تشیر أوساط في ٨ آذار الى أن لعبة "عض الأصابع" مستمرة بین "بیت الوسط" و"میرنا الشالوحي"، وكان رئیس الجمھوریة ینتظر من الحریري أن یحمل معه الى بعبدا مسودة تشكیلة حكومیة یراعي فیھا التوازنات، ومبدأ المداورة الشاملة، لكن الحریري بات یضع فیتوات على أسماء یطرحھا رئیس الجمھوریة ویضع له شروطا على الحقائب، خصوصا المسیحیة. ووفقا لھذه الأوساط، فإن الرئیس المكلف یتخبط في طروحاته وھو یسوّق ضمن دائرته الخاصة أنه لم یوافق على منح رئیس الجمھوریة الوزارات الأمنیة، ولم یعد متحمسا لإجراء تسویة تعطي وزارة الطاقة الى شخصیة مقربة منه ومن الوزیر جبران باسیل.
المصادر تقول إن الحریري ینشط في سبیل إقناع رئیس الجمھوریة بحصة مسیحیة یكون ھو عرّاب تسمیة الوزراء
فیھا، مشیرة الى أن الحریري حمل الى بعبدا لائحة بأسماء مسیحیة لحقائب یُفترض أنھا ضمن حصة رئیس الجمھوریة.
وما أن یطلب عون حقیبة وزاریة حتى یسارع الحریري الى إقتراح إسم وزیرھا لیتبیّن أن الرئیس المكلف ّ حضر مسبقا
عددا من أسماء الشخصیات المسیحیة یرید تزكیتھا لمناصب وزاریة، وأن البحث بالحكومة لم یتجاوز مسألة التمثیل المسیحي بعد.
وبحسب المعلومات، فقد طرح الحریري على عون في لقائھما الأخیر أن یتولى الموظف في شركة "بوز ألن ھاملتون" شارل الحاج حقیبة الداخلیة، بعدما كان سمّى سابقا نقولا الھبر لھذه الوزارة. كما ّسمى رئیس المؤسسة المارونیة للإنتشار شارل جورج الحاج لتولي حقیبة أخرى، علما أنه كان قد طرح إسم رئیسة قسم الطاقة المتجددة في بنك عوده كارول عیاط لتولي حقیبة الطاقة. المصادر أفادت أن رئیس الجمھوریة سأل الرئیس المكلّف عن بقیة الأسماء، فرد بأن الأسماء الشیعیة لم تتوافر لدیه بعد، والأمر نفسه بالنسبة إلى الإسم الذي سیطرحه النائب السابق سلیمان فرنجیة.
وأضافت المصادر أن لائحة الأسماء التي قدمھا الحریري تضمنت درزیا قریبا من النائب السابق ولید جنبلاط، فیما الأسماء السنیّة كلھا "من جماعته، وبعضھم عیّنه ھو في وظائف في الدولة".
مصادر قریبة من التیار الوطني الحر تقول إن الحریري یسلم بالحصة الشیعیة وبأن الثنائي یسمي الوزراء بعد موافقتھم على الحقائب، ویترك للاشتراكي حریة تسمیة ممثلیه في حصته الدرزیة، ویمنح نفسه حصریة تسمیة الوزراء واختیار حقائبھم ویرفض منح سنّي ضمن حصة رئیس الجمھوریة، وحین یصل الأمر الى الحصة المسیحیة التي تبلغ ٩ وزراء في حكومة من ١٨ وزیرا یكون إقتراحه أن یتم تمثیل كل من وعده بالتوزیر من ضمن ھذه الحصة. ومن ھذه الحصة سیتمثل "القومي" والمردة" وتیار المستقبل، وما تبقى سیكون من حصة عون یشارك الحریري في تسمیتھم.
وھو ما تسبب باستیاء مسیحي لم تكن بكركي بعیدة عنه. واعتبرت أوساط مسیحیة معنیة بالملف الحكومي أن الحریري یمارس الحصریات مع القوى السیاسیة المسلمة ویدخل كشریك في الحصة المسیحیة.
وتذھب المصادر إلى إتھام الحریري بالسعي إلى إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل عام ٢٠٠٥ ،حیث لم یكن للقوى المسیحیة الفاعلة رأي في تسمیة الوزراء المسیحیین. وسألت، بأي حق یرید الحریري أن یشارك في تسمیة كل الوزراء المسیحیین، دونا عن وزراء الطوائف الأخرى؟ فھو لا یملك الأسماء الشیعیة أو الدرزیة، ویرفض البوح بالأسماء السنیّة،لكنه یطلب من الرئیس التفاھم معه على الأسماء المسیحیة و تقول ان ما يسمى بالعقدة المسیحیة ھو في الواقع یعبّر عن ّسم لكنه یطلب من الرئیس التفاھم معه على الأسماء المسیحیة. وتقول إن رغبة البعض في استحضار رستم غزالة. وتضیف: "لم یعد أحد قادرا على تجاوز المعطى الدستوري الذي یفید بأن الرئیس ھو شریك في التألیف ولیس علبة برید كما ھو الحال في التكلیف. و عليه ،لم يعد مقبولاً أن تسمّى الصلاحیة التي یتمتع بھا الرئیس دستوریا بـ"العقدة المسیحیة".
ولكن مصادر سیاسیة تناقلت روایة تفید أن رئیس الجمھوریة والرئیس المكلف كانا قد قطعا شوطا كبیرا في اجتماع الإثنین الماضي نحو الإتفاق على أسماء الوزراء المسیحیین الذین اختارھم عون، لكن تناھى الى مسامع رئیس تیارالمستقبل لاحقا أن رئیس التیار الوطني الحر النائب جبران باسیل إستدعى الشخصیات المسیحیة المرشحة للتوزیر، في إشارة الى أنه شریك في اختیارھا، الأمر الذي أزعج الرئیس المكلف وانعكس سلباً على مساعي التفاھم، وفق روایةالمصادر.
الإعتقاد السائد حتى اللحظة ھو أن لا قرار فعلیا بإطلاق سراح التألیف. وصلت نصائح للحریري بأن یضع حداللمراوحة ومحاولات تقطیع الوقت الذي یستنزف البلاد المنھكة، فیودع في عھدة رئیس الجمھوریة تشكیلته الوزاریةوفق تصوره الذي سبق أن تشاور به مع كل الأفرقاء المعنیین مباشرة أو بالواسطة، ولیأخذ الرئیس قراره في شأن قبولھذه التشكیلة أو رفضھا، ولیتحمل مسؤولیته السیاسیة والمعنویة إزاء الداخل والخارج. لكن الذھاب إلى ھكذا خطوة سیُعیدالتشنج بین الرجلین إلى سابق عھده، بما له من انعكاسات سلبیة.
والمأزق الراھن أن لا قوة ضغط شعبیة داخلیة بعد تشتت ثورة ١٧ تشرین وفقدانھا لقدرتھا على التأثیر راھنا، فیماالحماسة الخارجیة إلى تآكل وستزداد مع مرور الوقت. أما الإنھیار، فسیدخل مستویات جدیدة.
على هامش التطورات و الأحداث في الداخل على الصعيد السياسي، تتحدث معلومات عن شعور لدى "بیت الوسط" بمحاولة تطویق مسبقة لمشروعه الاقتصادي عبر إلزامه باتخاذسیاسات متشددة مع حاكم مصرف لبنان، إنطلاقاً من التدقیق الجنائي الذي لن یقف عند المصرف المركزي وسیمتد الىملفات عدیدة لا یوافق الحریري على مقاربتھا على نحو غیر مدروس. كما ان قرار السلطة السیاسیة المشاركة في مؤتمرالنازحین المزمع عقده في دمشق عبر كلمة لوزیر الخارجیة من خلال "الفیدیو كول"، یعتبرھا الحریري مقدمة لتكبیله فيالسیاسة الخارجیة.