صفق اللبنانيون طويلاً وبجميع فئاتهم للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما وصل الى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتفقد مكان الإنفجار الكارثي في مرفأ بيروت وجولته الشعبية في شوارع الجميزة ومار مخايل، بإعتباره يحمل مبادرة قد تساعد على إخراجهم من الجحيم الذي دُفعوا إليه!.
ولكن أولئك اللبنانيين انفسهم وقفوا مشدوهين بعد شهر من ذلك التاريخ يستمعون الى الرئيس نفسه وكأنه قد أصابته صدمة وهو يصف المسؤولين والقيادات في لبنان بنعوت خارجة عن أي مألوف ديبلوماسي أو بروتوكولي فوصفهم بالخونة وغير المحترمين… حتى كاد يكيل إليهم الشتائم على الطريقة اللبنانية. الأمر الذي دفع المتابعين إلى طرح التساؤلات التالية:
اذا أتى الرئيس ماكرون إلى لبنان بعقلية المفوضين الساميين الذين حكموا لبنان فعليه أن يعيد حساباته بميزان ذهب. لأن ذاك اللبنان قد إنقلب رأساً على عقب ولم تعد قوته في ضعفه، بل قوته في مقاومته! وبالتالي هل نصّب نفسه حاكما مطلق الصلاحية للبنان كي يتصرف به وكأنه مقاطعة تابعة له، بغض النظر عما فعله المسؤولون بالشعب. وكان الأولى به أن يفتعل إنقلاباً عسكرياً مثلاً يضع فيه كل من أفسد في لبنان بالسجن ويعمل هو على إصلاح النظام وفق ما يراه مناسباً للبنانيين الذين يحبهم كثيراً ويتضامن معهم؟!.
أما إذا أتى الرئيس ماكرون لكي ينفذ مبادرة تحاسب الفاسدين وتعيد إلى اللبنانيين حقوقهم فعليه أن يصوّب البوصلة ويجري التعديلات اللازمة في فريق عمله، وهو يعرف جيداً، وجيداً جداً، من نهب المال العام وهدر أموال الدولة بالصفقات والسمسرات والتلزيم بالتراضي، ويدرك جيداً من أين يجب أن يبدأ!.
وإذا أتى الرئيس ماكرون بعقلية الديكتاتور العادل والمنقذ الفعلي لهذا اللبنان الذي بُلي بنشوئه وسط منطقة براكين مشتعلة، فما عليه إلاّ أن يُعلن التزامه بأمن لبنان، كما تفعل اميركا مع اسرائيل. وبذلك يستطيع أن ينفذ وصية “فرنسا الأم الحنون” لبلد نُكب بموقعه الجغرافي وبمجموعة من سياسييه ومسؤوليه لا ترى الوطن الاّ بعقلية مصالح وعملة خضراء، وآخر همومها ماذا يدفع أبناؤه من إثمان. وبذلك يستطيع أن يضمن تأييد جميع الطوائف والمذاهب في لبنان.
عشية انطلاق المفاوضات المضنية لترسيم الحدود الجنوبية بين لبنان واسرائيل، وتجاهل ماكرون طلب الرئيس العماد ميشال عون لتزويد لبنان بالصور الجوية التي رافقت تفجير مرفأ بيروت، من الأنسب إعلانه إنتهاء “مبادرته الكريمة” والذهاب بها إلى بلاد أخرى قد تقبل الأداء الذي أبداه واللغة التي تحدث بها!.