لم يجد العديد من مسؤولي حزب ″القوات اللبنانية″ ونواب كتلته ″الجمهورية القوية″ غضاضة بالاعتراف علناً بالفترة ألأخيرة بـ ″الخطأ″ الذي اقترفوه بتأييد إنتخاب النائب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في العام 2016.
وإذا كان “الإعتراف بالخطأ فضيلة” فإن الاستمرار بالنهج الذي تتبعه منذ سنوات لن يؤدي بها سوى إلى المزيد من الخيبات. فوفق العديد من المتابعين ان معراب عرفت إخفاقات ملموسة في تقديراتها السياسية، حيث كان “حساب البيدر متراجعاً جداً عن تقديرات الحقل”، الأمر الذي عكس سوء تقدير في إستيعاب المتغيرات الجيو – سياسية، أو تشبث بمواقف محددة استناداً إلى قناعة لدى القيادة بأن ما تقوم به يستند إلى معطيات ليست متوفرة لدى الآخرين. حتى بات يُقال من باب النكتة: “اذا اردت ان تعرف ماذا سيجري، اسمع توقعات جعجع وانتظر عكسها”.
فاذا تم وضع الريح التي تم حصدها من “إستقتاله” لإنجاز إتفاق الطائف جانباً، فإنه منذ إنقلابه على الرفض بإنتخاب عون رئيساً إلى حمل لواء وصوله إلى قصر بعبدا، سُجِّلت في خانته الوقائع التالية:
فشل توقعاته في نيل نصف المقاعد الوزارية في حكومات العهد ونصف الحصة التوظيفية للمسيحيين في دوائر الدولة. فاقتصرت حصة حزبه على أقل من المتوقع بكثير لجهة عدد الوزارات ونوعيتها، وتضاربت مصالحه مع “التيار الوطني الحر” في التوظيف فلم ينل من “الجمل الاّ إذنه”، فأرغد وأزبد بعد ثلاث سنوات ليخرج على الاتفاق ممزقاً إياه، معلناً الطلاق بالثلاثة، في وقت لم ينجح فيه بإستعادة الثقة كما يتوخى مع تيار المستقبل أو اللقاء الديمقراطي، متكئاً إلى وسادة عربية لم تعد تمنح دعمها السخي إلاّ وفق أجندات لا يمكن تسييلها على الساحة اللبنانية، إلا إذا إقتنع صاحبها بوجوب الإصطدام بالجدران.
ما حققه الحزب من نقلة نوعية في عدد النواب في انتخابات العام 2018 لم يساعده كثيراً على فرض شروطه في التركيبة الحاكمة، وبالتالي لم يستطع تلبية الوعود التي أطلقها للناخبين قبيل الانتخابات الأمر الذي إنعكس سلباً على بارومتر الاحصاءات الميدانية.
حزب القوات كان أحد الأفرقاء القلائل الذي لم تلق طروحاته الآذان الصاغية لدى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أثناء لقائه الأخير مع القيادات السياسية في قصر الصنوبر، وتحديداً فيما يتعلق بطرح سلاح حزب الله و إجراء الإنتخابات النيابية المُبكرة، مما دفع بالعديد من العارفين إلى ربط الموقف المتميز للحزب ورئيسه بإستدراج عروض قدمه لمراجع دولية معنية جداً بالملف اللبناني ليكون البديل المحوري عن القوى والقيادات المسيحية التي فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق تمثيل وازن في وجه الطبقة السياسية القائمة.
وبناء عليه يخطط حزب القوات لتحقيق إختراق نوعي في أية إنتخابات نيابية مقبلة ليحتل موقع الصدارة في التمثيل المسيحي مستغلاً التراجع الملموس (وفق إحصاءاته) في شعبية منافسه الأساسي “التيار الوطني الحر”، وبذلك يحقق حلم رئيسه سمير جعجع في أن يكون الشخصية الأقوى ليكون ترشيحه لرئاسة الجمهورية مبرراً في وصول الأقوى إلى بعبدا وفق المعادلة التي تشبث بها التيار العوني في آخر إنتخابات رئاسية!