منذ تأسيس دولة اسرائيل في العام 1948 وعينها على تسجيل إختراق نوعي في جامعة الدول العربية التي تأسست في العام 1945 لأنها شكلّت لها هاجساً من منطلق أن هذه المجموعة إذا ما توحدّت على رأيٍ ما فإنها ستمثل ضربة قاصمة لهذه الدولة التي وجدت بإرادة مراجع دولية تلخصت ببريطانيا العظمى التي كانت إحدى أهم الدول التي إستعمرت مساحات واسعة على الكرة الأرضية حتى باتت الشمس لا تغيب عن أراضيها، ومنها بالتحديد خرجت “شهادة الولادة” لهذه الدولة اللقيطة تحت مسمى “وعد بلفور” في العام 1917.
خلال الأسبوع الماضي عبّر وزير خارجية عربي سابق عن قلقه إزاء ما يجري على الساحة العربية من تناقض في المواقف والآراء إزاء الدولة اليهودية وإعتبر “أن الجامعة العربية تعيش اسوأ أيامها بسبب تخلي الدول الفقيرة عن شجاعة رفض سياسات الدول الغنية، فيصير المال الممسوك مدخلاً لصناعة السياسة، وفي الطليعة تمرير التطبيع كنموذج للسياسة العربية تعجز الجامعة عن مواجهته فتفقد مبرّر استمرارها”.
كلام لم يأت من فراغ وإنما يستند إلى ما هو مستجد من تطبيع إستكمالاً لما بدأته جمهورية مصر العربية وهي أكبر الدول العربية من حيث تعداد السكان عندما وقعت اتفاقية للسلام مع إسرائيل في العام 1978 في كامب دايفيد في أميركا وتلتها منظمة التحرير الفلسطينية في توقيع إتفاقية أوسلو في العام 1993 لتتبعهما المملكة الأردنية الهاشمية في توقيع إتفاقية وادي عربة في العام 1994. ليبدأ الحديث في الأوساط السياسية العالمية عن وجوب التوصل إلى إستحداث تجمعٍ إقليمي يكون بديلاً لجامعة الدول العربية ويضم تركيا وإسرائيل والدول العربية وربما دولاً أخرى.
صحيح أن هذه الفكرة لم تتبلور حتى الآن بسبب ما استجد من معطيات عسكرية على الأرض ومنها ما نتج عن “الربيع العربي” و “الشرق الأوسط الجديد”. ولكن المطلوب “كسر شوكة” أي تضامن عربي كما حصل إبان حرب 1973 حين أعلن العاهل السعودي الملك فيصل حظر النفط على الغرب نتيجة دعمه لإسرائيل، ولإجبارها على الإنسحاب من الأراضي التي إحتلتها.
من المعروف أنه تم إعتماد العاصمة المصرية القاهرة كمقر دائم للجامعة العربية منذ تأسيسها، كما تم التوافق ان يكون أمينها العام مصرياً أيضاً. ولكن هذا الاعتماد سُحب من مصر وتم تجميد عضويتها في العام 1979 بعد توقيعها إتفاقية السلام في كامب دايفيد، وتم إعتماد تونس كمقر بديل، وأختير التونسي الشاذلي القليبي أميناً عاماً حتى العام حتى العام 1990 حين أعيد المقر إلى القاهرة.
ويبقى السؤال: أين سيكون مقر “الجامعة الأقليمية” المنتظرة، وما هي جنسية أمين عام تلك الجامعة؟.