«إذا لم تشكّل الحكومة رايحين على جهنّم» و«ليس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من يشكلها».. هذا فحوى الموقف الذي اطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، ويلخص حقيقة المشهد السياسي اللبناني، خصوصا انه قرنه بالقول وهو يغادر المؤتمر الصحافي الذي عقده في قصر بعبدا الجمهوري «ربما تحصل عجيبة وتتشكل الحكومة الليلة».
وتناول عون في المؤتمر تطور الازمة الحكومية وطرح خلاله مبادرة تقوم على تحرير الحقائب السيادية من الطوائف الكبرى، وقال «نحن اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضا أن تحصل لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة.
ومع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالبا ومغلوبا»، وأضاف «لقد طرحنا حلولا منطقية ووسطية ولكن لم يتم القبول بها من الفريقين، وتبقى العودة الى النصوص الدستورية واحترامها هي الحل الذي ليس فيه لا غالب ولا مغلوب»، وتعليقا على هذا القول سألته صحافية «نحنا لوين رايحين؟»، فرد محذرا «طبعا على جهنّم وإلا ما في لزوم أحكي هون». وعلى الفور تحولت الكلمة إلى «ترند» على تويتر وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع الرئيس عون: 4 زيارات للرئيس المكلف ولم يستطع أن يقدم لنا أي تصور أو تشكيلة أو توزيع للحقائب أو الأسماء، ولم تتحلحل العقد، التي يمكن تلخيصها بالتالي:
٭ الرئيس المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا الموقف رؤساء حكومات سابقون، ويسجل له أنه يرفض التأليف إن لم يكن ثمة توافق وطني على التشكيلة الحكومية.
٭ كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة تصران على التمسك بوزارة المالية وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية، ويسجل لهما التمسك بالمبادرة الفرنسية.
واشار الى انه: عندما تفاقمت المشكلة واستعصت، قمت بمشاورات مع ممثلين عن الكتل النيابية لاستمزاج الآراء، فكانت هناك مطالبة بالمداورة من قبل معظم من التقيتهم، ورفض لتأليف الحكومة من دون الأخذ برأيهم، أما موقفي من كل ما يحصل فهو التالي:
لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، وإن كان التأليف محصورا بالتوقيع بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية، كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين خصوصا أنه لا يملك الأكثرية النيابية.
لا ينص الدستور على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق من الأفرقاء كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور.
وتــوجه الى جميع اللبنــــانــــيين، مواطنين ومسؤولين، بالقول «بينما نلمس جميعا عقم النظام الطائفي الذي نتخبط به والأزمات المتلاحقة التي يتسبب بها، وبينما استشعرنا ضرورة وضع رؤية حديثة لشكل جديد في الحكم يقوم على مدنية الدولة، اقترح القيام بأول خطوة في هذا الاتجاه عبر إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف فتكون القدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي هي المعيار في اختيار الوزراء».
وحذر من انه «لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي، وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا الى الاستقرار والنهوض».
من جانبه، اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط انه ليس من حق الرئيس ميشال عون أن يقول إننا ذاهبون الى جهنّم وأنا من أنصار التسوية وعندما تهب العاصفة يجب أن نميل.
واضاف جنبلاط عبر قناة الـ mtv: ان كلام رئيس الجمهورية غير مسؤول ولا يحق لعون أن يكون في هذا الجو تجاه اللبنانيين وهم على حافة الهاوية.
وتابع: اتصلت بالحريري من باريس ولم يكن الاتصال إيجابيا، وبري قال لي ان هناك ضغطا عليه بالنسبة لإبقاء وزارة المالية مع الطائفة الشيعية.
جنبلاط اعتبر ان لا أميركا ولا إيران تريدان حكومة والعقوبات الأميركية لم تضعف حزب الله بل لبنان، وأقول للشيخ قبلان «مش وقتها» أن يطالب بتغيير «الطائف»، وأقول الأمر نفسه للبطريرك الراعي.
وكان الرئيس المكلف مصطفى أديب اعلن في بيان أن «لبنان لا يملك ترف إهدار الوقت وسط كم الأزمات غير المسبوقة التي يمر بها، ماليا ونقديا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا».
وقال «إن أوجاع اللبنانيين التي يتردد صداها على امتداد الوطن وعبر رحلات الموت في البحر، تستوجب تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل حكومة مهمة محددة البرنامج، سبق أن تعهدت الأطراف بدعمها، مؤلفة من اختصاصيين وتكون قادرة على وقف الانهيار».
وأكد أنه لن يألو جهدا في«تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون»، متمنيا على الجميع «العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فورا ومن دون إبطاء».
وفي هذا الخضم دعا مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى الاجتماع في دار الفتوى اليوم الثلاثاء لاتخاذ موقف من التطورات خصوصا السجالات التي امتدت إلى المقامات الدينية وتشمل دعوة رؤساء الحكومة السابقين والعاملين بوصفهم أعضاء طبيعيين في هذا المجلس.