بعد أربعة وخمسين يوماً على إنفجار بيروت الكارثي وأربعة أسابيع على إطلاقه مبادرته الإنقاذية للشعب اللبناني ظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليعلن سقوطه في قعر السياسة اللبنانية وليتهم جميع المسؤولين والسياسيين في لبنان بـ “الخيانة”، من دون أن يريد أن يعترف بان ما بناه الفرنسيون قبل مئة عام على يد احد جنرالاتهم هنري غورو، لن يقوى أحد رؤسائهم على إعادة ترتيبه وفق ما يراه مناسباً، لأن الحجارة التي تم الإتكاء عليها قبل قرن كامل قد تغيرت وتبدلت ولم تعد مطواعة بالشكل الذي يرغبه رئيس كانت بلاده تستعمر الشعوب، وباتت تفتش عن دور في هذه القارة أو تلك، أو على ضفاف هذا البحر أو ذاك.
وبانتظار ما سيصيب تلك المبادرة واللبنانيين من صُداع الى حين صدور نتائج الانتخابات الاميركية، كان واضحا للمراقبين والمتابعين أن الإنفجار الذي أدمى قلب العاصمة اللبنانية قد ساهم في تكوين ما يكفي من غُبار لتغطية الفاسدين وناهبي الدولة الذين غابوا عن إهتمامات اللبنانيين الذين إنشغلوا بلملمة صدمتهم، فيما إهتم العالم بتقديم المساعدات العينية لهم. في حين كان اهل الفساد يرقصون في مخابئهم فرحاً بأن الحناجر التي صوّبت عليهم في السابع عشر من تشرين الأول الماضي قد تشتّتت وباتوا إلى حدٍ ما بمأمن من غضب الناس الذين انصرف تركيزهم إلى شؤون أمنية ومعيشية.