقف في بعبدا، ووضعت عليها لافتات تحمل شعارات مطالبة بضرورة المضي قدما في التدقيق الجنائي لأنه خطوة أساسية على طريق الإصلاح، وبإزالة العراقيل التي يضعها فاسدون يخشون من الحقيقة التي تعريهم وتفضحهم.