من أبرز ما يَشُدُّني و يستميلُني في فخامة الرئيس هي تلك الحكمة و الحنكة السياسية التي يمْتَلِكُها و هي إحدى أغلى الأشياء التي يمنحها الله للإنسان بعد الإيمان والتحلّي بمكارم الأخلاق.
فالحكمة هي أَمَلُ كل الناجحين و بوصلة كل الصبورين، هي ضالة المؤمن و رأس العلوم والأدب فمن لم يكن حكيما لم يزل سقيما.
لولا هذه الحكمة التي تُنير عَقْلَ الرئيس و تُغَذّي بصيرتَه لكان لبنانُ قد هَلِكَ و استُنْذِف في حربٍ أهليةٍ جديدةٍ ضروسٍ، أسوأ من ذي قَبْل، حَرْبٍ لكانت أحرقت الاخضر و اليابس و التهمَت كل أقطابِه تاركةُ إياه صريعاً متخبِّطاً و مُضَرَّجا" بدمائه، فاقد النَسَمَة.
لولا فِطْنَة الرئيس، لإنْطَلَتْ على كل اللبنانيين جميع الاكاذيب و السموم التي نَشَرَتْها إذاعات الثورة الذي أُحِبُّ تسميتها بيوضاس، لتقاضيها مبالغ طائلة لإثارة النعرات الطائفية، لتهويل الأحداث، لبَثِّ الشائعات، لتحريض السفهاء و لتشويه صورة الرئيس و الحزب الذي أسسه و كل المنتمين إليه.
فجبل بعبدا تصرّف بحكمة تجاه المُغرضين، لقد غَفرَ إساءة الجُّهال عندما تعرضوا له خلال ال"ثورة" ، بحكْمَتِه صْنَعَ قراراته بنفسه، فلولا عناده و صبره و ايمانه لكان طُوِيَ مَلَّف الاثراء غير المشروع و التحقيق الجنائي، هو من يصنع من الفُرَصْ أكثر مما يجد، فهو و ان سُلِبَتْ صلاحياته لا يزال يَخْتَلِق الامكانيات لمحاربة الفساد، الحكيم هو من يسمع كلمة إلا انه يفهم إثنين و الكل على يقين ان فخامة الرئيس يمتلك رؤية سياسية مُتقدِّمة تُخَوِّلُهُ سبْرَ غَوْرِ خصومِه و استشعار ما يضمرونه من سوء و خبث نوايا.
ليس الحكيم من يعلم الخير من الشر و لكنه من يعلم خير الخيرين و شر الشرين، فهو كالماء الذي لا يصطدم بالصخرة ، إنما يحاول دوما أن يحاوطها من كل صوب، يمنة و يسرة، من فوقها و من تحتها كي يستطيع غمرها كاملة.
سيدي الرئيس، يقال ان المكتوب يقرأ من عنوانه، فعنفوانك، و صلابتك و مصداقيتك هم العنوانين الرئيسية التي تميزك و تجعلك مختلفا عن الباقين.
عرفناك رجلاً قوياً ذو نقطة ضعف واحدة ألا و وهي حبك لوطنك ، و عشقنا روحك النضالية و شغفك لموطنك و نُفَضِّلُك هكذا بدلاً من أن تكون رجلاً ضعيفاً دون نقطة قوية. فالماس ذو العيب هو أكثر قيمة من الطوب بدون عيب.