تسللت كورونا إلى منزلي من الباب الخلفي، علماً بأن تواصلنا مع الآخرين وخروجنا من المنزل هما في الحد الأدنى، وأنا من الداعين إلى المبالغة في الحيطة والحذر من الكورونا منذ أيامها الأولى، ولعلها لذلك قد ناصبتني العداء فأرادت أن تنال مني، وهي واهمة.
استخدمت معي حرب العصابات؛ فبدأت بوجع رأس يصدع الدماغ، وبهجوم واسع من بلطجيتها على الأمعاء محدثاً إسهالاً منهكاً، فتصديت لها بالإحتياطات والحمية الغذائية، فانتقلت إلى المريء وبادرتني بسعالٍ قاسٍ، وبحرارة ترتفع وتنخفض، وبضيق نفس، وعدم شهية للطعام، ثم سرقت مني حاستي الشم والذوق، ولكنها لم تسرق مني عزيمتي، ثم حين ظنت أنها استوفت أهدافها في هذه المنطقة من جسدي، إنتقلت إلى الحلق واللوزتين لتلهبهما بأخواتها الجرائيم المتسلقين الأشرار، وأدخلت جسدي في "بردية" متقطعة كي ترجفني خوفاً منها، وتحركت بقواها السلطوية الوقحة نحو الرئتين، مع نشرها لفرق الأوجاع الحاقدة في كافة أنحاء جسدي، محاولةً محاولة البائس أن تنال من صحتي وتضعف سطوتي عليها وأخذي بزمام المبادرة في كل مرحلة.
لقد علمت هذه الڤايروس بأنني أعلنتها، منذ شعرت أنها تسللت إلى جسدي، حرباً ضروساً عليها، لا تبق ولا تذر، وجهزت لها جيشاً جراراً ومحارباً مخلصاً يقاتل بشراسة دفاعاً عن صحتي وسلامتي، قوامه:
1) في المقدمة، يقيني بالله بأن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وأن الأمر بيد الله جميعأ، وأن أمر المؤمن كله له خير، وأن البلاء هو كفارة للسيئآت ورفع للدرجات عند الله، وأن الشافي هو الله.
2) وعلى ميمنة الجيش، فريق من الأطباء الأحبة، ومن أصحاب الإختصاص المتفانين معي في خوض هذه المعركة متطوعين، والذين لم يبخلوا علي من وقتهم وخبرتهم في كل الأوقات.
3) وفي واسطة الجيش قادة "أبطال" يضحون بأنفسهم وبالغالي والنفيس من أجلي ودون توانٍ، عنيت بهم؛ زوجتي الحبيبة، وأولادي الأحباب الثمانية (إبنين وصهرين، وإبنتين وكنّتين) أعطوني كل الدعم النفسي واللوجستي لقهر غريمنا المشترك.
4)وفي ميسرة الجيش المنتصر بإذن الله، مناعة جسدي الصحية؛ فأنا أداوم على الرياضة، وأراعي الأكل والشرب الصحي، وأتجنب الضار منه، منذ سنوات طوال، ودعمتها بأحدث ترسانة من الأسلحة الفتاكة للجراثيم المأجورة من ڤيتامينات ذكية ومتنوعة.
5) وفي مؤخرة الجيش وركنه؛ وهي الأساس والركيزة، المؤآزرة الشمولية التي ترعى وتحيط بعينها تحركات وحدات جيشي الجرار، ألا وهي الشعور بمعية الله، عبر التلاوة الخاشعة للقرآن، والرقى الشرعية أرقي بها نفسي، والدعاء، وقيام الليل، والصدقات.
أيتها الكورونا الخبيثة، لقد اخترت لك أرض معركة ترابها لم يخالطه مالٌ حرامٌ، أو فساد، أو سعي بظلم أحد، وسماؤها محمية برضا خفي من الوالدين، وحرص دائم على طاعة الله، فكيف لك أن تهزميني؟
أخرجي من جسدي مطرودة متقهقرة من غير رجعة بإذن الله تعالى، لا مأسوف عليك أنت ومن ناصرك من أزلام وأتباع من جراثيم الأرض....
أحببت أن أشارككم تجربتي هذه علّها تكون منارة تضيء الطريق بالتفاؤل وتساعد على إختيار سلاح المواجهة، وأرض المعركة، لمن يخوض الآن، أو قد يخوض معركته مع هذا العدو الفتاك الخفي.
كل المحبة لعائلتي الصغيرة التي عايشت معي هذه المرحلة الحرجة بدقائقها.
وكل الشكر والتقدير والإمتنان للأصدقاء الدكاترة الأعزاء على مواكبتهم كل مراحل العلاج دون كلل أو ملل.
والحمد لله رب العالمين.