بعد استقالة الرئيس حسّان دياب وإعتذار الرئيس المكلّف مصطفى أديب توجهت الأنظار مجدداً إلى رئيس الحكومة السابق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بإعتباره أحد أبرز الشخصيات السنيّة التي يمكن أن تتبوأ موقع رئاسة الحكومة في ظل الظروف الراهنة، من موقع أنه يترأس أكبر كتلة سنيّة في المجلس النيابي. وبالتالي هو الأقوى في مفهوم عهد الرئيس العماد ميشال عون. وهو المتكئ إلى مبادرة طرحها رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون بعد إنفجار بيروت الكارثي لمساعدة اللبنانيين على الخروج من الهاوية المالية والمعيشية التي دفعهم اليها أداء طبقة سياسية عبثت فساداً في معظم مفاصل الحكم.
وإذا كانت المبادرة الفرنسية التي تعثرت في أولى خطواتها، قد وضعت الخطوط العريضة لإمكانية الإنقاذ. فإن ما هو مطلوب من الحريري ليكون المنقذ، سلسلة من الخطوات العملية والسريعة لإثبات صحة توجهاته الجديدة، بعيداً عن الآلية السابقة. فالتاريخ لا يخلو من شخصيات اخطأت في أدائها السياسي، ثم استطاعت قلب الطاولة لإصلاح ما أفسده الدهر ولذلك فإن أبرز ما هو مطلوب من الحريري التالي:
ـ محاسبة الفاسدين الذين يعرفهم جيداً، عبر قضاء مستقل، (والقضاء في لبنان يذخر بالعديد من الطاقات التي يمكن أن تقدم الأفضل إذا اتيحت الفرصة أمامها) وعليه جلب ولو رأس واحد من تياره (تيار المستقبل) إلى قفص الإتهام، لترتعد فرائص آخر فاسد في لبنان!
ـ إجبار أحد أصحاب رؤوس الأموال القريبين منه (وهم كُثُر) على إعادة جزء من أمواله المُهرّبة، وبذلك يتاح له أن يأمر أياً كان، وحتى لو كان من أعدائه السياسيين، أن يفعل الشئ نفسه، وبذلك تبدأ الحركة المالية والإقتصادية بالإنتعاش لتنعكس إيجاباً على الأوضاع المعيشية والإجتماعية!
كسر شوكة أصحاب المصارف (وبالتالي مصرف لبنان). عبر إقدامه، وهو صاحب أسهم في أكثر من مصرف تجاري في لبنان والخارج، على إعادة “جنى عمر” صغار المودعين، وبذلك فقط يستطيع بناء بعض الثقة المفقودة إلى “تلك الدكاكين” التي قضت على آمال معظم اللبنانيين!
هذه ” يا دولة الرئيس المنتظر” بعض النماذج التي تستطيع من خلالها نيل ثقة اللبنانيين قبل السياسيين، وهي المعبر الآمن لكي تستطيع الحكم بإطمئنان في لبنان، وتكون “حاكماً عادلاً” يسعى لبنيان دولة تستحق هذا الاسم، بدل أن تكون دولة في خدمة “تجار الهيكل”. وحتى لا تحصد النتائج التي حصدتها بنفسك وكذلك أقرانك وآخرهم الرئيسين دياب واديب اللذين لم يٌفلحا في نيل الثقة اللازمة لتركيز دعائم الدولة التي تحمي الجميع، وليس الدول الخارجية التي لا تفتش الاّ عن مصالحها ومصالح حلفائها واستراتيجياتهم المشبوهة، ولعل أبرز ما فاجأ اللبنانيين هو ما تداولته مواقع التواصل الإجتماعي عن شروط أميركية لمساعدة لبنان ومن بينها التساهل أو التأييد لما يطالب به “مثليو الجنسية”!
“دولة الرئيس سعد الحريري”… لا بأس أن تلعب “الروليت الروسية” الخطرة جداً، كما طالبك أحد الإعلامييين اللبنانيين، لإنها الوحيدة التي تعبّر عن مخاطرة وإقدام. فإما أن تربح ويربح معك الوطن ويدخل إسمك التاريخ، وإلاّ فجميع اللبنانيين سيغرقون في الهاوية و”دولتك” أحدهم!.