إختلفت الآراء بين المراقبين في لبنان حول توصيف أحد جوانب المشهد السياسي الذي إستجد على ضوء التفجير – النكبة في العاصمة وحوّلها إلى أشلاء، بين أنه كان سوريالياً (فوق الواقع)، أو سوء القراءة لما تصرّف به بعض السياسيين إزاء الاستقالات التي تم التحريض عليها من جهات حزبية وإعلامية محددة، ونفذها آخرون بـ ″فشة خلق″، ليتراجع أصحاب الدعوات عن موقفهم فبدا الآخرون وكأنهم وقعوا في فخ نُصِب لهم، وبخاصة إذا ما آلت تلك المراكز إلى من نَصبَ لهم الشرك. في وقت ذهب فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى وصف الخطوة بـ″المؤامرة″.
رئيس الحزب التقدمي الأشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط “رعد وأزبد” ليبادر أحد نواب كتلة حزبه مروان حماده إلى إعلان إستقالته التي تبين أنها مشروطة وغير قابلة للصرف، ولكن الرئيس بري حزم أمرها. وتبعه زميله هنري حلو الذي “قَرِف” العمل السياسي. وتلتهما وزيرة الأعلام منال عبد الصمد التي تتفيأ بمظلة جنبلاط، مع التذكير أنها قد إستبعدت قبل يومين أي توجه للاستقالة. ليتوقف سيل “سيد المختارة” عند هذا الحد، لأنه ضرب أخماساً بأسداس من أن يحل محل كتلته خصومه السياسيين الذين ينتظرونه على الكوع.
أما رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري الحريص على عدم الخسارة أكثر من رصيده النيابي قد إستحدث خطوطاً حول الأستقالة الجماعية باتجاه المختارة ومعراب لتفاجئه إحدى عضوات تياره النائبة ديما جمالي بطلب استقالتها، ولكنها بقيت شفهية بعد فضح أهدافها من قبل مجموعة بيت الوسط.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي أوقع حزب الكتائب في الفخ الذي نصبه له عبر تشجيع الشارع المسيحي على السير بإستقالة جماعية، وفي قرارة نفسه سهولة ضم مقاعدهم إلى كتلته. حاول التذاكي على تيار المستقبل والحزب التقدمي الأشتراكي فأوقعاه في ورطة لن يستطيع الخروج منها في وقت قريب. فعندما أيقن أنه خُدع طلب من النواب سحب استقالاتهم حتى “لا يجي الزعران محلهم”، فلم يلق طلبه الصدى المطلوب، فالنائب ميشال معوض أكمل خطوته، والنائبة بولا يعقوبيان رفضت سحب استقالتها معتبرة إياها شرفاً لها، فأعتقد عندها أن المَخرَج الذي قد ينقذه من “الدعسة الناقصة” هو عدم المشاركة في الجلسة المستجدة لمجلس النواب، الاّ انه ظهر وحيداً يفتش عن مجد ضائع.
بعض المستقيلين حاول ” لحس توقيعه” كما حصل مع مروان حماده عبر زميله بلال عبدالله، أو إظهار “الشطارة” كالنائبة ديما جمالي التي اعلنت الاستقالة ولم تقدمها خطياً، فيما “أكل آخرون الضرب” كحزب الكتائب الذي خرج نهائياً من السلطة التشريعية. أما “التذاكي الخارق” لعدم إكمال الاستقالات فكان “بطلب فرنسي” وفق منظومة سياسيين في لبنان يبتدعون دائماً المبررات التي تخدم تكويعاتهم.