في الخطاب السنوي المركزي الذي ألقاه الرئیس نبیه بري قبل أیام في ذكرى تغییب الإمام موسى الصدر، وردت إشارة صریحة الى ضرورة قیام مجلس للشیوخ بموازاة مجلس نیابي خارج عن القید الطائفي، وعلى أساس النسبیة ولبنان دائرة واحدة أو محافظات كبرى... وفي الورقة الإصلاحیة السیاسیة التي قدمھا الحزب الاشتراكي ولید جنبلاط الى الرئیس الفرنسي إیمانویل ماكرون في لقاء قصر الصنوبر، وردت إشارة رئیسیة الى "إنشاء مجلس شیوخ یحفظ حقوق الأقلیات وإقرار قانون انتخابات جدید خارج القید الطائفي".
واضح الإنسجام والتناغم بین بري وجنبلاط وأنھما على "موجة سیاسیة واحدة" في ما خص مجلس الشیوخ وقانون الانتخابات الجدید... جنبلاط یطمح الى أن یكون یوما ما الرئیس الرابع في تراتبیة الحكم، أن یختم حیاته السیاسیة بتولي رئاسة مجلس الشیوخ الذي یرى أن رئاسته ُخصصت للطائفة الدرزیة في سیاق التوزیع الطائفي للرئاسات والمناصب الكبرى، والرئیس بري أعطى جنبلاط ذات یوم وعدا بإنشاء مجلس الشیوخ لیكون بمثابة "ھدیة العمر" له.
ولكن ثمة عقبات أمام قیام مجلس الشیوخ والأمر یتطلب نقاشات وتسویات. فمن جھة یعترض الروم الأرثوذكس على
إسناد رئاسة مجلس الشیوخ الى "الدروز" ویرون أنھم الأحق بذلك، إستناداً الى أنھم الطائفة الرابعة في الحجم والعدد،
ویساندھم في ذلك موقف مسیحي عام یرى أن الرئاسات الأربعة (في حال أضیفت رئاسة مجلس الشیوخ) یجب أن تتوزع مناصفة بین المسیحیین (رئاسة الجمھوریة ورئاسة مجلس الشیوخ) والمسلمین (رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة)، على أن یُسند الى الدروز منصب نائب رئیس الجمھوریة الذي یُستحدث في سیاق التغییرات المقبلة في بنیة النظام... ومن جھة ثانیة ھناك داخل الطائفة الشیعیة من یبدي حذرا وتحفظا على قیام مجلس للشیوخ سیقتطع جزءا من صلاحیات وسلطة مجلس النواب، خصوصا إذا أعطي صلاحيات "مطاطة" تشمل القضایا المصیریة الكبرى وكل ما یتعلق بأوضاع ُوخصوصیات الطوائف.
یُعتبر مجلس الشیوخ من المؤسسات الجوھریة في الأنظمة الدستوریة وقد أثبت أنه ضرورة دیمقراطیة وعامل
إستقرار وتوازن لحسن سیر المؤسسات الدستوریة، ولا سیما لجھة تمثیل مكّونات المجتمع الوطني وتعزیز مبدأ فصل
ألغي سریعا ُودمج ُ السلطات وإقامة نظام سیاسي متوازن. وشھد لبنان إنشاء مجلس شیوخ في دستور العام ١٩٢٦ إلا أنه
أعضاؤه مع أعضاء مجلس النواب. وفي العام ١٩٨٩ نصت وثیقة الوفاق الوطني "الطائف" على انتخاب مجلس نیابي على أساس لاطائفي وعلى أن یُستحدث مجلس للشیوخ تتمثل فیه جمیع العائلات الروحیة وتنحصر صلاحیاتھ في القضایا المصیریة. وبعد مرور ثلاثین عاما على ھذا النص، وبالرغم من إجراء ست دورات إنتخابیة منذ ذلك الحین، لا یزال القانون الدستوري القاضي بإنشاء مجلس للشیوخ غیر مطبّق. وبھدف تطبیق أحكام الدستور وبالتالي تطویر النظام السیاسي اللبناني والحد من الأزمات السیاسیة والدستوریة، أرفقت كتلة التحریر والتنمیة إقتراح قانون الانتخابات النیابیة باقتراح القانون الدستوري لإنشاء مجلس للشیوخ، ویتألف من ستة وأربعین عضوا تكون مدة ولایتھم ست سنوات، یُنتخبون على أساس النظام النسبي، ویكون الإقتراع عاما وسریا وفي دورة واحدة. ویعتمد لبنان دائرة انتخابیة واحدة، وتتوزع المقاعد مناصفة بین المسلمین والمسیحیین، على أن یُحدد عدد مقاعد مجلس الشیوخ وتوزیعھا تبعا للمحافظات والمذاھب: بیروت ٩ أعضاء (٢ سنة، عضو شیعي، عضو ماروني، أرثوذكس، أرمن أرثوذكس، أرمن كاثولیك، إنجیلي وأقلیات)، جبل لبنان ١٣ عضوا (٣ دروز، ٦ موارنة، و٤ مقاعد لسني وشیعي وأرثوذكس وكاثولیك)،
الجنوب ٨ أعضاء (٥ شیعة، عضو سني وآخر كاثولیك)، الشمال ١٠ أعضاء (٤ سنة، عضو علوي و٣ موارنة، ٢ أرثوذكس)، البقاع ٦ مقاعد (عضو سني و٢ شیعة، و٣ أعضاء لدرزي وماروني وكاثولیك)، فیكون التوزیع طائفیا على الشكل التالي: ٩ سنة و٩ شیعة، ٤ دروز وواحد علوي، ١٢ موارنة و٤ أرثوذكس، ٣ كاثولیك و٤ أرثوذكس)، البقاع ٦ مقاعد (عضو سني و٢ شیعة، و٣ أعضاء لدرزي وماروني وكاثولیك)، ٣ كاثولیك و٤ أعضاء لكل من أرمن
أرثوذكس وأرمن كاثولیك وإنجیلي وأقلیات.
.