عندما تحدّث نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي قبل تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة المنتظرة، عن إثنين وعشرين نائباً مسيحياً لا ينضوون تحت رايتيّ ″التيار الوطني الحر″ وحزب ″القوات اللبنانية″، (حزب الكتائب خارج اللعبة لأن نوابه قد إستقالوا) سيمنحون أصواتهم للمرشح الأوحد، ظن كثيرون أن صاحب فكرة ″القانون الأرثوذكسي″ الإنتخابي الذي لم يُبصر النور، وإبن بلدة جب جنين البقاعية قد أخطأت بوصلته في تحديد مسار هذا التكليف، ولكن أثبتت الوقائع أن ذاك الفرزلي يحسن جيداً التصويب، كيف لا، وهو إبن عائلة سياسية متمرسة، وصديق حميم لرئيس مجلس النواب نبيه بري القادر على إخراج “أرانب” الحلول من أكمامه في الساعات الحرجة!.
فهل يمكن أن يتأطر هؤلاء النواب في “منظومة ما” تحولهم من قوى متفرقة لا تأثير لها في المفاصل المحورية، إلى كتلة وازنة في ساحة النجمة، وبالتالي تكون لها كلمة فصل في الحياة السياسية اللبنانية على خلفيات وطنية؟، وذلك كما حصل في العهد الشهابي من ستينات القرن الماضي، حين تشكلت “كتلة الوسط” وكان محورها ثلاثة أقطاب من مذاهب مختلفة وهم النواب سليمان قبلان فرنجيه الماروني وكامل الأسعد الشيعي وصائب سلام السني ومجموعة نواب من مختلف الطوائف والمذاهب والمناطق اللبنانية، استطاعوا متكافلين متضامنين مع كتل أخرى، من إيصال نائب زغرتا إلى سدة رئاسة الجمهورية بأغلبية صوت واحد فقط، مما أعتُبر نقطة فاصلة في الحياة الديمقراطية في لبنان وربما الوحيدة خلال خمسة وسبعين سنة من الاستقلال!.
جميع المؤشرات لدى المراقبين والمتابعين تُعطي الأفضلية في هذا المجال لرئيس تيار المرده سليمان طوني فرنجيه لإسباب عديدة أبرزها: أنه أحد المرشحين المحوريين لأية انتخابات رئاسية، ولأنه على علاقة حسنة بكل الأفرقاء السياسيين على مساحة الوطن، ويتمنطق بمصداقية عالية نظراً لثباته على المواقف التي يطلقها دون مواربة أو محاباة حتى أمام من يناصبه العداء السياسي في هذه القضية أو تلك، وتياره يتكئ في البرلمان إلى كتلة من خمسة نواب يمكن أن تكون نواة جيدة لأي تجمع نيابي يتمحور حول قضايا وطنية وما أكثرها على الساحتين المحلية والإقليمية، ويكسر بالتالي إحتكار بعض الكتل في تمثيل المسيحيين وهم لا يشكلون الاّ نسبة معينة من أولئك فيما يعتبرون الآخرين – وهم متفرقون – “فراطة او فرق عملة”!
تلك الخطوة إذا ما تم السير باتجاهها وفق العديد من المراقبين ستُعطي هؤلاء النواب كلمة وازنة في الحياة السياسية اللبنانية بدل أن يبقوا شبه متفرجين وشهود زور على ما يتم رسمه بإسمهم تحت هذا المسمى الحزبي أو ذاك المسمى المذهبي.!