إليكم ما أوردته “الجمهورية” في إفتتاحيتها
2020-09-04 06:25:25
تحت عنوان “التأليف: أديب على خطّي بعبدا وبيت الوسط”، كتبت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها:
بعد استشارات التكليف والتأليف جاء وقت الجدّ، وحان وقت الامتحان من أجل التأليف، الذي اذا ما تمّ بالاستناد الى واقع استشاراته، يفترض ان تولد الحكومة في غضون ايام وليس خلال مهلة الاسبوعين التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتعهدات بالتسهيل التي قطعتها القوى السياسية والكتل النيابية على نفسها أمام ماكرون ولم تضع أي شرط لا في بالتوزير ولا في الحقائب. وبالتالي، يفترض ان يكون التشكيل سلساً بغية تحقيق الغاية المطلوبة.
لكنّ المراقبين سألوا: هل هذه هي الصورة الحقيقية؟ وهل ما رآه الناس في الاعلام تختلف عنه الكواليس وواقع الامور؟ وهل ما تصرّح به القوى السياسية تفعل عكسه وراء الابواب الموصدة؟ الأرجح هو كذلك، ولكن يفترض الانتظار من اجل امتحان ما اذا كانت الامور ستذهب الى خواتيمها بتشكيل حكومة كما يريدها رئيسها ويرددها في استمرار، وقد كررها أمس في القصر الجمهوري، مؤكداً انه يريد حكومة متجانسة تستطيع ان تعمل بعضها مع بعض لإنقاذ لبنان.
وقالت مصادر متابعة لـ”الجمهورية” انّ التأليف في حد ذاته يشكل الامتحان الاساس لأنه، اذا كان سهلاً وسلساً وتمّ تسهيل هذه النقلة بلا عوائق او مطبّات او ألغام وشروط متبادلة و”فيتوات” وتَمَسّك هذا الفريق بهذه الحقيبة مقابل تَمسّك ذاك بتلك، إذا لم يحصل كل هذا فإنّ لبنان يكون قد دخل فعلاً في مرحلة جديدة، واّن حكومة مصطفى اديب العتيدة ستكون قادرة على مواجهة الازمة المالية ما سيعني انّ التدخّل الفرنسي قد أدى وظيفته وحقق اهدافه بنقل لبنان من حال التأزم الى مرحلة بداية مواجهة هذه الازمة. امّا في حال لم يحصل التشكيل، فيجب عندئذ انتظار تدخل فرنسي لمواجهة العراقيل التي يمكن ان تعترض الرئيس المكلف، والذي هدّد، وفق ما نقل عنه، بأنه لن يواصل مساعيه في حال لمس ايّ تدخّل في عمله بما يَتنافى ويتعارض مع الهدف الذي قَبِلَ على أساسه التكليف لمواجهة هذه الازمة المستعصية، ولا شك انّ الدعم الفرنسي يُمكّنه من إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري. ولكن حتى اللحظة لا يمكن التنبؤ بأي شيء، والوقائع على الارض ستكون كفيلة بإظهار ما اذا كان ما التزمته القوى السياسية ستقف عنده ام سيحصل العكس. وفي مطلق الحالات فإنّ الرأي العام اللبناني ينتظر، لأنّ لبنان دخل فعلاً مع المبادرة الفرنسية في مرحلة جديدة هي مرحلة التهدئة النسبية، الّا أنّ كل ذلك يبقى مرهوناً بمدى قدرة الرئيس المكلف على الاسراع في تشكيل حكومته والمضي قدماً في الخطوات الاصلاحية التي لم تتمكن حكومة سلفه من إنجازها.
بدأ الرئيس المكلف أمس العمل على تأليف حكومته ضمن مهلة الاسبوعين التي حددتها المبادرة الفرنسية لحل الازمة اللبنانية، وذلك في ضوء نتائج استشاراته النيابية غير الملزمة، والتي بدأ يستتبعها باستشارات سياسية وذلك بعد زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عصر أمس، والتي أطلعه خلالها على نتائج الاستشارات التي أجراها في عين التينة.
وعلمت “الجمهورية” انّ البحث يركّز على حجم الحكومة وتوزيعة الحقائب الوزارية، والذي يتجاذبه اقتراحان: الأول أن تتكوّن من 14 وزيراً، والثاني ان تتألف من 24، حتى اذا أنجز الاتفاق على الحجم وتوزيع الحقائب يتم بعدها اختيار الاسماء وإسقاطها على الحقائب، وتكون الحكومة تكنوسياسية او حكومة اختصاصيين مدعومة سياسياً، علماً انّ ماكرون كان قد دعا في لقاءاته في قصر بعبدا وقصر الصنوبر الى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وفي المعلومات انّ اديب هو على تنسيق دائم مع الرئيس سعد الحريري في شأن التشكيلة الوزارية، في وقت علم انّ لقاء عقد أمس بعيداً عن الاضواء بين “الخليلين” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، كانت الغاية منه تنسيق المواقف والاتفاق على مقاربة موحدة في شأن حجم الحكومة العتيدة والتمثيل وتوزيع الحقائب الوزارية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” أنّ اللقاء الأول بين عون وأديب خُصّص للبحث في حصيلة الإستشارات غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية، وأطلعه بالتفصيل على مضمون ما نُشر منها أو تسرّب الى وسائل الاعلام وما لم ينشر او يتسرّب.
وعلمت “الجمهورية” انّ اديب أبلغ الى عون انّ معظم الكتل لم تضع اي شروط خاصة حول الحقائب الوزارية وتوزيعتها، كما كان يحصل عادة وما كان يسمعه من قبل عن هذا الامر. ولفت الى انّ معظم الذين استشارهم ركّزوا على اهمية ان تكون حكومة متجانسة تعمل كفريق عمل واحد، قياساً على ما هو مطلوب منها من قرارات وصفت بأنها استثنائية وصعبة لمواجهة ترددات القضايا الكبرى، خصوصاً انها مطلوبة بسرعة قياسية ووفق المهل التي حددتها المبادرة الفرنسية، سواء لجهة تشكيل الحكومة او لجهة البَت بالاصلاحات المطلوبة في اكثر من حقيبة وقطاع حيوي.
وقالت هذه المصادر انّ رئيس الجمهورية عَبّر عن رغبته في ان يكون لكل وزير حقيبة، وهو ما سيدفع الى تشكيلة حكومية من 18 وزيراً على الأقل، ويمكن ان تتوسّع لتكون 22 او 24، لأنه يعتبر انّ تكليف اي شخص بأكثر من حقيبة كما يتردد ليس مفيداً في هذه المرحلة بالذات، فهناك حقائب تحتاج الى عمل مُضن قياساً على ما هو مطلوب من جهد إضافي واستثنائي لتحقيق أي نقلة نوعية لم تتحقق الى اليوم في الحكومات السابقة.
ولفتت المصادر الى انّ اديب ركّز، وفق رؤيته، على اهمية ان تكون حكومة مصغرة لا تتجاوز الـ 18 وزيراً اذا كان متعذراً ان تكون اصغر من ذلك، فلا تنتقص من ضرورة تمثيل مختلف الطوائف والمذاهب في لبنان.
وعلى هذه الخلفيات، أكدت المصادر انّ اللقاء انتهى الى اتفاق على استمرار التواصل في المحطات المهمة، وخصوصاً عند حصول اي تطور. فالجهود يجب ان تنصَبّ على ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة ضمن المهل المحددة، وان انتهت المهمة قبل الموعد المحدد لها فسيكون الوضع افضل بكثير.
ولفتت المصادر الى انّ عون عَبّر عن ارتياحه الى نتيجة اللقاء الأول مع اديب، وهو ما يسهّل الدخول الى هذه المرحلة الجديدة بثقة.
وقال أديب بعد زيارته عون انه أطلعه على أجواء الاستشارات النيابية التي اجراها أمس الاول مع الكتل النيابية والنواب، “ولمستُ من الجميع التعاون والرغبة في تسريع تشكيل الحكومة العتيدة من اجل مواجهة التحديات الداهمة، وخصوصاً تداعيات انفجار مرفأ بيروت والبدء بتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية”. وأضاف: “إقتناعي ورغبتي هما في ان يتشَكّل فريق عمل متجانس وحكومة أخصائيين تسعى للعمل بسرعة وبنحو عاجل لوضع الإصلاحات موضع التنفيذ. واتفقتُ مع فخامة الرئيس على ان نبقى على تواصل، وإن شاء الله نوفّق في تشكيل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن”.
وعمّا اذا كان يرغب في أن تكون الحكومة كلها من الاخصائيين، قال: “الهدف هو ان يكون هناك فريق عمل متجانس يعمل في أسرع وقت ممكن لتنفيذ الإصلاحات”.
وفي المواقف أكدت كتلة “الوفاء للمقاومة”، بعد اجتماعها امس برئاسة رئيسها النائب محمد رعد، أنها “تتابع باهتمام أوضاع البلاد والجهود والمبادرات المشكورة والآيلة إلى استنهاضها، ولا سيما منها مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون. وقالت: “في ضوء التزامها وحرصها على السيادة الوطنية، تتعاطى الكتلة إيجاباً مع المبادرات من الأشقاء أو الأصدقاء بهدف مساعدة لبنان لتحقيق الإصلاحات وإنجاز المشاريع التنموية، وفق ما يحفظ استقلالنا ويصون كرامة شعبنا وروحه الوطنية”. ودعت الى “تسهيل أمر تأليف الحكومة الجديدة من أجل أن تتصدّى للمهمات الوطنية الملحّة والطارئة، وتدير شؤون البلاد، وتعالج المشكلات والأزمات الناجمة من جائحة كورونا ومن حادثة الانفجار في مرفأ بيروت، فضلاً عمّا يتطلّبه استقرار النظام العام من تطبيق للقوانين ومكافحة للفساد واعتماد الإجراءات التي تصوّب الوضع النقدي والمالي والاقتصادي، وإنجاز الإصلاحات وتطوير أداء مؤسسات الدولة كافّة، والاستجابة لمتطلبات ومطالب شعبنا في العيش المستقرّ والكريم”.
الى ذلك، كشف مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، الموجود في لبنان منذ الاربعاء، انّ عقوبات قانون “ماغنتسكي” ستُفرض قريباً على شخصيات لبنانية. وكرر القول، في حديث تلفزيوني، انّ “الولايات المتحدة لا تقدم المساعدات للحكومة مباشرةً لأننا لا نريد أن يقع ذلك في أيدي “حزب الله”.
وعن العقوبات قال شينكر: “تتم مراجعة هذه الحزم من قبل المحامين في كل نواحي حكومة الولايات المتحدة، وبسبب هذا المستوى أو الدقة في هذه الحزم يُنظر إليها على أنها ذات صدقية عالية في كل أنحاء العالم. لكنّ الجانب السلبي لذلك هو أنها تستغرق وقتاً طويلاً لإنتاجها، وأحياناً تحتاج إلى مستشارين خارجيين”. وكشف أنّ الولايات المتحدة تريد بشدة مساعدة الناس في لبنان “ونحن نفعل ذلك كل يوم من خلال المساعدة الإنسانية”، مشيراً في الوقت عينه الى أنّ الاميركيين “يريدون مساعدة الحكومة اللبنانية أيضاً، لكن ذلك لا يمكن إلا إذا ساعدت الحكومة نفسها”.
من جهة ثانية، بدأ أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين زيارة للبنان أمس، موفداً شخصياً لقداسة البابا فرنسيس. وعلمت “الجمهورية” أنه يحمل رسالة خاصة من قداسته ينقل فيها بركته ومحبته للبنان وشعبه وإعلان تضامنه الكلي مع اللبنانيين بكل الوجوه الانسانية، كما بالنسبة الى التعبيرعن موقفه من الوضع في لبنان والتطورات في المنطقة، واضعاً إمكاناته في تصرف اللبنانيين.
وخلال لقاء جَمعهُ ببعض رجال الدين المسلمين والمسيحيين في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، قال بارولين انّ “لبنان ليس لوحده، ونحن نقف الى جانبكم بصمت وبتضامن لِنعبّر عن محبتنا لكم”. وشدّد على “عدم ترك لبنان وحيداً، لبنان في حاجة الى العالم، لكنّ العالم يحتاج الى خبرة لبنان الفريدة والتضامن والحرية التي يمثّلهما، ومعاً سنعيد بناء بيروت”.
وسيلتقي بارولين رئيس الجمهورية عند العاشرة قبل ظهر اليوم.
على صعيد التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، إستمع أمس المحقّق العدلي فادي صوان الى إفادة رئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب في السرايا الحكومية، على ان يستمع الاسبوع المقبل الى وزراء الاشغال والداخلية والعدل السابقين الذين وصلتهم تحذيرات في شأن مادة نيترات الأمونيوم التي كانت سبب الانفجار.
الى ذلك، وفي بارقة أمل، استشعَرت فرق الإنقاذ بحركة تحت الأنقاض في منطقة مار مخايل، وطلبت من المواطنين التزام الصمت في المكان لتحديد مصدر الحركة، وذلك بعد أن أعطى الكلب المرافق لفريق الانقاذ التشيلي إشارة الى إمكانية وجود شخص على قيد الحياة.
وأفاد محافظ بيروت مروان عبود أنّ كلباً من فرقة الإنقاذ التشيلية أعطى اشارة عن وجود جثة أو جثتين تحت احد المباني المهدّمة في مار مخايل، وبحسب الفرقة وخلال عملية البحث، استطاع أحد الكلاب المدرّبة، والمُشارِكة في رفع الأنقاض، تَحَسّس واكتشاف وجود ضحايا عبر حاسة الشمّ، ما استدعى استقدام آلة “سكانر” مخصّصة للكشف على الضحايا.
وكشف عنصر من فريق الانقاذ والبحث أنّ الكاميرا الحرارية كشفت عن وجود 19 نفساً في الدقيقة، وشخص صغير من المرجّح أن يكون طفلاً، والحفر يجري بحذر على 3 أمتار (3 طبقات) لكي لا تقع الجدران أو أيّ من الطبقات.
Diana Ghostine