بينما كانت بيروت تلملم آثار نكبة الرابع من شهر آب 2020 التي ستدخل برقم متقدم تاريخ التفجيرات التي هزّت العالم، سارعت العديد من العواصم مشكورة إلى تقديم ما يلزم من مساعدات إنسانية أو عينية، في حين كانت المفاجأة الصادمة بما تصرفته أعظم دولة في العالم (الولايات المتحدة الأميركية) ورئيسها دونالد ترامب، حيث ظهرت كأنها تابعة وليست رائدة كما تدّعي في قراراتها ودفاعها عن حقوق الإنسان!
فبينما كانت العاصمة اللبنانية بكل ما فيها من سياسيين وأعلاميين ووسائل تواصل إجتماعي تفتش عن حقيقة التفجير – النكبة بين أنه محض صدفة وإهمال، أو قصف صاروخي من قبل الطائرات الأسرائيلية المعادية، أو ما بينهما. أطل الرئيس “الكاوبوي” ليؤكد استناداً إلى جنرالاته أن ما حصل كان نتيجة “هجوم”، ليتلاقى بذلك عما تردد عن رئيس وزراء العدو بنيامين نتياهو وآلته العسكرية ومنظومته الإعلامية بأن ما حصل كان استهدافاً لاسلحة تابعة لحزب الله.
ولكن اسرائيل وقادتها سحبوا تصريحاتهم عبر وكالات الأخبار العالمية ونفوا مسؤوليتهم، فيما استمرت أميركا في التخبط وتضارب المعلومات بين البيت الأبيض والبنتاغون، إلى أن تسرّب عن كبار مسؤوليها القول: “أن المساعدات الأميركية لن تكون من دون شروط”!:
فيا “حضرة العم سام”، هل من يريد أن يقدم مساعدات إنسانية في أحوال كارثية يضع شروطاً؟ فأي مفهوم لحقوق الإنسان تعملون عليه باعتباركم حماة للحرية والعدالة الإنسانية، وانتم الذين أعطيتم العدو الأسرائيلي صك براءة على إبتلاع فلسطين ومجازر ديرياسين وقانا وصبرا وشاتيلا… واللائحة تطول؟
ويا “حضرة العم سام”، هل من يريد أن يقدّم مساعدات إنسانية في أحوال كارثية يضع شروطاً عسكرية وسياسية تكون بمثابة حبل مشنقة على رقبة من لا ينفذ رغباتكم المرتبطة بعدو لم يحترم يوماً الإنسانية أو الطفولة في حروبه ولا خطّط لأي سلام بل همه الوصول إلى شراذم طائفية ومذهبية لشعوب المنطقة ليحولها إلى دويلات وقبائل متصارعة إلى ما شاء الله.
بالأمس وجه اللبنانيون التحية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على زيارته لبيروت، مع علمهم أنه لم يفعل ذلك الاّ تنسيقاً مع المرجع الأميركي وحلفائه! ولذلك سيبقى خوفهم قائماً من النتائج النهائية، لأن “الكاوبوي” سيتصرف بعجرفة وصلف ساعة يرى أن مصلحة اسرائيل قد لا تكون في طليعة الأهتمامات الدولية. ومن يتابع قضايا النفط والغاز المتوسطي والحدود يلمس ذلك لمس اليقين؟.