بين «الذهاب إلى جهنم» أو حصول «أعجوبة» وزَّع الرئيس ميشال عون «الخسائر السياسية» على «الثنائي الشيعي» وفريق «رؤساء الحكومات» والرئيس المكلف، في محاولة لإبعاد تهمة الانهيار، إذا استمر بتفاقمه عنه، وعن فريقه، في لحظة سياسية بالغة التعقيد، بتشابك «المصالح الطائفية والشخصية» الداخلية، المتصلة بالطوائف والشخصيات مع المصالح الإقليمية والدولية المتضاربة مع تشديد العقوبات الأميركية على إيران ودعوة أوروبا للالتزام بها..
قد تكون المطالعة التي دفع بها رئيس الجمهورية إلى الساحة السياسية، وكانت مدار تعليقات ثقيلة وقاسية، بعضها خرج إلى العلن والبعض الآخر، بقي يتداول على الألسنة في الصالونات السياسية، من قبيل لزوم ما يلزم، لولا المخاوف المحيطة بتداعيات الوضع المأزوم في البلاد.
والهدف من المطالعة ان تتفاهم الأطراف.. لكن «الحل ليس عندي بل عندهم».. وقال في معرض رده على الاسئلة: «لقد تشاورنا انا والرئيس ماكرون بالوضع القائم، وهو لا يؤلف الحكومة، بل نحن من يقوم بذلك».
ولم يكتفِ عون بالغمز من قناة ما وصفه بـ«عقم النظام الطائفي»، متبنياً طرح التيار الوطني الحر بإلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف..، بل غمز من قناة حاكم مصرف لبنان والنيابة العامة التمييزية.. مشدداً على أنه لا يمكنني اجراء انقلابات، لأن لبنان قائم على الديمقراطية والتوازن بين مكونات المجتمع..
وقال رداً على سؤال عمّا قاله حاكم مصرف لبنان من ان الاحتياط سينفذ في خلال شهرين: نسأل القائمين على إدارة الأموال، لماذا وصلنا إلى هنا؟ ونسأل القائمين على العدالة لماذا لا يسائلونهم؟
واعترف الرئيس عون انه «اقترح حلولاً وسطية، لم يتم القبول بها من الطرفين». وقال نحن اليوم امام أزمة تشكيل حكومة.
اما العقد، فتتلخص: بالنسبة للرئيس المكلف فهو لا يأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء ويطرح المداورة، لكن يسجل له رفضه التأليف ما لم يكن هناك توافق وطني على التشكيلة.
بالنسبة للثنائي الشيعي، فكتلتاهما تصران على التمسك بوزارة المالية وتسمية الوزير، وسائر وزراء الطائفة الشيعية، ويسجل لكتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة «التمسك بالمبادرة الفرنسية».
واختصر موقفه بأنه: لا يجوز ابتعاد الكتل عن عملية التأليف، كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين خصوصاً انه لا يملك الأكثرية النيابية، والدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف.
ولاحظت «فرانس برس» ان التعب بدا على الرئيس عون، وتلعثم مرات عدّة، لكنه أكّد انه «مع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب، لأن كل الحلول المطروحة تشكّل غالباً».
المراوحة
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» انه بعد «مبادرة» رئيس الجمهورية هناك انتطار حتى يقوم الجانب الفرنسي بمسعاه وكي يعيد اللأفرقاء السياسيون حساباتهم ووحده الرئيس المكلف يعرف ما اذا كان سائرا الى الأعتذار او التأليف.
ولفتت الى انه بعدما وصف رئيس الجمهورية الحالة قال اننا ذاهبون الى مكان صعب في حال لم تشكل الحكومة وذلك بوقف برامج المساعدات ووقف سياسة الدعم معربة عن اعتقادها ان هناك إعادة نظر.
واكدت ان رئيس الجمهورية حذر اشهد اني بلغت وهو لا يزال ممسكا بناصية الحكم.
واوضحت المصادر نفسها انه لا بد من انتظار خطوة الرئيس المكلف وماذا سيفعل فأما مشاورات جديدة واذا لم يعتذر الرئيس المكلف لا بد وتفاديا لأي خربطة في السلم الأهلي ان تقوم طاولة حوار في ظل حكومة مستقيلة وليس في ظل حكومة قائمة مكتملة الاوصاف الدستورية وقد تكون هناك حاجة الى الأتكاء على حكومة الرئيس حسان دياب حتى إشعار آخر لكن للأسف لن يكون الوضع في افضل الأحوال.
وأول من انتقد كلام الرئيس عون هو النائب السابق وليد جنبلاط، الذي وصف قوله: البلد رايح «ع جهنم» بأنه كلام غير مسؤول، ولا يحق له قول هذا الكلام، معتبراً ان المبادرة الفرنسية هي الفرصة الأخيرة والرأي العام الدرزي ضد المشاركة في الحكومة، وعلى أديب ان يتواصل مع الفرقاء ولكن يبدو أن هناك من يقول له «ما تحكي مع حدا»، مشيراً إلى ان لا أميركا ولا إيران تريدان حكومة والعقوبات الأميركية لم تضعف «حزب الله» بل لبنان، واقول للشيخ قبلان: «مش وقتها» ان يطالب بتغيير الطائف، واقول الأمر نفسه للبطريرك الراعي.
وأكد جنبلاط موقفه: اقول لإيران وممثليها انكم تعطلون آخر فرصة لإنقاذ البلد.
أديب لإنجاح المبادرة
وكان الصباح السياسي، بدأ ببيان للرئيس المكلف مصطفى أديب دعا فيه لإنجاح المبادرة الفرنسية فوراً وتسهيل تشكيل حكومة اخصائيين قادرة على وقف الانهيار، مشيراً إلى ان لبنان لا يملك ترف إهدار الوقت وسط كم الأزمات غير المسبوقة التي يمر بها، مالياً ونقدياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً.
اعتبرت مصادر سياسية ان ما يحصل و مايطرح من سقوف عالية بالمطالب بتشكيل الحكومة العتيدة وردود الفعل والتجاذبات السياسية والدينية عليها، يؤشر إلى ان ازمة حكومية طويلة، قد تطول لحين موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية كما هو ظاهر لرهانات إيرانية مكشوفة على امكانية تبدل الإدارة الاميركية الحالية باخرى اقل عدوانية معها كما كانت ادارة الرئيس باراك اوباما السابقة، يمكن معها فتح صفحة جديدة والتملص نوعا ما من قساوة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران حاليا وبالتالي الاستفادة من هذه المرونة المفترضة للتغاصي عن النفوذ الإيراني بالمنطقة كما كان سابقا. وتعتقد المصادر انه إذا لم تحدث مفاجأة غير متوقعة، من المستبعد الخروج من ازمة التشكيل الطويلة، مستبعدة ان يعتذر الرئيس المكلف مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة كما يردد البعض، لأن العقدة ليست عنده وانما عند حزب الله تحديدا وبالتالي فإن الاعتذار عن التشكيل لن يحل المشكلة بل سيفاقمها.
على صعيد اخر توقعت مصادر ديبلوماسية رفيعة ان يكون الوضع في لبنان مدار بحث تفصيلي خلال الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى موسكو بعد غد الخميس لمناقشة عدد من الامور المشتركة بين روسيا وايران لاسيما الوضع في سوريا وغيرها. ومن المرتقب ان يشدد لافروف خلال اللقاء مع ظريف على أهمية لعب ايران دورا إيجابيا مساعدا لحل الازمة الحكومية بلبنان نظرا لأهمية ذلك بمنع الانهيار المالي والاقتصادي الذي يتهدد هذا البلد الصديق لروسيا والذي لا مصلحة لاحد بحدوث مثل هذا الانهيار الذي قد يتجاوز لبنان إلى دول اخرى وفي مقدمتها سوريا.
لكن مصادر رسمية مواكبة لعملية تشكيل الحكومة قالت ان معطيات جديدة وجدية، بالرغم من مواقف الرئيسين عون واديب، بالرغم من ان كلام اديب صباحا يوحي بعدم اقفال الباب امام مزيد من المساعي، وانه في نهاية المطاف لا بد من حلحلة ما وفي مكان ما ومن جهة ما لعُقد التشكيل، لأن أحداً لا يستطيع ان يتحمل مسؤولية ما يمكن ان تصل اليه الاوضاع، لاسيما ان الرئيس عون قال بصريح العبارة «اننا رايحين على جهنم اذا لم تنفذ المبادرة الفرنسية».
وتشير المعلومات الى أن الرئيس اديب ليس بصدد الاعتذار على الاقل في المرحلة الحالية، بانتظار ما ستسفر عنه الجهود الفرنسية، وان مهلة التشكيل قد تمتد الى نهاية الشهر الحالي.
وفي المعلومات ايضا ان الرئيس نبيه بري اكد لزواره امس ان الثنائي الشيعي ابلغ الرئيس الفرنسي ماكرون انه مستعد لتزويد الرئيس المكلف بعشرة اسماء من الطائفة الشيعية لتولي حقيبة المال وليختر منهم واحداً. لكن بري ابدى إنزعاجاً مما وصلت اليه الامور، وعتباً على مواقف البطريرك الراعي.
وذكرت المصادر المتابعة ان الرئيس بري اقترح على الرئيس ماكرون ايضا خلال اتصاله به مؤخراً تسمية احد أعضاء فريقه الخاص بالأزمة اللبنانية لتولي حقيبة المالية، وهو اقتصادي لبناني – فرنسي من آل شمس الدين.
المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، أجرى أمس مشاورات في القاهرة تناولت الملف اللّبناني، دون أن ترشح أي مبادرة أو حتى أي مسعى أممي يحظى بغطاء عربي.
وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير إن لرئيس الجمهورية ميشال عون الحقّ ان يطرح رؤيته وتصوره لاي مسالة مطروحة ولكن نحن مع الغاء الطائفية بتطبيق الدستور وفق المادة 95.
إلى ذلك، دعا الرئيس نبيه برّي هيئة مكتب المجلس إلى جلسة غداً في مكتبه في عين التينة، وعلى جدول أعمالها عدد من القوانين، ومن بينها قانون العفو.
ويعقد اليوم المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى اجتماعاً برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. وسيتناول آخر المستجدات ولا سيما موضوع التأخير الحاصل في تأليف حكومة الرئيس مصطفى أديب ودعوة مختلف الافرقاء المعنيين الى الاسراع في تشكيلها وتسهيل مهمة الرئيس المكلف. فضلاً عن ضرورة التمسك بالمبادرة الفرنسية والاستفادة منها. وتوضح مصادر في المجلس ان هذا الموعد كان مقرراً مسبقاً ولم يأت نتيجة الظروف الاخيرة في البلد.وأشارت مصادر إلى ان البيان الذي سيصدره المجتمعون سيكون هادئاً ومدروساً بعناية كبيرة ولا سيما ان الاوضاع في البلد لا تحتاج الى المزيد من التأزيم وتبادل البيانات بين البطريركية المارونية والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى.
المطالبة برحيل عون
ومن المتوقع ان يتفاعل الوضع شعبياً لتجديد المطالبة برحيل السلطة السياسية، ومساءً تجمع ناشطون على «جسر الرينغ» احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، وللمطالبة برحيل الرئيس عون، وتحت عنوان: رايحين ع جهنم، على أساس كنا عايشين بالجنة، ورددواً: يللا ارحل يا عون. وحملوا يافطة عليها: وصلنا ع جهنم بالعهد القوي.
وحدث الأمر نفسه ليلاً في ساحة ايليا في صيدا، إذ تجمع ناشطون واطلقوا هتافات مناوئة للسلطة، ومنددة بتردي الأوضاع الحياتية والمعيشية، ومطالبين برحيل الطبقة السياسية.
وغداً ستغادر شركة GTventour التي ساهمت في تنظيف المرفأ، وكشف السفير الفرنسي برونو فوشيه ان عملية «الصداقة» في لبنان ستنتهي قريباً، بعد تنظيف 25 هكتاراً وإزالة 17000 طن من الأنقاض، ومساعدة المدارس والمستشفيات المتضررة، وختم: «تمت المهمة».
29986
صحياً، سجل لبنان 684 إصابة جديدة بفايروس كورونا كما سجل 10 وفيات جديدة، ليرتفع عدد المثبتة اصابتهم مخبرياً، منذ 21 شباط إلى 29986 حالة.
وأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنه «رفع توصية للجنة كورونا الحكومية بإمكانية الإقفال العام لمدّة أسبوعين وذلك بسبب ارتفاع عدد الإصابات أخيراً». وقال خلال مؤتمر صحفي, ان التحدي في الاقضية والمحافظات هو في الشمال وبيروت والجنوب ففي الشمال نرفع الامكانيات اللوجيستية والامكانيات البشرية وسيتم تحويل مستشفى المنية الى مستشفى يستقبل حالات كورونا فقط. وأضاف حسن: «على المستشفيات الخاصة أن تفتح أقسامًا خاصة لاستقبال مرضى كورونا ويجب التجهيز لموسم الخريف الذي ينذر بموسم انفلونزا مع كورونا. وأضاف بقدر ما يمكن مساعدتنا على تطبيق الاجراءات نكون شاكرين واذا لم يكونوا قادرين يجب ان يقولوا ذلك لكن لا يمكن الاستمرار بالوضع الحالي…. وليس بعيدا، أعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب أنّ أمامنا مرحلة صعبة لمتابعة العام الدراسي الذي سيتقرّر شكله التعليمي بحسب المؤشر الصحي لكورونا.
وأوصت لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا بالتريث بتنفيذ إغلاق القطاعات مع الإستمرار بتقييم واقع الإنتشار الوبائي وقدرات الإستجابة الصحية ليبنى على الشيء مقتضاه.
وخلال اجتماعها في السراي الحكومي أمس، طلبت اللجنة من وزارة العدل التخفيف من الإكتظاظ داخل السجون وذلك من خلال تفعيل تنفيذ الإجراءات المقترحة.
وجرى بحث بالتوصيات الصادرة عن اللجنة العلمية في وزارة الصحة العامة بتاريخه وتقييم الاستراتيجية المعتمدة مسبقاً من قبل اللجنة في مواجهة فيروس كورونا والاجراءات المعممة من قبلها وتلك غير المنفذة منها في هذا الصدد.