2024- 11 - 24   |   بحث في الموقع  
logo استشهد في العامرية… الجيش نعى المعاون الأول الشهيد دياب محمد جعفر logo تحذير إسرائيلي عاجل إلى سكان الحدث وبرج البراجنة logo باسيل: لا جمهورية من دون رئيس logo سليم دان استهداف مركز الجيش في العامرية logo تظاهرات في جنيف وأمستردام: إسرائيل تواجه العزلة الأوروبية المتنامية logo في سيرة من كان يُوصف بـ"امبراطور النفط" السوري logo بعد مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات... نتنياهو يتوعّد "القتلة" logo "نحن نعرف لبنان في الشتاء"... لواء إسرائيلي "يحذّر" من "المستنقع اللبناني"!
الكرة في ملعب ماكرون.. على هذا الأساس يتصرف الثنائي الشيعي (داني الاسمر)
2020-09-17 10:08:00

حصل تبدل في نظرة "الثنائي الشیعي" (بري ـ حزب الله) الى المبادرة الفرنسیة التي أطلقھا شخصیا إیمانویل ماكرون في لبنان بعد إنفجار ٤ آب. في البدایة كانت النظرة "إیجابیة" وجرى التعاطي مع المبادرة الفرنسیة بانفتاح ومرونة. لم یكن الأمر یتعلق فقط بمصلحة حزب الله في كسب الوقت وتقطیعه حتى الانتخابات الرئاسیة الأمیركیة واستعداده للتعامل بواقعیة سیاسیة مع تحرك فرنسي طارئ حصل بعد إنفجار مرفأ بیروت واكتسب أبعادا إنسانیة وعمل على حشد دعم دولي وأطلق دینامیة سیاسیة داخلیة مع أجندة إصلاحیة... الأمر یتعلق أیضا بالطریقة التي تصرف بھا الرئیس ماكرون بكل واقعیة وجدیة، مظھرا إیجابیة وانفتاح في اتجاه حزب الله، لجھة الإعتراف بشرعیته المنتخبة من الشعب ورفض التصنیف الأمیركي "إلإرھابي" له، ولجھة وضع الملفات الخلافیة ذات الصلة بالحزب (السلاح والحیاد والقرارات الدولیة) خارج طاولة البحث في ھذه المرحلة. وكان أن بادل الحزب ھذه الإیجابیة الفرنسیة بالمثل فوافق على تسمیة الرئیس المكلف مصطفى أدیب من دون أن یربط موافقته بتفاھم مسبق على شكل الحكومة وبرنامجھا وتركیبتھا والثلث المعطل وتوزیع الحقائب فیھا. وساد إنطباع بأن عملیة تشكیل الحكومة ستكون "سھلة وسریعة"، وأن دینامیة التكلیف ستنسحب على التألیف بفعل قوة الدفع الفرنسیة... ولكن حصل لاحقا ما أدى الى تبّدل "المزاج والموقف الشیعي" إزاء المبادرة الفرنسیة، بحیث حل الحذر والریبة محل التعاون والتسھیل... وھذا التبّدل إنطلق فورصدور العقوبات الأمیركیة التي مسَت الرئیس بري شخصیا لأول مرة، وأوحت بوجود "تواطؤ" فرنسي معھا في سیاق الخطة السیاسیة التي تعتمدھا باریس وتقوم على "الترغیب والترھیب"، وإذا كان الترغیب حصل بالتودد الى حزب الله والإعتراف السیاسي بدوره ومصالحھ، فإن الترھیب حصل بتسلیط سیف العقوبات مجددا...

العقوبات الأمیركیة ٌ سبب في التشنج الشیعي ولكنھا لیست كل السبب بعدما انتقلت المبادرة الفرنسیة الى التنفیذ السیاسي، بدءا من الحكومة وانكشف الأمر عن مسار تألیف ومنحى سیاسي غیر مطمئن، لا بل مثیر للشبھة والشكوك بالنسبة للثنائي الشیعي. وحسب مصادر "الثنائي"، فإن الدخول الأمیركي على خط الحكومة جاء "فجا وفظا" حیث أخطر، من خلال إبعاده عن الإستشارات ّطور الأمیركیون نظریة عدم مشاركة حزب الله في الحكومة الى ما ھو الحكومیة، والأكثر خطورة ھذه المرة كان في ضرب حصار مطبق على الرئیس بري الذي كان یشكل ھامشا شیعیا مقبولا باعتباره  ید ّور الزوایا ویُشكل بالعادة مخارجا في الأیام الصعبة، فجاءت العقوبات المالیة بحق الوزیر علي حسن خلیل لتؤكد أن إدارة الظھر من قبل الرئیس المكلف لـ"عین التینة" لیس مجرد نھج جدید لرئیس لا یملك خبرة، بل خطة محكمة لعزل الثنائي الشیعي، بعدما نجح الأمیركیون في ترویض رئیس التیار الوطني الحر الوزیر جبران باسیل الخائف من العقوبات، وكانت إشاراته التنازلیة حكومیا. فإذا رضخ باسیل فھذا یعني أن "الثنائي" وخصوصا "عین التینة" لن یصمدا؟ وھذه القراءة الخاطئة في تقدیر قدرة "الثنائي" على الذھاب في المواجھة الى النھایة، أدت الى "الدعسة" الناقصة التي فرملت المبادرة الفرنسیة. فقد اعتقد كثیرون أن بري سیتمایز عن الحزب بعد العقوبات على علي حسن خلیل خوفا من الأعظم، إلا أن ھذا الأمر دفعه الى المزید من التشدد، وھو أبلغ من یعنیھم الأمر أنه لن یسمح باستفراد حزب الله لأن ذلك یعني حكما نھایة دور الطائفة الشیعیة الریادي في البلاد. في المقابل، یدرك حزب الله ومعه بري أن مشكلة وزارة المال مصطنعة، والمطلوب ھو تكریس ُعرف جدید یقوم على تھمیش "الثنائي" سیاسیا، تمھیدا لما ھو أخطر، ولھذا یعتبران التنازل ھذه المرة ذات دلالات خطیرة، وسیجر الى تنازلات أخرى سیكون ثمنھا باھظا.

لاحظ "الثنائي" أن مواقف الفرنسیین لا تتطابق مع سلوكھم، أقله في ما یتعلق بعلاقتھم مع حزب الله الذي رأى أن ھناك إلتباسا حاصلا وغموضا یحیط بالمبادرة الفرنسیة التي سارعت أطراف داخلیة الى الرھان والبناء علیھا واستغلالھا، ومعھا العقوبات الأمیركیة، لتحقیق إنقلاب سیاسي في البلد یخرج من خلاله حزب الله من الحكومة، وبالتالي یتحقق الھدف الأمیركي ویكون للشیعة تمثیل ھزیل تحت عنوان الإقتصاص... حزب الله، ومعه الرئیس بري الذي صدم بالطریقة التي تصرف بھا الحریري الذي رفض منح الثنائي الشیعي وزارة المالیة وتولى إدارة تشكیل الحكومة، بات في أجواء أن ما یحصل یقارب الإنقلاب على موازین القوى السیاسیة وإلغاء لمفاعیل انتخابات ٢٠١٨ .

وإضافة الى ذلك، یأخذ حزب الله على المبادرة الفرنسیة إتسامھا بعدم الوضوح في بعض الأحیان وتبدیل المواقف والتراجع عنھا في أحیان أخرى. فحین أتى ماكرون الى لبنان في الزیارة الأولى، تحدث عن حكومة وحدة وطنیة، قبل رجیة الفرنسیة لھذا الأمر، وتزعم وجود خطأ في الترجمة، لیتحول الحدیث إلى حكومة أن تتنكر جھات في الإلیزیه والخارجية الفرنسية لهذا الأمر،و تزعم وجود خطأ في الترجمة، ليتحول الحديث إلى حكومة حیادیة ومن ثم العودة إلى حكومة مھمات. وجھدت في تسریب معلومات عن وضع ید على وزارات الطاقة والإتصالات والعدل والأشغال والمالیة، وفي ترشیح أسماء لتولي مناصب وزاریة، یصادف أنھا تحمل في غالبیتھا الجنسیة الفرنسیة. ولا یُخفى دورھا في الدفع الى تألیف حكومة أمر واقع یُستبعد منھا الثنائي الشیعي.

في "الخلاصة الشیعیة"، إن الكرة الآن في ملعب الفرنسیین وھم متھمون حتى إثبات العكس، ومطالبون بمراجعة خیاراتھم وإنقاذ مبادرتھم وإثبات قدرتھم على لعب دور وازن ومتوازن على الساحة اللبنانیة... في الخلاصة أیضا أن أي إخفاق للمبادرة الفرنسیة تتحملھ باریس ولیس حارة حریك وعین التینة، وأي فشل فرنسي في لبنان سیكون بمثابة إنتكاسة خارجیة مدویة للرئیس ماكرون... وبالتالي یصبح السؤال: أي طریق سیسلكه الفرنسیون، وأي خیارات سیعتمدونھا بإعطاء فرصة جدیدة وإبقاء باب الحكومة مفتوحا أم إقفالھ؟! باستمرار الرغبة في التعاون مع إیران وإظھار مرونة، أم بالتحول الى الإقتداء بالموقف الأمیركي وإظھار التشدد؟!

المعلومات والتقاریر الواردة من باریس تلخص موقف الرئاسة الفرنسیة في النقاط التالیة:
١-إستیاء شدید من تعثر تشكیل حكومة مصطفى أدیب نتیجة العراقیل التي ُوضعت في طریقھا، إن لجھة تمسك
الثنائي الشیعي بوزارة المالیة أو لرغبة رئیس الجمھوریة بحكومة موسعة أو لتأكید جھات أخرى على عزوفھا عن المشاركة فیھا أو حتى الإقتراب منھا. وبالتالي فإن الدینامیة السیاسیة التي أوجدھا ماكرون بزیارتیه الى بیروت ضاعت في متاھات الزواریب السیاسیة اللبنانیة وفي تعقیدات الأوضاع الإقلیمیة.
٢-أسف شدید لعدم إلتزام السیاسیین والمسؤولین اللبنانیین بالتعھدات التي قطعوھا للرئیس الفرنسي خلال زیارتیه للبنان وفقا للإطار الزمني المحدد. والخطة الفرنسیة كانت واضحة، وقد وافق علیھا الذین اجتمعوا في قصر الصنوبر مع الرئیس الفرنسي، وتقوم أھم بنودھا على محاربة الفساد وإطلاق عملیة الإصلاح وإعادة تنظیم قطاع الكھرباء والإتصالات وتنظیم القطاع المصرفي اللبناني وإجراء التدقیق المالي في مصرف لبنان.
٣-ما تتخوف منه حقیقة أن یكون الرضوخ لرغبة الطرف الشیعي بمثابة إطاحة بجوھر المبادرة الفرنسیة وبالمبادئ التي تم الإتفاق علیھا أي الإبتعاد عن المحاصصة، ووصول حكومة من المستقلین وبالتالي ضرب أسس المشروع الإصلاحي الذي تدافع عنھ باریس ومن ورائھا المجتمع الدولي. كذلك، ترى باریس في ھذا التمسك رغبة باستمرار الھیمنة على القرار الحكومي ما یعني جعل الخطة الإصلاحیة تحت رحمة قبول ھذا الجانب أو ذاك. وفي الوقت عینه، یعي الفریق الفرنسي المتابع للملف اللبناني أن السیر بـ"حكومة مواجھة" سیعني تكاثر العراقیل بوجه مصطفى أدیب الذي لا یرغب بحكومة كھذه تكون بمواجھة الثنائي الشیعي أو أي مجموعة أخرى بل ھو یسعى لحكومة منتجة ومنسجمة وتحظى بأوسع دعم.
٤-رغم ھذا "الإحباط" الفرنسي، فإن الباب ما زال مفتوحا وباریس ترسل إشارات في ھذا الإتجاه:
- باریس لا تعتبر أن مھلة الـ١٥ یوما التي أعطاھا ماكرون للسیاسیین اللبنانیین "مقدسة" وأن المھم ھو التوصل إلى تشكیل الحكومة العتیدة لمواجھة الوضع الخطیر الذي یقبع فیه لبنان، ولا مشكلة لدیھا بخصوص طائفة وزیر المال أو أي وزیر آخر، إذ إن ما یھمھا ھو عملیة إنقاذ لبنان.
- باریس لم تطالب بالمداورة في المراكز الحكومیة، وھو مطلب یرفضھ الثنائي الشیعي الذي یصر على توزیر شیعي في وزارة المال، وتؤكد أنھ شأن لبناني صرف یعود الى الأطراف اللبنانیین التوصل الى حل لھ. وتشیر الى أنه لیس لدى باریس أي حل حالیا لمعضلة تشكیل الحكومة، وھذا الأمر لیس من اختصاصھا، بل یعود الى اللاعبین السیاسیین على الساحة اللبنانیة التوافق حوله.

السؤال الرئیسي: ھل تنكفئ باریس تحت وطأة الخیبة التي تشعر بھا والإنتكاسة التي أصابتھا؟! أم تكمل بطرق أخرى بعدما باتت مبادرتھا مبنیة على الحكومة، والفشل في تشكیل الحكومة یعني فشل المبادرة... وانكفاء عن الساحة اللبنانیة المدخل المعتمد الى العالم العربي؟!





ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top