إفتتاحية “البناء”.. إليكم ما تضمنته
2020-07-24 06:55:50
تحت عنوان “طائرات حربيّة أميركيّة أو «إسرائيلية» تعترض طائرة مدنيّة إيرانيّة فوق سورية نحو لبنان؟/ باريس: لا طلبات إصلاحيّة ولا خطط دعم مشروطة… بل تأكيد لمرجعيّتها المسيحيّة/ كورونا يقرع جرس الإنذار بالتفشّي… والمصارف تسرِّب خلافات مع الحكومة للتنصُّل”، كتبت صحيفة البناء في افتتاحيتها:
لخّصت مصادر تابعت زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى بيروت نتائج الزيارة التي ستنتهي اليوم، بالقول إن فرنسا أرادت تأكيد الاهتمام بلبنان ونفي فرضية التخلي عن مساعدته وإخلاء الساحة لمبادرات منافسة للمحور الغربي، لكنها انضبطت بالسقوف الأميركية التي تمنع تقديم أي وصفات إصلاحية تعطي معنى للكلام عن أولوية الإصلاح على المساعدة، ونظرية ساعدونا لنساعدكم، فلم يعرض لودريان ما سبق وتحدث عنه وزير المالية الفرنسية برونو لومير قبل شهور في محادثات هاتفية مع مسؤولين لبنانيين أعقبت مشاركته في اجتماع وزراء مالية دول قمة العشرين الذي دعا خلاله لفصل تعافي لبنان عن المواجهة الأميركية مع إيران، مقدّماً صيغة لخطة دعم مشروطة بإجراءات محددة، بحيث لا يمكن تسييل المساعدات في كل قطاع تطاله عناوين مؤتمر سيدر، إلا باكتمال الشروط المرافقة، وبفصل مؤتمر سيدر عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لكون المسارين مختلفين كلياً، بين مساعدة الدولة اللبنانيّة على ضخ سيولة في نظامها المصرفي، ومساعدة قطاعات خدميّة لبنانيّة على النهوض ضمن سلة قروض ميسرة. وقالت المصادر خط التمايز الفرنسي لا يزال محصوراً بنقطتين، الأولى تأكيد عدم التخلي عن لبنان، والثانية تثبيت المرجعية المسيحية لباريس، وفتح الباب لمساعدات للقطاعين التربوي والصحي لمؤسسات ذات طابع مسيحي بدلاً من الدولة ومؤسساتها.
بالتوازي كانت تأكيدات لودريان على التجديد لقوات اليونيفيل وعدم وجود أي مشروع جدي لتعديل مهامها، متزامنة مع حال التوتر التي تسود الوضع الحدودي جنوباً بعد استشهاد أحد مجاهدي المقاومة خلال الغارة التي شنتها طائرات جيش الاحتلال قرب مطار دمشق، وزاد التوتر مع حادثة التعرّض لطائرة مدنية إيرانية متجهة إلى بيروت خلال مرورها في الأجواء السورية، من قبل طائرات أميركيّة وفقاً لمصادر على إطلاع بمسار الطائرة الجوي، قالت إن الاعتراض الذي تبنته وسائل إعلام “إسرائيلية” بلسان مصادر عسكريّة في جيش الاحتلال يهدف لرسم خط أحمر أمام الطيران الإيراني المدني في مناطق معينة من الأجواء السورية، وفقاً لرسائل أميركية بهذا الخصوص، والتبني الإسرائيلي لا يغيّر من هذه الحقيقة، لأنه محاولة لتجنب التصعيد مع إيران من الجانب الأميركي، وإضافة الحادث إلى ملف التصعيد بين كيان الاحتلال والمقاومة.
في الشؤون اللبنانية الداخلية قضيتان على السطح، الأولى تكرار تسجيل أرقام عالية بإصابات وباء كورونا، تتخطى المئة يومياً ما يجعل التفشي أمراً واقعاً، ويجعل الاحتواء أشدّ صعوبة، خصوصاً مع التفلت المتمادي من إجراءات الوقاية، واعتماد الكمامات والتباعد الاجتماعي، حيث المناسبات الاجتماعيّة تشهد حشوداً بالمئات بلا ضوابط، والمارة يتجاهلون في المدن والأماكن العامة إلزاميّة الكمامات، فيما حذّر وزير الصحة من أن يكون لبنان دخل مرحلة جديدة من التفشي تزيد القدرة على السيطرة تعقيداً، أما القضية الثانية فكانت التشوش الذي عاشه الملف المالي في ظل تسريبات عن جمعية المصارف تتحدّث عن خلافات مع وزارة المال حول مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهو ما نفته جمعية المصارف ووزارة المال علناً، لكن مصادر على صلة بالملف المالي أكدت أن مصدر التسريب هو المصارف في سياق رسائل مشفرة تهدف لتنصل المصارف من تحمل أي مسؤولية في أي نصيب من الخسائر المالية التي تتم مناقشة أرقامها، وتحاول تقديم موقفها بمزاعم الدفاع عن حقوق المودعين.
وفي تطوّر عسكري خطير، اعترضت طائرات تابعة للعدو الإسرائيلي مساء أمس، طائرة ركاب إيرانية متوجهة إلى بيروت فوق الأجواء السورية. وأدت عملية الاعتراض إلى إصابة عدد من ركاب طائرة خطوط «ماهان» الإيرانية بجروح جراء الانخفاض والارتفاع المفاجئ. ووفقًا لمعلومات وبيانات الطائرة، فإن السجل يظهر مساراً صحيحاً وطبيعياً، ولم تتخذ الطائرة أي إجراء عاجل أو مناورة هرباً من هجوم أو خطر. واعلن مصدر في الطيران المدني اللبناني أن «طائرة مدنية إيرانية تم اعتراضها من طائرة حربية يعتقد أنها أميركية في أجواء سورية».
وسجل تحليق للطيران الاسرائيلي المعادي فوق مرجعيون وعدد من القرى الجنوبيّة.
جال لودريان على المقار الرئاسية، حيث أبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «لبنان يتطلع الى مساعدة فرنسا في مسيرة الإصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية في إطار الخطة التي وضعت للتعافي المالي والاقتصادي»، وشدّد عون على «تمسك لبنان بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701»، شاكراً لفرنسا «الدور الذي تلعبه دائماً في إطار التجديد سنويا للقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل». واعتبر ان «الدعم الفرنسي للبنان اساسي في هذه المرحلة، وفي ذلك فائدة متبادلة للبلدين الصديقين.
في المقابل، نقل لودريان الى الرئيس عون رسالة شفهية من نظيره الفرنسي أكد فيها «وقوف فرنسا الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، كما كانت دائماً وعبر التاريخ». وقال ان بلاده «مصممة على مساعدة لبنان وهي تتطلع الى إنجاز الإصلاحات الضرورية التي يحتاج اليها»، مؤكداً «ان مفاعيل مؤتمر «سيدر» لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية بهذا المؤتمر عند انعقاده في باريس». واشار الوزير الفرنسي الى ان «باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنسية في لبنان واللبنانية، لمواجهة الازمة الراهنة وهي تشمل اكثر من أربعين مدرسة ستلقى دعماً مالياً في اطار الدعم الذي تقدمه فرنسا للمدارس التي تدعمها في الشرق».
وكان الوزير الفرنسي زار السرايا الحكومية واجتمع برئيس الحكومة الدكتور حسان دياب وجرى البحث في الإصلاحات المطلوبة لترجمة مقررات مؤتمر سيدر، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وتطرّق المجتمعون بحسب بيان السرايا إلى المشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، والجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجتها. كما تناول البحث أيضًا التجديد لقوات «اليونيفيل»، وملف اللاجئين السوريين. وشكر الرئيس دياب فرنسا على الدعم الذي تقدمه إلى لبنان.
وبحسب المعلومات فإن لودريان لم يتحدث عن خطة مساعدة بل عبّر عن اهتمام بلبنان وبالإصلاحات وأكد الاستعداد للمساعدة، مشيراً الى أن مساعدات مؤتمر سيدر قائمة وتنتظر استكمال الإصلاحات. وحمل لودريان رسالة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتأكيد الوقوف الى جانب لبنان وتعزيز العلاقات وعبّر عن اهتمام باستقرار لبنان وتشجيع على التفاوض مع صندوق النقد. وأبلغ الرئيس دياب لودريان بأن لبنان ينظر الى فرنسا كصديق تاريخي وقف الى جانب لبنان في المحطات الصعبة. وقال دياب: «انا على ثقة أنها لن تتخلى عنه اليوم وأنجزنا إصلاحات وواجهتنا عقبات ووضعنا جدولاً زمنياً لإنجاز باقي الاصلاحات».
وأشارت مصادر واكبت زيارة لودريان لـ»البناء» الى أن «زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية الى لبنان في ظل الحصار الأميركي الخليجي المفروض عليه بحد ذاتها تعبر عن اهتمام فرنسي بلبنان وضخ جرعات دعم سياسي ومعنوي وتعكس تعديلاً جوهرياً بالسياسة الفرنسية تجاه لبنان بشكل يخالف ويتناقض مع السياسة الأميركية، اذ إن المطلوب اميركياً عزل لبنان والمزيد من الضغوط والحصار حتى انتزاع مكاسب سياسية وامنية واقتصادية ونفطية وإن أدى ذلك الى المس بالاستقرار الأمني، لكن الدخول الفرنسي على الخط في اللحظات الحرجة والاستعداد للمساعدة يفتح آفاقاً جديدة ويشجع الصمود اللبناني تمهيداً لوضع برنامج للمساعدة الفرنسية». ولفتت المصادر الى أن «الفرنسيين مقتنعون بمساعدة لبنان لكنهم يشددون دائماً على ضرورة أن يساعد لبنان نفسه». واضافت المصادر بأن «الرسالة الفرنسية هي الدعم المعنوي للبنان ورفض سياسة الحصار التي تؤدي للانهيار، لكن على لبنان القيام بالمطلوب منه لجهة الاصلاحات في الإدارة والقضاء والمالية العامة ومكافحة الفساد وضبط التهريب». كما كرر وزير الخارجية الفرنسي موقف باريس بعدم تخفيض عديد قواتها في لبنان وتأكيده استمرار بلاده دعم القوات الدولية في الجنوب.
وكان لودريان زار عين التينة والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبحسب المعلومات فإن لودريان لم يتطرّق في لقائه مع الرئيسين عون وبري ورئيس الحكومة بموضوع الحياد، كما لم يزر لودريان أياً من القيادات والقوى السياسية بعكس المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان.
في غضون ذلك ووسط عاصفة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تجتاح لبنان، عاد الخلاف بين مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة والحكومة ووزارة المال من جهة ثانية الى الواجهة رغم تأكيد أوساط السرايا ومصادر وزارة المال لـ»البناء» بأن «الخلاف قد انتهى وتم الاتفاق على أرقام الخسائر على أن يتم الاتفاق على توزيعها وسط الحديث عن صندوق سيادي للتعافي يشمل أصول الدولة وأملاكها والعمل على استثمارها لتحقيق عائدات مالية تساهم في سد الدين العام. وهذا ما بحثته لجنة الاقتصاد والتخطيط النيابية مع رئيس الحكومة منذ أيام».
وأفادت مصادر إعلامية أمس، أن المصارف تتجه الى الانسحاب من المفاوضات مع وزارة المال وشركة لازارد لإصرار الوزارة على عملية «الهيركات»، الأمر الذي ترفضه المصارف. لكن جمعية المصارف نفت هذه المعلومات وأكدت أن هذا الخبر عارٍ من الصحة وتمنت على وسائل الاعلام توخي الدقة في نقل الأخبار وألا تعتمد اي خبر غير صادر عن الجمعية». كما نفت مصادر مصرفية لـ»البناء» انسحاب المصارف من المفاوضات، مشيرة الى أن «جمعية المصارف تفعل ما في وسعها للوصول الى وجهة نظر وأرقام موحدة، لكن الطرف الآخر لا يريد أخذ بعين الاعتبار رأي المصارف والتفرد بالأرقام».
في المقابل اشارت مصادر معارضة لسياسة مصرف لبنان والمصارف لـ»البناء» الى أن «جمعية المصارف ترفض تحمل جزء من الخسائر وتعمل ما بوسعها لإجهاض الخطة الحكومية». وأوضح خبراء ماليون واقتصاديون لـ»البناء» أن «ازمة الودائع مرتبطة بوضع المصارف المرتبط بالمفاوضات مع صندوق النقد، وصندوق النقد يأخذ بعين الاعتبار الديون الخارجية، كما ان وضع المصارف مرتبط بانتهاء مسألة إعادة هيكلة المصارف بعد تشكيل لجنة في مصرف لبنان لهذه الغاية، وبالتالي الخيار المتوفر حالياً هو دفع الودائع للمودعين بالليرة اللبنانية بسبب عجز المصارف عن دفعها بالدولار الا بعد نجاح مفاوضات الصندوق وحصول لبنان على دعم مالي». وأوضح الخبراء عن لجنة مصرف لبنان لإعادة هيكلة المصارف أن «هذه اللجنة لا تتخذ قرارات بل فقط ترفع تقريراً لحاكم مصرف لبنان لإعادة هيكلة المصارف وهي خطوة ملحة ومطلوبة».
وبحسب المعلومات يعقد اليوم اجتماع حاسم بين جمعية المصارف ووزارة المال من دون شركة لازارد لمناقشة الموقف من الهيركات والذي تصر الجمعية على رفضه رفضاً تاماً.
واوضح وزير المالية غازي وزني في حديث تلفزيوني أننا «فتحنا الباب مع الصندوق الدولي للنقد وأرسلنا لهم خطة واطلعوا عليها وقمنا بـ 17 جلسة معهم وهم يستمعون لنا ونسمع لملاحظاتهم».
واكد وزني أن «البلد ليس مفلساً ولديه ممتلكات والمشكلة هي أن أموال اللبنانيّين موجودة في المصارف، ولكن لم يعد بإمكانهم استخدامها»، ولفت الى أن «خطّة الحكومة غير منزلة وقابلة للتعديل والأرقام صحيحة وبالنسبة للصندوق هي الأكثر دقّة».
وفيما أصدرت وزارة الداخلية بياناً لتشديد اجراءات الوقاية من كورونا، نبّه وزير الصحة العامة حمد حسن إلى «أننا دخلنا المرحلة الرابعة من انتشار فيروس «كورونا» وهي المرحلة التي تعني الانتشار المجتمعي»، لافتاً إلى أن الفيروس منتشر في 3 مناطق أساسية». وقال في تصريح «إن فتْح المطار وتعدُّد الدول المصابة بـ «كورونا» شكّلا سبباً مباشراً لارتفاع عدد المصابين والمسؤولية مشتركة، منها عدم انضباط بعض الوافدين وحفاوة استقبالهم من دون اتباع الإجراءات اللازمة». وتخوّف حسن من «عدم قدرة المستشفيات على الاستيعاب»، قائلاً «المشكلة ليست في الرقم بقدر ما هي في مزاحمة أسرّة العناية الفائقة، والوضع التصاعدي الخطير يجعلنا نأخذ جملة تدابير للدرس تماشياً مع الواقع الذي يتغيّر يومياً». وأكد أن «لا إقفال للبلد، أما عزل المناطق والأحياء والأبنية فهو خيار وارد».
Diana Ghostine