بالرغم من الإهتمام الذي أعطاه اللبنانيون لجلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإصدار الحكم بقضية إستشهاد الرئيس رفيق الحريري، إلاّ أن ذلك لم يُقلّل من متابعة نتائج وخلفيات زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد يومين فقط على التفجير – النكبة، وما تبعها من تحليلات وتوقعات وتمنيات حول مستقبل هذا البلد الصغير بالمساحة (الكبير في التسميات والتأثير السياسي طالما أنه شكّل دائماً مفترق طرق دولي).
الملاحظ أن بعض التحليلات والتمنيات تركزت حول نجاح التدخل الدولي الطارئ في إنهاء دور المقاومة في لبنان، فيما ذهبت التوقعات إلى حد أن يستعيد اللبنانيون مشهد قصف البارجة (الفرقاطة) الأسرائيلية ساعر 5 على هامش حرب تموز 2006 التي خرج منها العدو الاسرائيلي يجر أذيال الخيبة!
ففي حين صعّد ماكرون من لهجته تجاه ألأداء السيء للمسؤولين في لبنان، سارع إلى إستدعاء حاملة المروحيات “تونيير” إلى الشواطئ اللبنانية، ولاقته في حماسته الحكومة البريطانية التي قررت فوراً إرسال إحدى سفنها الحربية إلى المياه الأقليمية اللبنانية (ربما كي لا تتركه يقرر مستقبل المنطقة وحيداً، وهي السياسة المعتمدة من قبل لندن منذ أيام الأنتداب). بينما حط وبشكل أسرع من المتوقع في بيروت الحزينة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دايفيد هيل مطمئناً إلى أن بوارجه وحاملات طائراته غير بعيدة عنه، ليصّر على التأكيد من نقطة التفجير في مرفأ بيروت وبشكل خارج عن المألوف، على ضرورة سيطرة الدولة اللبنانية على الحدود والمواقع الرسمية. وقال: “لن نسمح بعودة الفوضى على حدود لبنان البرية والبحرية ولا يمكن العودة لعصر كان يحدث فيه اي شيء على حدود لبنان ومرافئه”، الأمر الذي دفع بالمراقبين إلى التساؤل: هل كان تفجير بيروت مقدمة لضبط الحدود التي شغل وضعها مؤخراً وبشكل لافت جداً وسائل الأعلام المكشوفة التمويل؟
على الجهة المقابلة توقف المتابعون باهتمام عند ما أورده أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أحدث إطلالاته من أنه سيرد “التحية باحسن منها” للعدو الاسرائيلي في حال ثَبُت تورطه في تفجير بيروت من زاوية تنفيذ “قواعد الأشتباك” التي يتبناها الحزب، بحيث عادت ذاكرة اللبنانيين عقداً ونصف إلى الوراء مستعيدة مشهد البارجة (الفرقاطة) الاسرائيلية “ساعر” 5 عبر مشاهد تلفزيونية مباشرة، الأمر الذي صدم المؤسسة العسكرية للعدو وما تزال تداعياته تتردد حتى اليوم. وبالتالي ما الذي يمنع المقاومة من استهداف إحدى البوارج العسكرية الغربية وبخاصة إذا إتضح أنها تحمل “قوات خاصة جداً” بهدف النيل من رأسها كما جاء في بعض التحليلات والتوقعات في صحفٍ غربية، بعدما فشلت اسرائيل في تحقيق أحلامها بهذا الخصوص. وعندها ما الذي يمنع تلك البوارج والقوات الخاصة من إلغاء مهمتها وهي التي عودت اللبنانيين على الإنكفاء فور وصول النار إلى أذيال ثوبها كما حصل في العام 1983 بعد تفجيري مقري المارينز والقوات الفرنسية في العاصمة اللبنانية؟.
رفوف المكتبات تُذكر دائماً بأن التاريخ يعيد نفسه. فهل سيستعيد اللبنانيون مشهد ساعر 5 على الشواطئ اللبنانية؟.