تحقيقات في باريس وقبرص.. وتجميد حسابات وتوقيفات.. وجرحى باحتجاجات ليلاً”، كتبت صحيفة اللواء في افتتاحيتها:
عود على بدء في 1 أيلول، ذكرى مرور قرن كامل على ولادة لبنان الكبير: سيكون الرئيس ايمانويل ماكرون في بيروت، للاحتفال بالحدث التاريخي الكبير مع اللبنانيين.
هذا الالتزام اعلنه ماكرون بعد ساعات ثماني أمضاها في بيروت المنكوبة، وفي قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية، حيث كشف الرئيس الفرنسي عن حرص قوي تجاه البلد، مجدداً الالتزام الفرنسي والأوروبي، للبنان كوطن قابل للحياة، وعلى سياسييه، الذين التقى رؤساء كتلهم البرلمانية، ولكن ليس على قاعدة شك على بياض، على خلفية ما قاله الرئيس الفرنسي من ربط المساعدات وتنظيم مؤتمر دولي لاعادة اعمار لبنان وعاصمته ومرفأه، بولادة عقد سياسي جديد، قوامه الشفافية والاصلاحات.
وقال الضيف الكبير، كنت صريحاً مع كل القيادات، وأنتظر إجابات واضحة حول الاصلاحات، ومواضيع أخرى، وسأعود في الاول من ايلول ليس فقط من اجل لبنان الكبير، ولكن من اجل تقييم ما حصل في المساعدات.
وصل الرئيس الفرنسي على خلفية «بحبك يا لبنان» ليمضي وقتاً ثميناً بين اجتماعات رسمية، وتفقد مكان الانفجار، فضلاً عن لقاء الأهالي في الجميزة، والأحياء المتضررة، والتقى الرئيس ميشال عون الذي استقبله في مطار رفيق الحريري الدولي.
وعقب اللقاء قال ماكرون: «اذا لم تنفذ اصلاحات فسيظل لبنان يعاني».
مضيفاً: «المطلوب هنا ايضاً هو تغيير سياسي، ينبغي ان يكون هذا الانفجار بداية لعهد جديد».
وجاب ماكرون موقع الانفجار وهو يرتدي ربطة عنق سوداء تعبيراً عن الحداد، وزار كذلك عدداً من شوارع بيروت المتضررة حيث طالبته حشود غاضبة بوضع نهاية «لنظام» الساسة اللبنانيين الذين يلقون عليهم باللوم في الفساد وجر البلاد الى كارثة، وقال «انا هنا لأقترح عليهم ميثاقاً سياسياً جديداً».
وقال الرئيس الفرنسي لمجموعة من الناس «أرى ما تشعرون به على وجوهكم، الحزن والالم، لهذا أنا هنا».
وقال له رجل في الشارع «نأمل ان تذهب هذه المساعدات الى الشعب اللبناني وليس الى الزعماء الفاسدين». وقال اخر انه «بينما خصص الرئيس الفرنسي وقتاً لزيارتهم فان رئيس لبنان لم يفعل».
وسط تزايد الغضب الشعبي، تجاه السلطات التي سمحت بتخزين كمية هائلة من مواد شديدة الانفجار لسنوات ف أوضاع غير آمنة في مخزن بالمرفأ.
واستقبل ماكرون بهتافات «الشعب يريد إسقاط النظام» وساعدو هاتفا «ثورة ثورة..| ورد على الهتافات: ان مضطر للجلوس معهم، سأقول لهم الحقيقة وسأسلهم عمّا فعلوه، وتابع: «اتفهم غضبكم، لسنا هنا للتغطية على النظام، يا لفضيحتكم».
وكشف ماكرون ان بلاده ستتعاون مع البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لمساعدة لبنان، مضيفا ان فرنسا ستعمل على تنظيم مؤتمر لمساعدة لبنان في الأيام المقبلة.
وطالب الرئيس الفرنسي في ختام زيارته إلى بيروت بإجراء «تحقيق دولي» حول انفجار مرفأ بيروت.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي «يجب إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الامور أولاً ولمنع التشكيك». وردا على سؤال لصحافي فرنسي حول فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون الإصلاحات، قال «لا أستبعد شيئا»، مضيفا «في بعض الظروف، العقوبات ليست الأكثر نجاعة، اعتقد أن الحل الأنجع هو إعادة إدخال الجميع في آلية»حل الأزمة».
وقالت مصادر مطلعة لبنانية لـ «اللواء» ان الرئيس الفرنسي أكّد ضرورة قيام اتفاق بين اللبنانيين مشددا على «الوحدة» وأن كانت هناك ملحظات في الماضي في الإمكان تجاوزها وقيام نوع من عقد توافقي على الأسس الجديدة.
ولفتت إلى ان الرئيس ماكرون أكّد ان مؤتمر سيدر قائم وينتظر الإصلاح مشيرة إلى ان الجانب اللبناني لم يذكر انه لا يريد الإصلاحات.
ونفت المصادر نفسها ان يكون ماكرون تناول أي حيث عن تغيير النظام أي ما يعرف بالـ «Regime» وكشفت ان الرئيس الفرنسي عرض للكثير من الأفكار وأن رئيس مجلس النواب نبيه برّي أوضح ان ماكرون كان صريحا جدا.
وأفادت ان الرئيس اللبناني والفرنسي سيتواصلان دائما لمتابعة ما دار من حديث بينهما.
وكان حديث كذلك عن انكاس الطائفية على النظام. وأكّد ماكرون على أهمية الدولة المدنية.
ولفتت إلى ان ماكرون أبدى استعداده لتقديم المساعدات وقال ان هناك وفدا فرنسيا متخصصا بعليات الانقاذ كما ان هناك أدوية ومستشفيات.
وأبلغ المجتمعين ان بلاده ستشارك في تقديم اقتراحات بعد رفع الأنقاض في مرفأ بيروت علما ان قسم المرفأ الذي هُدم هو القديم في حين ان الحاويات تسير في المرفأ الجديد.
ونفت المصادر ان يكون ماكرون تحدث عن لجنة تحقيق دولية في نكبة بيروت.
ومن المرتقب ان يزور الرئيس الفرنسي لبنان في أيلول المقبل لمناسبة إعلان دولة لبنان الكبير، وهو الذي عبّر عن سروره للقاء رئيس الجمهورية ومحبته لرؤية لبنان الفاعل والقادر.
وردا على سؤال لــ «اللواء» أكّد وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة ان الأولوية اليوم هي إيجاد علاج للمواطن اللبناني في الشارع.
والتقى ماكرون بعد جولة له فور وصوله في محيط مرفأ بيروت، رئيس الجمهورية ميشال عون في حضور رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة حسان دياب، وطلب من ماكرون توفير صور جوية عبر الاقمار الصناعية عن انفجار بيروت، فوعد الرئيس الفرنسي بتأمينها في اقرب وقت ممكن.
واعلن ماكرون من قصر بعبدا أن «لبنان يعاني أزمة اقتصادية ومالية منذ أعوام، ويتطلب حلها مبادرات سياسية قوية، وآمل ان تحصل التحقيقات بطريقة شفافة وتفسّر اسباب هذا الانفجار».
وأوضح ماكرون أنه «تكلم بصراحة وشفافية مع الرؤساء الثلاثة بضرورة مكافحة الفساد وتنفيذ الإصلاحات وضرورة إجراء تحقيق شفاف في ما يحصل بالنظام المصرفي وضرورة استمرار الحوار مع صندوق النقد الدولي.
وقبيل توجهه في الجولة التفقدية قال ماكرون: اضافة الى الانفجار الذي حصل، فإننا نعرف ان هناك ازمة كبيرة تقتضي مسؤولية تاريخية من قبل المسؤولين اللبنانيين، وهي ازمة سياسية واقتصادية ومعنوية ومالية ضحيتها الاولى الشعب اللبناني، تفرض ايجاد حلول على وجه السرعة.
ورداً على سؤال أوضح ان الأولوية الآن تكمن في دعم الشعب اللبناني من دون أي شرط. وهذا هو أساس الالتزام الذي تأخذه فرنسا على عاتقها منذ اشهر، لا بل منذ سنوات لاسيما لجهة دعم الإصلاحات في عدد من القطاعات ومنها الطاقة والأسواق المالية ومكافحة الفساد… اذا لم تحصل هذه الإجراءات سيواصل لبنان انحداره. هذا حوار آخر يجب ان يحصل، وأتمنى ان اقوم به اليوم أيضا».
وعلى الأرض في الجميزة التقى ماكرون المواطنين المتضررين واستمع إلى مطالب الناس، وأهمها: «لا تعطوا المساعدات إلى حكامنا الفاسدين»، وتوجهت شابة الى الرئيس الفرنسي وهي تبكي قائلة: «نحن نتكل عليكم ضعوهم في السجون»، على ما ظهر في الفيديوهات المتناقلة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وردّ ماكرون على مطالبة المواطنين بدعمهم ضد الطبقة السياسية بالقول: المساعدات الفرنسية غير مشروطة وسوف ننظم المساعدة الدولية كي تصل مباشرة الى الشعب اللبناني، وسوف اطلق مبادرة سياسية جديدة».
لكن يبدو ان اللقاء المهم الذي اجراه ماكرون كان في قصرالصنوبر مع رؤساء الاحزاب والكتل النيابية الكبرى في البرلمان وهم من ممثلي الطوائف الكبرى في البلد، سعدالحريري ووليد جنبلاط وتيمور جنبلاط ومحمد رعد وجبران باسيل وسليمان فرنجيه وطوني فرنجيه عن كتلة التكتل الوطني، وسمير عازار عن كتلة التنمية والتحرير، وسمير جعجع.
ورأت مصادر سياسية متابعة للزيارة انها مؤشر على فك الحصار الدولي على لبنان، وانها ما كانت لتحصل لولا وجود موافقة ورضى اميركيين عليها وعلى مضمونها، بينما اذا لم تحصل هذه الموافقة فيكون هناك افتراق سياسي حول لبنان بين باريس وواشنطن، لا سيما ان ماكرون التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، فيما واشنطن تمارس ضغوطها على لبنان عبر العقوبات السياسية والاقتصادية على حزب الله.
وبعد انتهاء اللقاء، أكد جنبلاط أن «كلام ماكرون واضح اذا لم تساعدوا انفسكم لن نساعدكم».وأنه بدأ بالامور البسيطة التي قالها وزير خارجيته، اي حلّوا قصة الكهرباء والمياه والامور الحياتية اهم من مناقشة السياسات الدولية والاقليمية، وكان واضحا ان لا ثقة للشعب بالطبقة السياسية».
جعجع رأى أنه «مجرد ان رئيس فرنسا ترك كل مشاكل بلاده ليأتي الى لبنان بهذا الظرف، هي خطوة كبيرة وقد قدموا مساعدات ويريدون تقديم سواها».
وردا على سؤال بشأن طرح تغيير النظام، قال جعجع: أن «المطلوب تغيير الممارسة قبل كل شيء».
من جهته، أوضح فرنجيه أن «ماكرون تحدث عن تغيير في الأسلوب وبيّن انه صديق حقيقي للبنان».
وعلمت «اللواء» ان الرئيس ماكرون خاطب القيادات السياسية والنيابية بوصفه صديقا للبنان، جاء ليقدم النصائح لمن التقاهم، داعيا لتوسيع التمثيل داخل حكومة جديدة، بحيث تضم فعاليات وتمثيلاً أوسع..
وقال: لا يمكن الاستمرار بالنهج نفسه، ولا بدّ من الاستماع إلى أصوات الشعب ومطالبه.
ومجمل الأوضاع يتطرق إليها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في اطلالته عند الخامسة والنصف من بعد ظهر اليوم.
والتقى ماكرون ايضا ممثلين عن بعض مجموعات المجتمع المدني واستمع منهم الى وجهة نظرهم من مختلف التطورات والاجراءات المطلوبة.
فرنسا تتوسع في التحقيق
وبالتوازي مع زيارة ماكرون، أعلنت النيابة العامة في فرنسا لوكالة «فرانس برس» أنها أضافت إلى التحقيق الذي فتحته بعد الانفجارين الذين هزّا العاصمة اللبنانية، جريمة القتل غير العمد بعد وفاة أحد مواطنيها.
وأعلنت وزيرة الثقافة الفرنسيّة روزلين باشلو، أنّ المهندس جان مارك بونفيس الذي عاش في لبنان حيث شارك خصوصاً في مشاريع ترميم مبان دمّرتها الحرب، هو بين الضحايا الفرنسيّين الذين لاقوا حتفهم في الانفجار الدموي الثلاثاء في بيروت.
وبعد تأكيد وفاة بونفيس، فتحت دائرة الحوادث الجماعية في نيابة باريس تحقيقا الاربعاء بشأن التسبب في «جروح غير متعمدة»، لكنه امتد الى «القتل غير المتعمد».
وتمكنت الدائرة انطلاقا من اختصاصها الذي يشمل وقائع حصلت في الخارج، من تحديد هويات مواطنين فرنسيين أصيبوا في الانفجار. كما أفاد التقرير الجديد للنيابة العامة بإصابة 40 فرنسيا على الأقل في هذا الحادث.
وفي نيقوسيا، أعلنت الشرطة القبرصية استجوابها روسياً أفادت معلومات أنه مرتبط بالسفينة التي أقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وكانت خلف الانفجار الكبير الذي هز المدينة الثلاثاء.
وأكد متحدث باسم الشرطة القبرصية «طلبت منا السلطات اللبنانية تحديد مكان هذا الشخص وطرح الأسئلة عليه، وهذا ما قمنا به».
وأضاف أن «تلك الأجوبة أرسلت إلى لبنان»، مشيراً إلى أنه لم يتم توقيف الرجل الذي يدعى إيغور غريتشوشكين بل خضع فقط للاستجواب بشأن حمولة السفينة بطلب من مكتب الشرطة الدولية (الانتربول) في لبنان.
وحضّ صندوق النقد الدولي في بيان له امس لبنان على تخطي العقبات في النقاش حول إصلاحات أساسية.
وشدّد الصندوق على أنّه «من الضروري تخطي العقبات في المحادثات حول إصلاحات أساسية ووضع برنامج جدي لإنعاش الاقتصاد».
على صعيد المساعدات الطبية والعينية، وصلت ليل أمس الطائرة الآتية من دولة الإمارات.
وبتوجيهات من خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وانطلاقاً من حرصه على الوقوف إلى جانب الأشقاء في لبنان، أعلنت الخارجية عن تقديم مساعدات إنسانية عاجلة عبر مركز الملك سلمان للاغاثة والأعمال الإنسانية.
وكشف ماكرون ان حاملة طائرات هليكوبتر ستغادر فرنسا الأسبوع المقبل محملة بأدوية للبنان.
وأظهرت وثيقة صادرة عن مصرف لبنان المركزي وموقعة من الحاكم رياض سلام أنه قرر تجميد حسابات رئيس ميناء بيروت ورئيس إدارة الجمارك اللبنانية وخمسة آخرين بعد انفجار الميناء.
وذكرت الوثيقة، الصادرة بتاريخ أمس 6 آب عن هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أن القرار سيُرسل إلى كل البنوك والمؤسسات المالية في لبنان والنائب العام لدى محكمة التمييز ورئيس الهيئة المصرفية العليا.
وأوضحت الوثيقة أن تجميد الحسابات ورفع السرية المصرفية عنها سينفذ على الحسابات المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالمدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم والمدير العام لإدارة الجمارك بدري ضاهر وخمسة آخرين منهم مسؤولون حاليون وسابقون في الميناء والجمارك.
وقال قريطم وبدري لمحطات لبنانية أمس الاول إن عددا من الخطابات أرسلت على مدار سنوات لجهات قضائية تطلب التخلص من المواد شديدة الانفجار المخزنة بالميناء والتي انفجرت الثلاثاء المقبل.
وبناء على ذلك، قرّر المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، وبناء على قرار هيئة التحقيق الخاصة منع سفر هؤلاء.
وكشف مفوض الحكومة بالانابة القاضي فادي عقيقي، ان «الموقوفين حاليا على ذمة التحقيق بلغ عددهم 16 شخصا، بينهم قريطم، فضلا عن آخرين متروكين رهن التحقيق»، مشيرا إلى ان «التحقيقات مستمرة لتشمل كل المشتبه بهم الآخرين، توصلا لجلاء كل الحقائق المتعلقة بهذه الكارثة، وستتابع من قبل النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسّان عويدات بناء للطلب، استكمالا للاجراءات المتخذة من قبله».
على الأرض، وداخل مرفأ بيروت حيث وقع الانفجار استمرت عمليات البحث عن المفقودين على وقع إضاءة من مصابيح وادوات للإنارة للبحث ليلاً.
وكان مصدر أمني أعلن أمس ان عدد القتلى ارتفع إلى 145 شهيداً، وعدد الجرحى تجاوز الـ5 آلاف.