يعيش اللبنانيّ في دولة لا تشبه الدولة بشيء، ينتظر المساعدات الخارجيّة ليتمكن من العيش كل يوم بيومه، ينتظر الإستشارات الخارجيّة لتتشكل حكومة بلاده، واذا كان مقربا من الخارج يُدعى “عميل السفارات” في حين دولته تعمل لإرضاء تلك السفارات وبلدانها على حساب السيادة.
عندما تنفجر العاصمة بـ”نيترات الامونيوم” وتقتل المنظومة الحاكمة مواطنيها وتراثها، هل ينتظر اللبناني الإغاثة من قاتله؟.. مع العلم ان جميع السيّاسيين يطبقون مقولة “بيقتل القتيل وبيمشي بجنازتو” وهم يفعلون ذلك من أكثر من ثلاثة عقود.. حتى أن المساعدة بالبحث عن الضحايا تحت الانقاض أيضا من صنع الخارج.
جو عقيقي، مثل العديد من الضحايا، كان بإمكانه الخروج حيّا من تحت الردم لو أسرعت، عفوا، لو عملت الدولة على التفتيش بطريقة متواصلة ودقيقة وعلمية.
اليوم يتكرر المشهد أمام أعيننا وفريق الإغاثة التشيلي يكشف نبضات قلب قد يرى النور مجددا.
في جولة في المكان الذي يتم فيه البحث تضاربت المعلومات، فهناك من يؤكد وجود حياة تحت الأنقاض، وهناك من يظن ان الحياة وبعد فترة شهر لا أمل بان تستمر في هكذا ظروف،
الا ان الامل يبقى رفيق اللبناني ولو كان بصيصا صغيرا، فأي نبض حيّ لا يعيد صاحبه او صاحبته فقط للحياة، بل مدينة وشعب بأكمله. لكن ليس بالأمل وحده يحيا الإنسان.
في انتظار اي خبر من تحت الأنقاض، هناك شاب على طرف الشارع في ربيعه الثالث والعشرين يراقب ويتمنى ان ينتشل القلب النابض بين الانقاض حيا، يقول ان انفجار المرفأ اصابه بالصميم، والده في غيبوبة، أخوته وأمه جرحى وما من معيل للعائلة، الحالة النفسية أسوأ بكثير من الحالة الأقتصادية، الصدمة لا تنتسى حتى بعد عشرات السنوات، لم تترك السلطة مجالا للشفاء والتقدم.
في المكان عجقة ووجع وناس، وفيه ايضا غياب تام لاي نائب او سياسي، اترى هم لا يعرفون الوجع ولا انواع الأحاسيس بشكل عام فيما هناك متطوعون يقطعون محيطات وبحورا وقارات لمساعدة لبنان الذي شبابه اما في المطار مغادرا واما على الطرقات متطوعا للمساعدة.
السؤال الاهم إلى متى سنبقى نتكل على الخارج، مضى شهر على انفجار بيروت ولم يُحاسب أحد حتى الساعة ومقولة التحقيق يأخذ مجراه مستمرة وقد تستمر الى ما لا نهاية.
اين الاحزاب؟ اين التيارات؟ اين جمعيات السياسيين وزوجاتهم؟ ولماذا فقط الكتلة الوطنية على سبيل المثال فتحت بيتها المتضرر اساسا بالانفجار للمتضررين جسديا ونفسيا وتعمل يدا بيد مع الشباب لاعادة اعمار بيروت؟ هل شاخت احزابنا وهرمت ونحتاج الى نفضة؟.. ربما وربما نحتاج الى انتفاضة على منظومة حاكمة لا تأبه لا بحياتنا ولا بمستقبلنا.
من يرى الدمار واعمال الإغاثة على الأرض ومن يقوم بها، يسخر من اي سياسي يكتفي بالتغريد او الكتابة على مواقع التواصل الإجتماعي في دفء قصره فيما الناس باتت بلا منازل.